نعم ان الاعلام يمارس لعبة قذرة باحتوائه لإرادة الشعب من خلال رسمه لهذا المطب الامريكي الصنع المسمى( الاسلام المعتدل ) .
المسلمون في تونس يختارون نظام الاسلام، فهل يحققه لهم المجلس التأسيسي؟ بقلم خالد زروان
كتبها_المستنير_ ، في 25 أكتوبر 2011 الساعة: 00:34 ص
المسلمون في تونس يختارون نظام الاسلام، فهل يحققه لهم المجلس التأسيسي؟بقلم خالد زروان
أظهرت النتائج الأولية في انتخابات ما يسمى المجلس التأسيسي في تونس نسبة مقاطعة كبيرة عكس جوقة وسائل الاعلام الغربية والفضائيات، حيث كانت نسبة المشاركة الاولى المعلن عنها 38% ثم اصبحت اليوم 51% حسب هيئة كمال الجندوبي -بالنسبة إلى العدد الإجمالي للناخبين-. وهو ما يجعل نسبة المقاطعين يقارب ال 50%.
وكان حزب التحرير قد حث التونسيين على مقاطعة هذه الانتخابات باعتبارها محاولة للالتفاف على إرادة الشعب ووأد ثورته ومؤامرة لاقصاء الاسلام عن تنظيم شؤون الناس، اي اقصائه من مفاصل الدولة والمجتمع. وحث حزب التحرير الناس على المحافظة على علو سقف هدفهم ومواصلة الثورة حتى اقامة الدولة والنظام الذين ينشدهما وينتظرهما جميع المسلمين بل والعالم: دولة الخلافة ونظام الاسلام.
وحسب آخر الانباء حول نتائج الانتخابات فإنها تظهر تقدما لافتا لحركة النهضة وهزيمة نكراء للعلمانيين، مما جعل احد العلمانيين وممثلة الحزب الديمقراطي التقدمي مية الجربي تصرح لإذاعة فرانس آنفو بان الانتخابات هي "نقطة تحول في تاريخ تونس التي ظلت دائماً عصرية ومنفتحة وهاهي الان تختار خيارا إسلاميا الى حد كبير" واعترفت بهزيمة حزبها العلماني. كما عبر أحد محاربي الإسلام وهو حزب القطب الحداثي، عن خيبة أمل عميقة حيث لم يتحصل على أي مقعد إلى حدود مساء هذا اليوم. وعبر احد قياديي حركة النهضة ان حركته قد تحصل على 45% من أصوات المصوتين.
وكان الأهل في تونس قد عبروا عن اختيارهم منذ 14 اكتوبر عندما خرجت الجموع الغفيرة في كل مدن تونس منادية بثلاث شعارات أساسية : "الشعب يريد دولة اسلامية" "الشعب يريد خلافة اسلامية" و "الشعب يريد تطبيق شرع الله". فرغبة اهل تونس أوضح من الشمس في يوم صيفي وحرقته للاحتكام للإسلام صهرت الإرادات المعادية واجنداتها وقد عبر في هذه الانتخابات عن رغبته وخياره بصفة لافتة بالمقاطعة وبالمشاركة معاً.
فالمقاطعون والبالغ نسبتهم ما يقارب 50% بحسب إحصائيات هيئة الجندوبي، انما يعبرون عن رأي سياسي وهذا الرأي يتبناه أساساً حزب التحرير والقائل بأن الشعب يجب أن يتم ثورته وأن لا يقع في فخ النفوذ الأجنبي الذي يريد بهذه الإنتخابات الإلتفاف على إرادة الشعب ومصادرة خياره وترسيخ إبعاد الإسلام عن الحياة وإعادة الشعب إلى الإستعباد الغربي العلماني الديمقراطي. فالمقاطعة كانت من أجل تفويت الفرصة على مخططات العلمانيين والغرب من ورائه ومن أجل تثبيت وعي الناس على الفخاخ المنصوبة لهذا الشعب ولثورته ورسملة للرأي العام الناتج عن وعي عام بضرورة عودة الإسلام للحياة من خلال دولته ونظامه.
وكان هناك جانب من الشعب ومن الخارجين يوم 14 أكتوبر منادين بدولة إسلامية، بحت بها اصواتهم، قد قدموا الواقعية على الإلتزام بحكم شرعي وهو حرمة التصويت لمن يرتئي التشريع مكان الله، وخرجوا وصوتوا لحركة النهضة "دفعاً للمفسدة" كما قال لهم بعض الشيوخ، ورغم قصر نظر هذا الرأي، لأن أكبر المفاسد هي الإحتكام إلى غير ما أنزل الله أو التأسيس له، الذي يراد ترسيخه من خلال ما يسمى "المجلس التأسيسي"، فإن صوتهم لحركة النهضة قد بلغ رسالة مفادها أنهم كذلك كالمقاطعين، انما بذلك يريدون دولة إسلامية، ويضعون الأمانة في عنق حركة النهضة. فإذا صدقت آخر التوقعات بأن 45% من المصوتين انتخبوا مرشحي حركة النهضة، أي ما يقارب نسبة 25% من أصوات الناخبين، فإن ما جملته تقارب ال-75% من المسلمين في تونس يصوتون للإسلام دولة ونظاماً!. 75% يعبرون عن رغبة واضحة في عودة دولة الإسلام دولة الخلافة.
والسؤال الملح في طرحه: الشعب يعبر عن إختياره بكل وضوح وهو يريد الإسلام عقيدة ونظام حياة، يريد دولة الإسلام دولة الخلافة، فأي السبل يتم به تحقيقها له؟ هل بما يسمى "المجلس التأسيسي" وبسقفه الواطي الذي يجعل الجمهورية والعلمانية والديمقراطية الملفوظة من طرف شعوبها الثائرة عليها، خطوطاً حمراء لا يجب الإقتراب منها والذي تعهدت حركة النهضة باحترامها أم بمواصلة طريق الثورة وفرض إرادة الشعب على نظام علماني متجدد يضخ في عروقه محسوبون على الإسلام دماً جديداً لاستدامته؟
ولمحاولة الإجابة نشير إلى بعض النقاط الهامة:
1- إن الذين صوتوا لحركة النهضة انما كان تصويتهم لنظام الإسلام الذي بحت اصواتهم مناداة به. هؤلاء يدركون سريعاً، حتى قبل إعلان النتائج، أن مدخل ما يسمى "المجلس التأسيسي" انما كان تزويراً لإرادتهم، وسوف لن يكون لهم تجاهه أي صبر أو قبول لتأجيل اهدافهم. فقد ولى زمن المراوغات والخداع السياسي وتسارع التاريخ مع طبيعة المرحلة الثورية يجعل من أهداف الشباب من تصويتهم لنظام الإسلام، أهدافاً آنية لا تقبل التأجيل تحت أي ظرف. ومن تأخر به عمله لم يسرع به نسبه، فالعالم يتسارع نحو الإسلام. واقتناص فرصة التحرر من نفوذ الغرب وريادة العالم نحو التغيير بالإسلام كاملاً، لا تقبل التأجيل.
2- حركة النهضة التي يتم تظخيم فوزها وقد تصل نسبة المصوتين لها ال-45 أو 50% من جملة الأصوات أي 25 % من جملة أصوات الناخبين، سوف لن تحصل إلا على 60 أو 65 مقعد من جملة 217 أي أنها لا تمثل في أقصى حد سوى 30% من جملة المقاعد. فحتى وإن توفرت لها الإرادة لتلبية هدف الشعب وتحقيق ارادته فإنها سوف لن تستطيع انفاذه من خلال هذا المجلس الضرار، فما بالكم وقد التزمت وتعهدت أنها سوف لن تخرج عن السقف الواطي لما يسمى المجلس التأسيسي والتي وضعتها قوى النفوذ الأجنبي في تونس: علمانية الدولة والحياة، نظام جمهوري، نظام ديمقراطي، تعددية حزبية -بمعنى احزاب تعمل على أساس كفر كالشيوعية والماسونية أو الإلحاد عموماً والفساد والإفساد …-، حقوق الإنسان، فللشواذ لهم حقوق وللقاتل حصانة من القصاص،…
3- إن مطب ما يسمى "المجلس التأسيسي" هو أخطر المداخل على الثورة وعلى الشعب وهويته وأهدافه ورغباته وخياراته. وقد كان يكفي الشعب من شر هذا المطب أن تمتنع حركة النهضة عن المشاركة وتلتزم خط الثورة على أساس الإسلام. فالشعب الذي ثار على بن علي وفرض ارادته عليه يمكنه إن لم تخذله ما تسمى بالنخبة أن يفرض أي خيار يريده ومنه خيار الإسلام ودولته ونظامه.
4- الثورة على أساس فكرة إستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة وتطبيق شرع الله، والرأي العام الذي تكون حولها لزمه قائد ورائد سياسي يلتزم ذلك الهدف ويسعى في تحقيقه على أساس طريقة من جنس الفكرة، أي طريقة إسلامية قطعية ثابتة في الشرع. وهذا الخيار يقوده ببراعة وإبداع حزب التحرير الذي خرج أكبر منتصر من هذا الإمتحان فقد تمكن من الحفاظ على إنسجام طريقة عمله مع نصاعة بياض الفكرة التي يحملها وأظهر أنه يقود فكرياً وسياسياً الرأي العام المنبثق عن وعي عام على وجوب إستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة وتطبيق شرع الله .
5- نسبة المقاطعة تصل إلى حدود 50% من الناخبين هو تصويت مباشر لصالح نظام الإسلام، بل تصويت لصاحب الرأي وللقائد نحو تحقيق ذلك أي لحزب التحرير. وهؤلاء هم من سيقودون المرحلة القادمة في الإتجاه الصحيح، رغماً عن المجلس الضرار.
ونصيحتنا لكل الشباب ولأهل تونس بعامة، لا تضيعوا وقتاً ثميناً وأخرجوا عن بيت العنكبوت الوهن والتفوا حول قيادة ابنائكم في حزب التحرير الواعين على متطلبات المرحلة وأدواتها وأهدافها من أجل فرض ارادتكم التي لا يجب أن تعلوها إرادة غير إرادة الله. فليس لنا سقف يضعه مخلوق، ولا نتقيد بقوانين وضعها البشر فذلك خلق العبيد وذلك شرك برب العباد. وإنما نحن احرار بإسلامنا، تحررنا يوم أخرجنا الإسلام من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
خالد زروان