منتدى الناقد الإعلامي

السلام عليكم , للمشاركة اختر ( دخول | تسجيل )



ملتيميديا

مقتطفات فيديو من انتاج الشبكة

> النظام التعليمي في ظل غياب الخلافة
الخلافة خلاصنا
المشاركة Oct 22 2016, 12:51 PM
مشاركة #1


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



النظام التعليمي في ظل غياب الخلافة


للتعليم أهمية كبيرة جدا في بناء الأجيال في أي بلد ومجتمع، وتنبع أهميته بالذات في المدارس من أنه يستهدف صغار السن، الذين يمكن تشكيلهم بسهولة من قبل الجهاز التربوي والتعليمي في البلد، لأنهم سيكونون قادة المستقبل وجنوده وأهله، وإن من أهم الأعمال التي عمل الاستعمار جاهدا على الولوج إليها هو الجهاز التعليمي والتربوي، قبل هدم الخلافة عن طريق العملاء الفكريين للاستعمار، وبعد هدم الخلافة والسيطرة على البلاد عن طريق عملائه والتدخل في صياغة المناهج، تدخل بشكل سافر في العملية التعليمية، وما زال يسهر ويحرص على وضع المناهج التي توافق الأفكار الغربية.

وهنا لا نقصد أن الغرب تدخل فقط في موضوع المناهج، ولكن للمنهاج الأهمية القصوى في العملية التعليمية كونه يشكل عقول الطلبة بما يريده من مفاهيم وأفكار.

وعندما نقول الغرب فإننا بشكل ضمني نتحدث عن الحكام في العالم الإسلامي الذين هم الأداة التي ينفذ بها المستعمر خططه في العالم الإسلامي، فهم عملاء ووكلاء للاستعمار في تدمير العملية التعليمية وتغريب مفاهيم الطلاب وإفسادها ونشر الجهل بينهم، ولكن كل هذا بإيعاز من الاستعمار.

إذن الحكام الحاليين لا يريدون للعملية التعليمية أن تنتج أجيال واعية متعلمة، لأن هذا يهدد الظلم والقمع الذي يحاولون فرضه على الناس، بل يريدون أجيالا جاهلة بعلوم الدنيا والأهم جاهلة بالمبدأ الإسلامي الذي هو الروح والقوة لإنهاض المسلمين؛ نعم المعارف الإسلامية وكل علم انبثق عن العقيدة الإسلامية والثقافة الإسلامية لا يريد الحكام للأجيال أن تتعلمها، ويحاولون جاهدين بما لا يحدث ثورة عليهم أن يزيلوها من المناهج، إذ لو استطاعوا لعلموا أبناءنا الكفر الصراح من أول يوم، ولكنهم يحسبون حسابا لردة فعل الناس، وأما في صعيد العلوم الحياتية التي تتعلق بالأمور المدنية فيحاولون جاهدين أن لا يكون المسلمين عندهم تقدم في هذه الأمور، لأنهم يريد للمسلمين أن يبقوا سائرين مثلهم تحت تبعية الغرب الكافر.

هناك جانب مهم جدا يتعلق بالناحية الإدارية والتنظيمية قد لا يطلع عليه بشكل جيد ودقيق إلا المعلمين أو أساتذة الجامعات أو من يقومون على شؤون التعليم، وله أثر فاعل في تدمير العملية التعليمية، فسنطرح بعض النقاط التي يمكن لغير العاملين في المجال التربوي استيعابها بسهولة، ليدركوا ويعوا كيف أن تدمير عملية التعليم لا يقتصر على المناهج الفاسدة، وهذه الأمور التي سنطرحها هي للمثال وليست للحصر، ومن هذه الأمور:

• الدول في العالم الإسلامي لا تهتم ببناء المدارس والمستشفيات والمساجد إلا ما ندر وإلا لهدف يرفع من أسهمهم، بل يتم هذا الأمر في الغالب من الأهالي أو من مؤسسات غربية لها أهداف استعمارية في العالم الإسلامي، بينما ترى الحكام يهتمون جدا ببناء المراقص ودور اللهو والبرامج التلفزيونية المفسدة، وإنتاج المسلسلات والأفلام التي تدمر أي قيمة إسلامية في نفوس المسلمين، ويدعمون أي برنامج إفسادي في البلد، ويهتمون بالإنفاق الكبير على بناء السجون والمعتقلات ودعم أجهزة المخابرات، وكل ما من شأنه تثبيت القمع والظلم والخوف في البلد.
• المناهج المتعلقة بالعلوم الحياتية كالرياضيات والعلوم والفيزياء والكيمياء والتكنولوجيا موضوعة بطريقة تناسب الأذكياء فقط، وتقدر أن الطالب يفهم بسرعة البرق، ولذلك نجد أن 5% يستوعبون الكتاب المقرر وما فيه من تمارين ومسائل، ونسبة 40% تقريبا تستوعب الفكرة العامة للدرس، والبقية يكون المنهاج عليهم صعبا أو تستوعب أسهل التمارين في الدرس، ففي المناهج القديمة قبل أكثر من 25 عاما تقريبا اذكر أن الفكرة تطرح وتطرح عليها عشرات التمارين السهلة ثم الصعبة ثم قليل من المسائل الصعبة حتى يتم استيعاب الفكرة للدرس بطريقة جيدة، وكان عدد الأفكار المطروحة اقل مما هي عليه الآن، مما يمكن الطالب من استيعابها رغما عنه، ومع ذلك كان فيها بعض السوء ولكن ليس كمناهج اليوم، أما اليوم فمناهج محشوة بكمية كبيرة جدا من الأفكار والوحدات الدراسية، وتمارينها وأسئلتها صعبة جدا، والكتاب المقرر طويل، والمعلم يريد أن ينهي المنهاج حتى لا تتم محاسبته، فينهي درس تلو درس والطالب لم يستوعب فكرة الدرس.
• كثرة الكتب والمواد المقررة للطالب الصغير، فتجد أن طالب الصف الأول الابتدائي يدرس عشرة كتب تثقل ظهره عند حملها، مع أن طالب الصف الأول والثاني تقريبا لا يحتاجان إلا كتابان اثنان هما كتاب لفهم اللغة قراءة وكتابة وكتاب علمي لفهم الأسس الصحيح للعمليات الحسابية وبعض العلوم العامة في الحياة، لأن أي طالب لا يتقن القراءة والكتابة والحساب لا يمكن أن يفهم شيئا من العلوم أبدا، فنجد أن الطالب يترفع من صف إلى صف حتى يصل الصف السابع والثامن والتاسع وهو لا يتقن القراءة والكتابة والحساب، فكيف سيستوعب بقية المواد إن لم يدرك أدوات فهم العلم وهي القراءة والكتابة والحساب. أضف إلى ذلك إضافة مادة اللغة الأجنبية أو الانجليزية، فالطالب الصغير عندها سيحصل عنده تشويش كبير من كثرة الكتب واللغة الأجنبية فيرفع من صف إلى صف وهو ضعيف جدا في القراءة والكتابة والحساب.
• أعداد الطلاب في المدارس دائما كبيرة جدا، فالصف الذي يتسع لـ (20) طالبا يضعون فيه 40 أو 50 طالبا، وهذا له أسباب كثيرة منها قلة المدارس وعدم اهتمام الحكومة ببناء المدارس، وهذا يؤثر على العملية التعليمية للطلاب، فحصة دراسية وقتها مثلا أربعون دقيقة، ستكون مثمرة أكثر لـ (20) طالبا وسيهتم المعلم بهم بشكل أكبر ويتابع تعليمهم ونقاط ضعفهم وسيكون الصف أكثر هدوءا وأقل مشاكل بين الطلاب، بينما لو كان الصف فيه أعداد كبيرة فان فرصة الطالب من متابعة المعلم ستقل، وسيكثر الشغب في الصف وتكثر المشاكل، والسعيد من الطلبة من استوعب المعلومة لوحده فورا من المعلم، أما الطالب الضعيف فلا حظ له هنا وذلك لكثرة الطلاب، هذا عدا عن الناحية الصحية لتلوث هواء الغرفة الصفية من كثرة الطلاب، وهناك مدارس شاهدتها أن الطالب لا يجد طاولة يجلس عليه بل تراه يجلس على الشباك أو على الأرض وذلك لعدم اتساع الغرفة الصفية لهم.
• كثرة العبء الدراسي على المعلم، فالمعلم يخرج من حصة ويدخل أخرى وربما يحصل على استراحة واحدة من كل سبع أو ثماني حصص، وهذا يرهق المعلم كثيرا، فلا يجد وقتا للراحة للتحضير للحصص القادمة، ولا يجد وقتا لتنمية معلوماته، ولا لمتابعة أعمال الطلاب الكتابية، وترى وزارة التربية تركز على الأمور الشكلية مثل توثيق كل عمل يقوم به، وهذه تأخذ من العلم وقتا كبيرا، فما أن يغادر المعلم المدرسة إلا ورأسه يؤلمه وشديد الضجر من العبء الدراسي اليومي، وهذا لا شك يقلل من عطاء المعلم للطلاب، ففرق كبير بين معلم نصابه الأسبوعي 12 حصة أسبوعية وبين معلم يعطي 18 عشر حصة أسبوعية، وبين معلم نصابه الأسبوعي 25 حصة أسبوعية، فالأكيد أن كثرة العبء على المعلم تؤثر في عطائه، هذا وان هناك نظام التنصيص في بعض الدول، أي أن المدرسة إذا احتاجت 10 حصص من العلوم، ومدرسة أخرى احتاجت عشر حصص أخرى من العلوم، فإنهم يطلبون من المعلم أن يداوم يوم في مدرسة ويوم آخر في مدرسة أخرى، وهذا يؤثر على عطاء المعلم بشكل أكيد، وهناك نظام الفترتين، أي أن المدرسة تداوم فترة صباحية لطاقم تعليمي وطلاب،وفترة مسائية لطاقم تعليمي آخر وطلاب آخرين، وهذا يؤثر على الوقت المخصص للدراسة بشكل أكيد، ويرهق الطلاب والمعلمين، وهذا كله بسبب أن الوزارة تريد قدر الإمكان أن لا توظف معلمين أكثر، أو تبني مدارس أكثر وهذا يعني طاقم تعليمي جديد، وتوفر على الحكومة والدولة ولو على حساب تدمير العملية التعليمية.
• راتب المعلم الضئيل القليل الذي لا يكفيه أعباء الحياة، وهذه دفعت الكثير من المعلمين أن يبحثوا عن أعمال أخرى بعد وظيفتهم، وهذا يجعل المعلم ينتقل من تعب إلى تعب آخر، وفي صباح اليوم التالي يأتي إلى المدرسة متعبا بشكل كبير مما يؤثر في عطائه للطلبة، وهذا جعل المعلمين محل تندر من أنهم فقراء يحتاجون حسنة من الناس، وجعل هذا البعض من غير المعلمين يسخرون من المعلم ويجعلونه موضع نكات، مما ينفر من العلم والتعليم، حتى أصبح من يرسب في المدرسة يفتخر بذلك لأنه غدا سيعمل تاجرا ويوظف عنده بعض المعلمين في محلاته على سبيل المثال.
• القوانين التربوية التي تصدر كلها لا تصب أبداء في صالح الطلبة والعملية التعليمية، فمثلا يمنع ترسيب الطلاب إلا بنسبة 5% مثلا، وهذا يعني انه إذا كانت نسبة الراسبين 15% فان 10% تلقائيا يرفعون للصف التالي والذي يليه وهكذا، حتى يصل الطالب في الصف العاشر مثلا وهو لا يستطيع القراءة والكتابة والحساب، وهذا بسبب ترفيعه التلقائي ولان هناك من هو اقل فهما للعلم منه، وهكذا أصبحت مدارسنا تحصي نسبة الأمية فيها وقد أصبحنا نسمع عن أرقام صادمة تصل 70% لا يقرؤون ولا يكتبون ولكنهم في الصف الخامس مثلا، الذي يفترض أن الطالب قد تجاوز هذه الإشكالية، وهذا يؤدي إلى أن يصل هذا الطالب إلى التوجيهي ويتم ترفيعه تلقائيا والى الجامعة ويتم تخفيض الإجراءات فيها كي ينجح، ثم ينتقل إلى الحياة طبيبا أو معلما أو مهندسا وهو ضعيف، وانظر حينها إلى المصائب الحاصلة... فالحكومات ترى أن ترسيب من يستحق الترسيب وذلك لقلة استيعابهم أو عدم إتقانهم النواحي العلمية يعني مدارس أكثر لهذه الفئة، مدارس لبطيئي الفهم أو مدارس مهنية أو مدارس حرفية وصفوف أكثر ومعلمين أكثر وربما فتح الكثير من المدارس والتي يمكنها استعياب من لا يتقنون المواد العلمية والثقافية بشكل جيد، وهذا يثقل الميزانية كثيرا، ولذلك تقليل نسبة الرسوب يوفر على الدولة الملايين ولو على حساب خروج الآلاف من المدرسة دون نتيجة لعملية التعليم.
• منع الضرب والعقاب للطلاب مما أثر على العملية التعليمية، فزادت مشاغبات الطلاب في الصف، وزاد تمردهم على المعلمين، حتى أصبحنا نسمع كثيرا عن معلمين يتم ضربهم من قبل الطلاب، وزيادة نسبة المشاغبات في الصف تؤثر على العملية التعليمية بشكل كبير جدا، فصف مليء بالفوضى يكون تعليم الطلاب فيه سيئا جدا، وعندما قلنا عن قانون منع العقاب، يعني أن الطالب لو توجه وشكا المعلم لأنه ضربه فهذا يعرض المعلم للإنذار أو السجن وربما الطرد من الوظيفة، فيصبح المعلم لا يهتم كثيرا بضبط الصف من المشاغبات، المهم أن يعطي حصته بأي شكل، تعلم الطلاب أو بقوا على جهلهم. وهذا لا يعني أن الضرب وسيلة لازمة للتعليم، ولكن يلزم كثيرا في موضوع تأديب الطلاب الذين في غالبهم أطفال لا يفقهون مصلحتهم ويحبون اللعب واللهو، فان لم ينضبطوا فلا عملية تعليمية ناجحة، وتحصل الصورة العكسية أنه من كثرة مشاغبات الطلاب بسبب الجو غير الإسلامي الذي نحياه يتم استفزاز المعلم بشكل كبير جدا فيقوم المعلم أحيانا بإيذاء الطالب من كثرة ضربه، وهذا أيضا أمر يضر بالعملية التعليمية والمعلم والطالب.
• وضع معلمات يعلمن الطلاب الذكور، ومعلمين يعلموا الفتيات، وتعمل الوزارات أيضا على الاختلاط قدر الإمكان بين الطلاب، لان هذه الخطط هي خطط غربية تهدف إلى كسر الحواجز بين الجنسين كي يتم إفساد الأخلاق بشكل أكبر، ووجود الجنسين معا يصرف نظر الطلاب عن التعليم إلى المعاكسات والتحرشات ومحاولة إظهار الشباب لرجولتهم والإناث لجمالهن أمام الجنس الآخر، مما يضر بالعملية التعليمية بشكل كبير جدا، وقد أثبتت دراسات غربية أن المدارس المختلطة ينخفض فها المستوى التعليمي عن المدارس غير المختلطة، وهناك توصيات من خبراء تربويين غربيين لفصل الجنسين في المدارس كي تثمر العملية التعليمية أكثر، ونحن ندرك خطره قبل تنفيذه لأنه فعل حرام ولا خير في تطبيق برامج محرمة على الطلاب، ونرى الآثار المدمرة لهذا البرنامج في الغرب.
• الأعمال الغير منهجية التي تقوم بها شركات ومؤسسات غربية أو نسوية كلها تصب في إفساد أخلاق الطلاب والطالبات، ودائما تأخذ هذه الأعمال الموافقة من الوزارة، مثل يوم ترفيهي للرقص، ويوم ترفيهي لزيارة الطلاب الذكور لمدارس الإناث، يوم لتوعية الطلاب على الجنس، ويوم للتحذير من المخدرات وضررها فيتم تبصير الطلاب بالمخدرات مع أنهم لم يسمعوا عنها في حياتهم، ويوم لتحذير الفتيات من الزواج المبكر والعمل على تمردهن على الأسرة ويوم ترفيهي لزيارة أماكن تفسد أخلاق الطلاب، ويوم لتعليم الطلاب كيف يفتتحون حسابا ربويا في البنك... وهكذا، ولأن هذه الأعمال تفسد الأخلاق يتم الموافقة عليها من الوزارة، أما أن يتقدم شيخ مثلا لوعظ الطلاب من خارج المدرسة، فهذه أمور يتم رفضها، لان هذا غير مقبول وقد يعلم الطلاب أمور "متطرفة" غير مقبولة عند النظام الحاكم.
• عدم الأمان للمعلم، فان تم الاعتداء على معلم من قبل الأهالي والطلاب، فان الشرطة لا تهتم كثيرا بهذا الأمر في غالب الأحيان، فيفقد المعلم هيبته ورغبته في التدريس، بينما نرى الدول لو تم الاعتداء على شرطي فإنها تقيم الدنيا ولا تقعدها لان هيبة رجل الأمن من هيبة الدولة.
• اعتماد طرق التدريس اليوم كثيرا على التحفيظ بدل طريقة الدراسة الفكرية المؤثرة، أي التي تؤثر في سلوك الطالب فيندفع في حياته لتطبيقها والدعوة إليها والدفاع عنها، وهذا الخلل يحصل بالذات في المعارف التي يدرسها الطالب، فيدرس الطالب أمورا ويتم تحفيظه إياها، بينما الواقع مختلف تماما عما يدرس، فيحصل عنده انفصام بين ما يتعلمه وبين الواقع المعاش المختلف، وهذا بسبب أن الفكر الموجود في المناهج مبني على أساس علماني يختلف عن العقيدة الإسلامية التي يعتنقها الطالب، فيدرس الطالب أن السارق في الشريعة الإسلامية تقطع يده ولكن في الواقع لا يجد أن السارق تقطع يده، فيحصل هنا عنده خلل في الفهم بين ما يدرسه وبين الواقع، فيضطر لحفظ هذه المعلومة مجرد حفظ كي ينجح في التعليم ليس إلا، ومثلا يتعلم أن اليهود أعداء للمسلمين ولكنه يرى أن زعيم بلاده يقيم علاقات مع يهود فيحصل الاضطراب في فهم المعلومة، وقس على ذلك الكثير من الأمثلة، مع أنهم اليوم يعملون على إخراج هذه الأفكار من المناهج لتكون بعيدة جدا عن الإسلام.
• تعلم تخصصات لا يوجد لها مكان عمل أو مكان عملها الهجرة إلى بلاد الغرب، ونتكلم هنا عن الجامعات، فنجد أن تخصصات التعليم المسموحة في بلادنا محصورة في التعليم والتطبيب والهندسة المدنية أو المعمارية بشكل كبير جد، وأقل درجة في تخصصات الصناعة والزراعة، ونقصد هناك بالصناعة الصناعات التجميعية، أما الهندسة في مجال صناعة الآلات وصناعة مصنع الآلات واستخراج الثروات من باطن الأرض، والعلوم النووية وهندسة الطيران وصناعة الأسلحة، فهي شبه معدومة عندنا، والسبب أن الأمة لن تتقدم صناعيا إلا إذا امتلكت صناعة مصنع المصانع وصنعت أسلحتها بنفسها، أما ما دمنا نستورد الأسلحة ونستورد القطع من بلاد الغرب والمحركات والالكترونيات ونقوم فقط بتجميعها في بلادنا، فسنبقى متخلفين صناعيا وتكنولوجيا.
• عدم قيام الدولة بتنظيم الدراسة الجامعية، أي حسب ما تحتاجه البلد، فتجد مثلا أن الآلاف يدرسون الهندسة ولا يوجد مكان عمل إلا لنصفهم فقط، بينما في مجال آخر يكون هناك شح في هذه الدراسة، وهذا يكثر من جيوش العاطلين عن العمل، ويجعل الطالب الجامعي يتوجه إلى عمل آخر ولا تستفيد الدولة من شهادته ودراسته أبدا، وهذا يؤدي إلى عملية إحباط من الدراسة الجامعية التي لا يتمها الطالب إلا بعد أن يفرغ جيوب والده من النقود لكثرة مصاريف التعليم الجامعي.



أضف إلى ما ذكرناه الجو الغير الإسلامي والضنك الذي فيه المسلمون والذي نحياه هذه الأيام لا يشجع أبدا على التعليم، ففقر مدقع وتعليم مرتفع الأجور وبطالة كثيرة تنتظر الخريجين وحاجة ملحة للأسرة للمال وهجرة بسبب سوء الوضع السياسي وبسبب الحروب تجعل الكثير من الطلاب يتركون الدراسة، واسطة ومحسوبية، والرجل غير المناسب يوظف، وتمييز بين الطلاب والمعلمين والمدارس، وتسرب مدرسي بسبب ضيق الحال، فساد عريض منتشر لا يشجع على التعليم، والسبب هو سبب مبرمج من قبل الحكام الحاليين لتدمير العملية التعليمية ولكي لا ينتشر الوعي بين أبناء المسلمين فيعملوا على خلع هؤلاء الحكام المجرمين.

هذه الأمور وغيرها الكثير مما لا يمكن التطرق له نرى أنها تدمر العملية التعليمية، ولذلك فتدمير العملية التعليمية يقوم على تدمير ركنين هما:
• المنهاج الذي يتم تعديله سنويا ليوافق ما يريده الغرب من تدمير قيم الإسلام ومفاهيمه في النفوس، ومن تغريب مفاهيم الطلاب وجعلهم يقدسون الإنسان الغربي، وجعلهم إسلاما معتدلا كما يريد الغرب، وهو ركن هام جدا.
• القوانين الإدارية والتنظيمية هي الأخرى تدمر العملية التعليمية بشكل كبير جدا، ولو أن المناهج صحيحة والإدارة فاسدة والتنظيم فاسد لأفسدت عملية التعليم، وهذا يدل على أهمية الأمور الإدارية والتنظيمية.


فإذا أضفنا إليها ما تقوم به الحكومات من بث البرامج التي تدمر قيم الإسلام على التلفزيون والإذاعة والفضائيات والإنترنت والصحف، ندرك أن الحكام يريدون تدمير أي أمر ينهض المجتمع، يريدون للمجتمعات أن تبقى متخلفة ساكتة تلاحق رغيف الخبز ولا تفكر في أي أمر ينهض المجتمع، هكذا يريد الغرب الكافر وهكذا ينفذ الحكام خطط الغرب الكافر وهكذا هي العملية التعليمية في ظل غياب الخلافة.

إن التعليم لن يعود التعليم الذي ينهض بالمجتمع والدولة ويطور النواحي التكنولوجية ويبني الشخصيات الإسلامية في نفوس الطلاب بناء حقيقيا صحيحا إلا في ظل دولة إسلامية دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وهذا سيجعل المسلمين أقوى أمم الأرض، فتقوم الدولة بوضع المناهج المبنية على أساس العقيدة الإسلامية، وتقوم بوضع نظام إداري وتعليمي وتنظم التعليم بشكل صحيح مهما كلف من أموال وتلاحق آخر ما توصل إليه العلم، عندها سيتخرج من النظام التعليمي في دولة الخلافة الرجال الرجال أمثال سعد بن عبادة وخالد بن الوليد وأمثال الشافعي وأبي حنيفة وأمثال ابن سينا والخوارزمي وغيرهم من العلماء في علوم الدنيا والآخرة، نعم تغيير النظام التعليمي من الجذور هو الحل، بداية من المناهج الفاسدة إلى النظام التعليمي والتربوي، والى رفع قدر المعلم والتعليم عند الأمة الإسلامية، حتى يصبح المعلم يسير في دولة الخلافة في طرقاتها وهو يفتخر أنه يعلم أبناء المسلمين ويعمل في أجل المهن والأعمال.
Go to the top of the page
 
+Quote Post
 
Start new topic
الردود
الخلافة خلاصنا
المشاركة Feb 22 2017, 08:01 PM
مشاركة #2


أسرة المنتدى
*****

المجموعة: الأعضاء
المشاركات: 4,312
التسجيل: 8-July 15
البلد: فلسطين
رقم العضوية: 2,314



(السعي نحو نموذج تعليمي من الطراز العالمي - الجزء 1)
فخ #العولمة خلف رواية #الجامعة ذات الطراز العالمي (مترجم)


==============


#المقدمة
أي طالب مسلم ذاك الذي لا يرغب في الدراسة في إحدى الجامعات العالمية؟ وأي محاضر مسلم ذاك الذي لا يطمح في أن يكون في بيئة أكاديمية من الطراز العالمي؟ نعم، أصبح شعار "جامعة عالمية" أو "جامعة بحثية" يسمع بشكل متزايد خلال العقد الماضي. كل جامعة في أي مكان في العالم تطمح في أن تصبح في نهاية المطاف من بين إحدى الجامعات العديدة المصنفة عالميا.
لكن حال #التعليم العالي في العالم الإسلامي مأساوي للغاية. وفي مقال لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا باكستان (شباط 2016)، كان عنوانه العصر المظلم في العالم الإسلامي كشف حقيقة أن 1.6 مليار مسلم لا يساهمون إلا في قدر قليل من المعرفة على مستوى العالم. فالمسلمون على ما يبدو - والذين يشكلون غالبية 57 دولة ويتواجدون تقريبا في كل دولة في العالم - لم يحصدوا إلا ثلاث جوائز نوبل في تاريخ هذه الجائزة القيمة. وعدد من الجامعات التي تمثل دولها عضوا في منظمة المؤتمر الإسلامي كانت في المرتبة الـ500 في التصنيف العالمي أو أفضل من ذلك بقليل.
كل الجامعات في #العالم الإسلامي تقريبا لا تحصل على رتب عالية في نظم تصنيف الجامعات العالمية على اختلاف أنواعها. وفي نشرة 2014 -15 لتصنيف الجامعات العالمي QSS، لم تكن هنالك أية جامعة إسلامية ضمن أعلى 100 جامعة، وبين الـ400 الأعلى رتبة لم تكن هناك إلا 17 جامعة (11 منها كانت بين أعلى 300 و400). وبالمثل، ففي النتائج الأخيرة لعام 2016 لترتيب الجامعات على مستوى العالم للتايمز للتعليم العالمي فقد ظهر بأن عشراً فقط من جامعات العالم الإسلامي كانت من بين أعلى 400 جامعة في العالم (خمسة منها من بين أعلى 300 و400). وكنتيجة لذلك، فقد تعالت الأصوات المنادية برفع رتبة الجامعات في العالم الإسلامي لتصبح ضمن الجامعات "ذات الطراز العالمي".
هذه المادة ستشرح هذه القضية من جانبين اثنين.

الأول محاولة كشف ما وراء رواية الجامعة من الطراز العالمي، والثاني سنناقش فيه كيف تصوغ سياسة التعليم في الإسلام تعليما على مستوى عالمي تحت مظلة الخلافة.

فخ رواية العولمة
النقاشات التي تدور غالبا حول أن تكون الجامعة من الطراز العالمي تظهر بأن هذا النوع من الجامعات هو الذي يمكن أن يتنافس مع الجامعات من المستوى العالمي وأن تنتج خريجين يمكنهم منافسة أولئك من الجامعات العالمية. وتعطَى هذه النقاشات زخما نتيجة التأثير الكبير للعولمة في جوانب مختلفة من حياة الإنسان. أولا، العولمة في المجال الاقتصادي وذلك من خلال تطبيق اقتصاد السوق الحرة. ثانيا، تتجلى العولمة في الجانب الثقافي وذلك عبر تدفق الثقافة الغربية إلى العالم الإسلامي. ثالثا، العولمة في سوق العمل هي نتيجة سياسة اقتصاد السوق الحرة. ورابعا العولمة في حقل التعليم تحصل من خلال إنشاء مؤسسات تعليمية في جميع أنحاء البلدان النامية وكذلك عبر المنح الدراسية بين الدول.
أشعرت العولمة أيضا البلدان النامية بالحاجة إلى الارتفاع بمستوى مؤسساتهم لتتماشى مع مثيلاتها في البلدان المتقدمة، وذلك باعتماد برامج مثل مؤشر التنمية البشرية (HDI)، والبرنامج الدولي لتقييم الطلبة (PISA)، وغيرها من البرامج. هنا بذرت قيم المنافسة وها هي تزدهر الآن خاصة عندما تتغذى هذه البذار على الدونية التي تشعر بها البلدان النامية التي تخلفت عن الركب. وفي المرحلة الابتدائية والثانوية من التعليم، أدت هذه المخاوف إلى فكرة مقاييس المدرسة الدولية، وذلك من أجل إعداد الطلبة للمنافسة على المستوى العالمي.
ومع ذلك فقد انتقد إيدي سبهان وبقوة واضعي السياسات التعليمية في إندونيسيا ووصفها بأنها تخدم فكرة الجامعة العالمية إلا أنها في الوقت ذاته ليست قادرة على أن تنقل بوضوح تعاريف ومفاهيم جامعة عالمية، إلا من خلال التوجه المستمر نحو مفهوم التقييم والاعتراف بما يتماشى مع المقاييس الدولية. ولذلك فمن الواضح بأن الحكومات في البلاد الإسلامية تردد فقط هذا المفهوم دون وجود أساس أيديولوجي واضح، كما أنها تتبع هذه الرواية المقلدة التي ليس بالضرورة أن تكون متماشية مع هوية البلاد.
من الناحية الأيديولوجية، يظهر تيار عولمة الجامعات أيضا تفاهة رواية العولمة والحداثة الكبيرة هذه، حيث تتبنى المطالبة بالـ"حداثة" الانفتاح والتسامح، بينما ومن ناحية أخرى هناك جهود كبيرة تبذل في سبيل فرض معيار ثقافي واحد. سمى ذلك هيربيرت ماركوس بظاهرة "الإنسان ذي البعد الواحد"، ويعني بذلك ممارسة قيادة المجتمع نحو نظام موحد أي النظام الرأسمالي، عبر التعليم، والإعلام ...إلخ.

صناعة الرأسمالية - العالمية في مقابل راجع الصناعة في العالم الإسلامي.
إن تعليما عالي المستوى هو في القمة الأوثق صلة مع العالم الصناعي. ولذلك، فإن إنتاجية البحوث دائما ما تتلقى تحفيزا تقف وراءه الحاجات الصناعية التي تتطلب ابتكارا كبيرا. وبالتالي، فمن المنطقي أن تجد الجامعات في العالم الإسلامي صعوبة في مزاحمة أعلى 100 جامعة في ترتيب تصنيف الجامعات في العالم حيث إن جميع البلاد الإسلامية تقريبا تعاني وعلى نطاق واسع من انعدام التصنيع، بينما يسير الغرب في طور التصنيع منذ أكثر من 150 عاما. في حين إن واحدا من متطلبات الدولة لتكون السباقة في العلوم والتكنولوجيا، هو ما إذا كانت قادرة على إجراء البحوث المؤدية إلى حل المشاكل التي تواجهها الدولة، فضلا عن كونها قادرة على تشكيل نظام صناعي لتنفيذ ما نتج عن هذه البحوث على أرض الواقع.
ومن ناحية أخرى، فإن تيار الجامعة العالمية على مدى العقد الماضي حافظ على استمرارية واقع انعدام التصنيع في العالم الإسلامي وذلك من خلال توجيه البحوث الداخلية كي لا تخدم إلا احتياجات صناعة الرأسمالية العالمية، وليس الصناعات الوطنية داخل بلادهم. وقد تفاقم هذا الوضع بما يملكه حكام المسلمين من سياسات رديئة. فعلى سبيل المثال، لم تطور الدول العربية مطلقا القطاع الصناعي على الرغم من قطاع البترول، وذلك بسبب ما تدعيه شركات النفط الغربية التي ترغب في السيطرة على تكرير النفط الخام.
إن منطق #الرأسمالية موجود وبقوة في العديد من مؤشرات الجامعة العالمية. ويمكن رؤيته عبر المؤشرات، على سبيل المثال، وذلك مثل دخل البحوث من الصناعة (لكل أعضاء هيئة التدريس، 2.5%)، دخل البحوث المحلي/دخل البحوث العام (0.75%)، دخل البحوث (المقياس النسبي) (5.25%). وهنا، يكون الحرم الجامعي كالشركة التي تسعى لجني الأرباح عبر النشاطات الفكرية، وبخاصة البحوث، وفي سبيل العالم الصناعي العالمي فإنها مستعدة لخنق سلطة الدولة إذا لزم الأمر. وعلاوة على ذلك، فإن قواعد الحكم على الويبومتريك في وضوح شبكة الإنترنت في الحرم الجامعي تقوم على أساس "سوق عالمي جديد" متعلق بالمعلومات الأكاديمية، وتعتبر شبكة الإنترنت وسيلة مهمة جدا كوسيلة لعولمة الحرم الجامعي.
وهذا يتماشى مع الرغبة في جعل التعليم العالي سلعة والذي ابتكرته منظمة التجارة العالمية من خلال جعل التعليم ضمن ما يسمى صناعة قطاع التعليم العالي وذلك من خلال اتفاقية (جاتس) الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات التي تنظم تحرير التجارة لـ12 قطاعاً خدماتياً، مثل الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وخدمات المحاسبة، والتعليم العالي والتعليم مدى الحياة، وخدمات أخرى. وقد جعلت مظلة اتفاقية الجاتس/منظمة التجارة العالمية GATS/WTO الذي تمت المصادقة عليه عام 1995 في مراكش، جعلت من التعليم سلعة، وما يدعو أكثر للقلق هو أن الحكومة أخذت بهذه الاتفاقية بمحض إرادتها، دون الالتفات إلى القدرة المحلية أو المبادئ التربوية في دستورنا.
وبسبب ضغط منظمة التجارة العالمية للمصادقة على اتفاقية الجاتس، أصدرت الحكومة الإندونيسية مرسوما رئاسيا رقم 111/2007 بشأن مجالات الأعمال التجارية المفتوحة والمغلقة أمام متطلبات قطاع الاستثمار. الأستاذ سفيان أفندي تأسف بشدة لإصدار هذا القانون كونه جعل التعليم واحدا من المجالات المفتوحة أمام الاستثمار الأجنبي، ومع وجود الحد الأقصى من المشاركة برأس المال بنسبة 49%. هذا كان الفخ الأول، وهو هيمنة قوة أجنبية على النظام التعليمي في العالم الإسلامي.
ومن ناحية الاستقلال، فمن الواضح للعيان بأن الأنظمة في العالم الإسلامي لديها مستوى عال من التبعية وانعدام الرؤية الأصيلة للمضي قدما في تعليم حضارتهم الخاصة. وعندما تسعى الحكومات في العالم الإسلامي إلى جعل جامعاتها من الطراز العالمي وذلك من خلال موافقتها للمواصفات المطلوبة - سواء في تصنيف الجامعات العالمي QS، أو الويبومتريك، أو تصنيف جامعة شانغهاي جياو تونغ، أو غيرها من التصنيفات - فإن هذا يعني إخضاع نظام التعليم في العالم الإسلامي لإملاءات شركات النشر، والمؤسسات البحثية والجامعات الأجنبية. ومن الواضح جدا الآن بأن الجامعة ذات الطراز العالمي ليست سوى رواية عولمة رخيصة تحاول ببساطة خداع العالم الإسلامي وإخضاع نظامنا التعليمي.
استمالة الموارد البشرية المتميزة للأمة
عندما تفقد الدولة سيطرتها على اتجاه نظام البحث والتعليم، ولا تمتلك أيضا نظاما صناعيا محليا مستقلا، فإن هذا يؤدي إلى فقدان الدولة سيطرتها على مواردها البشرية. هناك قصص عديدة عن بلاد إسلامية فقدت القدرة على وقف هجرة العقول إلى بلدان متقدمة. وفي السنوات الخمسين الماضية، هاجر عدد كبير من المثقفين من العالم الإسلامي إلى البلدان الصناعية. وقدرت إحدى الدراسات بأن الرقم يقارب الـ 500 ألف. وهذا الرقم يمثل العدد من العالم العربي، الذي يغطي ثلث الهجرة المهنية بكاملها. أحد خيرة أبناء وبنات إندونيسيا: خويرل أنور، ولد في كديري، شرق جافا. وهو يعمل الآن في معهد نارا للعلوم والتكنولوجيا في اليابان وهو خبير في الاتصالات السلكية واللاسلكية وصاحب براءة اختراع G4 في أنظمة الاتصالات التي تقوم على ترميز تقسيم التردد المتعامد OFDM)). أندريفو رشدي (33 عاما) ونيلسون تانسو، كلاهما خبيران في تكنولوجيا النانو. حاليا أندريفو محاضر في جامعة سنغافورة الوطنية، في حين إن نيلسون تانسو محاضر في جامعة ليهاي في الولايات المتحدة الأمريكية.
هذه الاستمالة للموارد البشرية المميزة للأمة الإسلامية أصبحت في نهاية المطاف أمرا سهلا جدا بسبب غياب الرؤية السياسية في بلدان العالم الإسلامي فيما يتعلق بالعلم والتكنولوجيا. وعلاوة على ذلك، فإذا ما جعل التعليم سوقا مفتوحة كأي عمل تجاري أمام رأس المال الأجنبي، ومن ثم يصبح احتواء الموارد البشرية من قبل الأجانب أمرا سهلا للغاية وذلك عبر تغريب قلوب وعقول الشباب، وتقديم وعود بتأمين مستقبل أفضل لأبحاثهم، وكذلك "بيع" الأيديولوجية العلمانية والقيم التي تبدو متناغمة مع التقدم والازدهار.

النقد من وجهة نظر الإسلام:
العامل الأول لفشل الفكر الأساسي للأيديولوجية الرأسمالية هو جعلها المعرفة سلعة. والنتيجة هي براغماتية تتنامى في مجال التعليم. وينعكس هذا الهدف من التعليم، الذي جعل الجانب المادي في درجة أعلى من هدف تطوير المعرفة وتحسين النوعية الذاتية. وإذا ما نظرنا بعناية، سواء أكان ذلك بوعي أم بدونه، فإن التعليم الذي يحمل على مستوى عال يظهر بوضوح التوجه ناحية النفعية، بل إن هذا هو الأكثر وضوحا في مجال التعليم العالي. وفي الواقع، فإن الكثير من الجامعات الكبرى تدعي بلا خجل بأنها جامعات تجارية.
يرفض الإسلام وبشدة هذا الأمر، ففي الإسلام للمعرفة مكانة سامية جدا. وإن جعل التعليم والمعرفة سلعة هو انتقاص وإهانة للمعرفة. وقد حذرنا الإمام الغزالي في لغة واضحة في مقدمة كتابه "بداية النهاية" فقال: "اعلم أيها الحريص المقبل على اقتباس العلم، المظهر من نفسه صدق الرغبة، وفرط التعطش إليه، أنك إن كنت تقصد بالعلم المنافسة، والمباهاة، والتقدم على الأقران، واستمالة وجوه الناس إليك، وجمع حطام الدنيا، فأنت ساع في هدم دينك، وإهلاك نفسك، وبيع آخرتك بدنياك".
بالنسبة للإمام الغزالي، تعد المعرفة أمرا ثمينا جدا، وبالتالي فإنه أمر وضيع جدا أن تصرف المعرفة نحو الأمور الدنيوية. لا بد أن تُجعل المعرفة مسخرة لمعرفة الله تعالى والسعي لرضوانه. ومن سعى للمعرفة بهذه النوايا السامية كما قال، ".. فإن الملائكة تبسط لك أجنحتها إذا مشيت، وحيتان البحر تستغفر لك إذا سعيت. ولكن ينبغي لك أن تعلم، قبل كل شيء، أن الهداية التي هي ثمرة العلم لها بداية".
أما العامل الثاني لفشل الفكر الأساسي للرأسمالية فهو موقف الدولة الذي لا تتدخل فيه فيما يتعلق بإدارة المؤسسات التعليمية، وتطوير المعرفة، وبناء نظام صناعي متين. فالدولة في نظر الإسلام، لها دور مركزي في بناء العلاقة بين نظام التعليم وتوجهات البحوث الوطنية والاحتياجات الصناعية. وهذا الدور يُبنى في إطار الدولة باعتبارها خادمة للأمة. وهذا لأن قيادة الدولة تلزمها برعاية شؤون الناس الذين يقعون تحت مسؤوليتها. يقول رسول الله ﷺ واصفا الإمام بالراعي: «الإِمَامُ رَاعٍ وَ مَسْؤُوْلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» (رواه البخاري وأحمد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه).
وبالتالي، فمن الواجب على الدولة توفير نظام تعليمي عالي الجودة فيه مرافق ملائمة ورواتب كافية لكل من يعمل في هذا النظام، وذلك من خلال توفير دعم لجعل الرسوم في متناول الناس. ولذلك، فإن الإسلام يحرم رفع يد الدولة عن التدخل في هذه الشؤون، ناهيك عن السماح للرساميل الأجنبية بالاستثمار في التعليم عندنا.
إعادة العصر الذهبي للإسلام
في القرن الواحد والعشرين، غالبية الجامعات العالمية التي حازت على أعلى 100 أو 500 رتبة في العالم كانت من الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وأستراليا. وقلة قليلة أخرى كانت من سنغافورة والصين وكوريا والهند أو ماليزيا.
ماذا لو كان هذا التصنيف قبل ألف سنة من الآن؟
إذن لن يكون هناك شك بأن أفضل الجامعات في العالم ستكون في زنجبار وبغداد والكوفة وأصفهان وقرطبة والإسكندرية والقاهرة ودمشق ومدن كبيرة أخرى في بلاد الإسلام. الجامعات خارج رقعة الدولة الإسلامية كانت في معظمها موجودة في القسطنطينية التي كانت لا تزال عاصمة روما البيزنطية، أو في كايفينغ عاصمة الصين في ذلك الوقت أو في نالاندا في الهند. وبعيدا عن هذه المذكورة لم تكن هناك جامعات أخرى خلال ألف سنة مضت، ناهيك عن الولايات المتحدة، التي اكتشفت قارتها حديثا عام 1492م.
تخيل دولة فيها نسبة الأمية 95%! هذا فظيع. لكن هذا ما كانت عليه أوروبا ما بين القرن التاسع والثاني عشر الميلادي. حتى قيل بأن الإمبراطور كارل في آخين، كان يحاول تعلم تلك "المهارة الصعبة والنادرة" في شيخوخته. وفي الأديرة كان هناك عدد من القساوسة القادرين على القراءة. كانت هذه الفجوة بين الشرق والغرب. وفي الكتاب المقدس للنصارى، لم يكن أحد يستطيع قراءة وفهم الكتاب المقدس إلا القس. وهذا الحال، الذي عرف بعصر الظلمات في أوروبا (العصور الوسطى المظلمة) هو ما تسبب بحسب العديد من المؤرخين في الثورة العلمية لعصر النهضة (التنوير).

وفي الوقت ذاته، كان ملايين الأطفال في المناطق الريفية والحضرية في دولة الخلافة يجلسون على السجادة وهم يتعلمون نطق أحرف القرآن، والكتابة، وحفظ الحروف، ويبدأون بتعلم أساسيات اللغة العربية (النحو والصرف). كانت الرغبة في أن تكون مسلما صالحا هي بداية كل علم، لأن الواجب على كل مسلم أن يكون قادرا على قراءة القرآن.
في الواقع، فإنه ولفترة طويلة من الحضارة الغربية جعلت هذه الحضارة المعرفة خاصة بطائفة معينة فحسب. وليس بعيدا عن تاريخها القديم، فقد جعلت الحضارة الغربية الحديثة المعرفة، وخاصة في مجال التعليم العالي، حكرا على جماعة معينة فحسب يتمتعون بها. وفي المقابل، فإن في الإسلام طريقة فريدة من نوعها لتقدير المعرفة. فالإسلام يحترم المعرفة، وليس ذلك عبر "جعلها مثمنة" كما تفعل الرأسمالية، ولكنه يمجد العلم باعتباره توأم الإيمان، يشاركه في الهدف النبيل المتمثل في تشكيل شخصية الإنسان وجعلها نزيهة نبيلة. ونتيجة لذلك، فليس هناك أية أفضلية لأمة الإسلام في طلب العلم، فالجميع لديه الالتزام ذاته في السعي للمعرفة. والفرق هو في التقوى فحسب.
إن لدى الأيديولوجية الإسلامية مفهوما واضحا شاملا للنظام الذي يشمل مجالات الحياة كلها، ولا بد من تطبيقه كاملا في ظل #دولة_الخلافة. إن الأيديولوجية الإسلامية تنظم الإدارة الصحيحة للموارد الطبيعية في سبيل جعل ثروة الدولة وفيرة، ما سيمكنها من خلق رخاء للمجتمع بأسره، فضلا عن عدم التسبب في أي ضرر. ومن هذه الثروة الوفيرة، ستمول الدولة المشاريع البحثية المختلفة فضلا عن توفير أفضل التسهيلات، وستظهر احتراما كبيرا للمثقفين، ما سيدفعهم لتقديم أفضل ما يستطيعونه. وبذلك ستحل مشاكل الأمة وستحصل على استقلاليتها. ولذلك، وعودا على مصطلح "جامعة من الطراز العالمي"، فإننا بطبيعة الحال، ليس علينا أن ننسجم والمعايير المحددة التي وضعها الغرب. فالإسلام بطبيعة الحال يملك معاييره الخاصة، قائمة على نوعية الشخصيات التي لا بد وأن تبنيها الجامعة، ومعايير الجامعة من الطراز العالمي. وهذا ما أشار إليه العلماء بقولهم: "تقدمت المجتمعات الغربية عندما تخلت عن دينها، في حين لن يتقدم المسلمون إلا إذا درسوا دينهم".

...يتبع الجزء 2

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

Go to the top of the page
 
+Quote Post

المشاركات داخل هذا الموضوع
- الخلافة خلاصنا   النظام التعليمي في ظل غياب الخلافة   Oct 22 2016, 12:51 PM
- - الخلافة خلاصنا   رابط الموضوع على الفيس بوك::: https://www.facebo...   Oct 22 2016, 01:10 PM
- - الخلافة خلاصنا   بسم الله الرحمن الرحيم #علمنة المناهج في #بلاد_ال...   Feb 17 2017, 02:40 PM
- - الخلافة خلاصنا   التحول نحو الخلافة لن يتوقف مهما علمنوا مناهجنا ف...   Feb 17 2017, 06:46 PM
- - الخلافة خلاصنا   ان الهجوم على اللغة العربية يعني الهجوم على الإسلا...   Feb 17 2017, 06:58 PM
- - أم حنين   حملة عالمية : "الخلافة والتعليم: إحياء العصر ...   Feb 18 2017, 12:36 PM
- - الخلافة خلاصنا   (( #التعليم ودوره في هدم الخلافة )) ============...   Feb 18 2017, 06:06 PM
- - الخلافة خلاصنا   من سموم المناهج التعليمية رفع أعداء الأمة الإسلامي...   Feb 18 2017, 08:11 PM
- - الخلافة خلاصنا   دور #العلم والغزو التبشيري في هدم #الدولة_الإسلامي...   Feb 19 2017, 04:22 PM
- - الخلافة خلاصنا   دور #العلم والغزو التبشيري في هدم #الدولة_الإسلامي...   Feb 19 2017, 04:23 PM
- - الخلافة خلاصنا   دور #العلم والغزو التبشيري في هدم #الدولة_الإسلامي...   Feb 19 2017, 04:25 PM
- - الخلافة خلاصنا   دور #العلم والغزو التبشيري في هدم #الدولة_الإسلامي...   Feb 19 2017, 04:26 PM
- - الخلافة خلاصنا   بسم الله الرحمن الرحيم #النظام التعليمي التركي ال...   Feb 19 2017, 04:40 PM
- - الخلافة خلاصنا   دور #العلم والغزو التبشيري في هدم #الدولة_الإسلامي...   Feb 19 2017, 07:53 PM
- - الخلافة خلاصنا   دور #العلم والغزو التبشيري في هدم #الدولة_الإسلامي...   Feb 19 2017, 07:55 PM
- - الخلافة خلاصنا   دور #العلم والغزو التبشيري في هدم #الدولة_الإسلامي...   Feb 19 2017, 07:56 PM
- - موسى عبد الشكور   مناهج الاسلام واثرها في التقدم العلمي العالمي الحا...   Feb 20 2017, 07:42 AM
- - الخلافة خلاصنا   حق #المرأة في #التعليم: بين #الواقع المظلم والخطاب...   Feb 21 2017, 07:47 PM
- - الخلافة خلاصنا   #التعليم في #العالم_العربي... صورة قاتمة تندر فيها...   Feb 21 2017, 07:49 PM
- - الخلافة خلاصنا   #التعليم في #اليمن؛ واقعه ومشكلاته =============...   Feb 21 2017, 08:27 PM
- - الخلافة خلاصنا   مكانة #المعلّم اليوم هي التّنكيل! ولا سبيل للت...   Feb 22 2017, 07:47 PM
- - الخلافة خلاصنا   أول مدرسة خاصة برسوم مخفضة في #بريطانيا هل #التعل...   Feb 24 2017, 02:18 PM
- - الخلافة خلاصنا   ما قيمة #التعليم إذا غاب الأمن وامتزج #الكتاب بالد...   Feb 24 2017, 06:28 PM
- - الخلافة خلاصنا   اطرح الحل يا فيصل القاسم!!! =========...   Feb 24 2017, 06:54 PM
- - الخلافة خلاصنا   بالتعليم تحفظ #ثقافة الأمة وهويتها... وبالخلافة عل...   Feb 28 2017, 08:35 PM
- - الخلافة خلاصنا   تشكيل #التربية_الإسلامية لبناء #الشباب_المسلم لموا...   Feb 28 2017, 08:39 PM
- - الخلافة خلاصنا   تشكيل #التربية_الإسلامية لبناء #الشباب_المسلم لموا...   Mar 1 2017, 07:52 PM
- - الخلافة خلاصنا   #المبدأ الذي يجب أن يُتبع في تحديد #السلوك الجيد و...   Mar 1 2017, 07:55 PM
- - الخلافة خلاصنا   تعليم #المرأة_المسلمة والخروج من عنق الزجاجة... (#...   Mar 2 2017, 08:06 PM
- - الخلافة خلاصنا   #التميز التعليمي و #حقوق_المرأة في ظل #الخلافة_على...   Mar 2 2017, 08:09 PM
- - الخلافة خلاصنا   #القيم التي يجب تحقيقها في سلوك #الأطفال =======...   Mar 3 2017, 01:24 PM
- - الخلافة خلاصنا   كيف يجب أن يكون #المعلم في #الإسلام؟! ======...   Mar 4 2017, 07:24 PM
- - ام عاصم   جزاكم الله خيرا وبك بكم وبجهودكم   Mar 5 2017, 06:04 PM
- - الخلافة خلاصنا   تعديل السلوك ============================ أسلوب...   Mar 5 2017, 06:41 PM
- - الخلافة خلاصنا   #سياسة_التعليم في بلاد المسلمين: تقتل الريادة و #ا...   Mar 6 2017, 08:11 PM
- - الخلافة خلاصنا   المكتب الإعــلامي المركزي بيان صحفي #مؤتمر ومعرض ...   Mar 8 2017, 10:04 AM
- - الخلافة خلاصنا   التأثير في الأولاد ==============================...   Mar 8 2017, 10:19 AM
- - الخلافة خلاصنا   السعي نحو نموذج تعليمي من الطراز العالمي الجزء 2 ...   Mar 8 2017, 10:58 AM
- - الخلافة خلاصنا   فيديو انطلاق حملة : "الخلافة والتعليم: إحياء ...   Mar 8 2017, 11:01 AM
- - الخلافة خلاصنا   النظام التعليمي الحالي معلم مقهور وطالب مظلوم ===...   Mar 8 2017, 12:22 PM
- - الخلافة خلاصنا   #المرأة_والتعليم في ظل #الخلافة_العثمانية (مترجم) ...   Mar 8 2017, 06:31 PM
- - الخلافة خلاصنا   تلبية حاجات #الأطفال ============= #الطفل إنسان ...   Mar 9 2017, 06:46 PM
- - الخلافة خلاصنا   كلمات وتسجيلات المؤتمر النسائي العالمي " #الخ...   Mar 12 2017, 04:15 PM
- - الخلافة خلاصنا   كلمات وتسجيلات المؤتمر النسائي العالمي " #الخ...   Mar 12 2017, 04:27 PM
- - الخلافة خلاصنا   كلمات وتسجيلات المؤتمر النسائي العالمي " #الخ...   Mar 12 2017, 04:35 PM
- - الخلافة خلاصنا   كلمات وتسجيلات المؤتمر النسائي العالمي " #الخ...   Mar 12 2017, 04:46 PM
- - الخلافة خلاصنا   كلمات وتسجيلات المؤتمر النسائي العالمي " #الخ...   Mar 12 2017, 06:24 PM
- - الخلافة خلاصنا   كلمات وتسجيلات المؤتمر النسائي العالمي " #الخ...   Mar 12 2017, 06:33 PM
- - الخلافة خلاصنا   كلمات وتسجيلات المؤتمر النسائي العالمي " #الخ...   Mar 12 2017, 06:39 PM
- - الخلافة خلاصنا   كلمات وتسجيلات المؤتمر النسائي العالمي " #الخ...   Mar 12 2017, 06:46 PM
- - الخلافة خلاصنا   كلمات وتسجيلات المؤتمر النسائي العالمي " #الخ...   Mar 12 2017, 06:59 PM
- - الخلافة خلاصنا   كلمات وتسجيلات المؤتمر النسائي العالمي " #الخ...   Mar 12 2017, 07:44 PM
- - الخلافة خلاصنا   كلمات وتسجيلات المؤتمر النسائي العالمي " #الخ...   Mar 12 2017, 07:46 PM
- - الخلافة خلاصنا   إقتباس(موسى عبد الشكور @ Mar 12 2017, 08...   Mar 12 2017, 08:18 PM
- - الخلافة خلاصنا   فيديو المقدمة للمؤتمر النسائي العالمي: الخلافة وال...   Mar 12 2017, 08:19 PM
- - الخلافة خلاصنا   فيديو حين يضيق وعاء العلم يقتل الإبداع ويخلف الضي...   Mar 12 2017, 08:41 PM
- - الخلافة خلاصنا   الفيديو الختامي للمؤتمر النسائي العالمي مؤتمر الخل...   Mar 12 2017, 08:46 PM
- - الخلافة خلاصنا   كتيب مؤتمر " الخلافة_والتعليم" 11 آذار/م...   Mar 13 2017, 08:15 PM
- - الخلافة خلاصنا   البث المدعم باللغة العربية للمؤتمر النّسائي العالم...   Mar 13 2017, 09:05 PM


Reply to this topicStart new topic
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين)
0 الأعضاء:

 

RSS نسخة خفيفة الوقت الآن: 28th April 2024 - 03:19 AM