|
صبايا فلسطين بالشورت أم بالحجاب؟!
ياسر الزعاترة
في آخر تجلياته الرياضية (السياسية)، وفي حديث لفضائية إسرائيلية، تساءل رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم (الجنرال) جبريل الرجوب عن أيهما أفضل للشعب الفلسطيني: أن يرانا العالم ملثمين أم نلبس “الشورتات”، وأيهما أفضل أن يرى صبايانا محجبات أم يلبسن “الشورتات” ويلعبن كرة القدم؟! (قمنا بتحويل النص من العامية للفصحى).
نتذكر السيرة العطرة للجنرال الذي كان مع زميله وعدوه اللدود (محمد دحلان) أحد أهم عرابي التنسيق الأمني (كان يسمى حينها التعاون الأمني) مع سلطات الاحتلال، وكان له قصب السبق في المساعدة في اغتيال المجاهد محيي الدين الشريف والمجاهدين عادل وعماد عوض الله، وفي اعتقال خلية “صوريف” وتسليم معتقلي مبنى الأمن الوقائي في بيتونيا (جميعهم من المقاومين) بعد اجتياح الضفة الغربية ربيع العام 2002.
وها هو بعد غيبة سياسية وحضور “رياضي” يطل علينا ببركات جديدة تنطوي على إهانة لبنات فلسطين المحجبات، بل لسائر أبناء فلسطين الذين يحبون تراثهم ويعتزون به أمام العالم أجمع.
القضية إذن سياسية بامتياز كما أكد الجنرال الذي يعمل على تعزيز الحالة الرياضية في فلسطين من أجل أن يساهم ذلك في تحرير فلسطين من دنس الاحتلال، الأمر الذي يبدو أننا عجزنا عن إدراك أبعاده العظيمة، تماما كما عجز المحتلون عن إدراكها؛ هم الذين يمنحون للجنرال بطاقة “في آي بي” لكي يتحرك من مدينة إلى أخرى، وهم أنفسهم الذين يمنحون تصاريح الخروج والعودة للرياضيين لكي يسافروا إلى الخارج ويحاربوه بأقدامهم “الذهبية” ويفضحوا جرائمه أمام العالم أجمع!!
هل يعني هذا أن فريق الجنرال لكرة القدم يمكن أن يحرر لنا فلسطين على سبيل المثال لو تمكنا من الوصول إلى تصفيات كأس العالم لكرة القدم، وماذا لو ضرب معنا الحظ وحصلنا على كأس العالم، فهل سيعود الشباب إلى فلسطين ليجدوا المحتلين قد فروا منها، أقله من الضفة الغربية وما تبقى محتلا من قطاع غزة؟!
أي عقل وأي منطق يحرك هؤلاء وكيف يفكرون، بل كيف يجرؤون على إهانة شعبهم بهذه الطريقة الموغلة في الفجاجة؟!
ينتمي الجنرال إلى قرية فلسطينية طاعنة في المحافظة (دورا)، وهي القرية التي كانت قد أسقطته في الانتخابات، بينما منحت الفوز لشقيقه الشيخ نايف الرجوب الذي تلبس زوجته الحجاب، وبالضرورة بناته إذا كان له بنات، وكذلك شقيقاته.
إنه خلل الأولويات الذي يضرب أطنابه في الضفة الغربية تحت قيادة السلطة وجنرالاتها ورجال أعمالها وقادتها العظام الذين لا يتحركون إلا بإذن المحتل، بمن فيهم رئيسها. خلل الأولويات الذي يجعل الاستثمار والرياضة وصناعة أكبر سدر مسخن وأكبر صحن حمص سابقا على التحرير، مع أن ذلك إنما يساهم في تكريس وجود المحتل عبر تخليصه من الوجه القذر للاحتلال.
ما ينبغي أن يعرفه الجنرال، ويبدو أن نسيه أو تناساه هو أن العالم لا يحترم الخانعين، بقدر ما يحترم المناضلين من أجل تحصيل حقوقهم، وفي العام 2002 يوم كان العالم يتابع العمليات الاستشهادية التي كان بعض أبطالها من المحجبات، ويوم كان الشعب يُجمع على انتفاضة الأقصى في مواجهة المحتل. يومها قال استطلاع للاتحاد الأوروبي إن 59 من الأوروبيين يرون أن الدولة العبرية هي الأكثر تهديدا للسلم العالمي، بينما كانت موجة التعاطف مع الشعب الفلسطيني في ذروتها.
العالم يستخف بنا حين نترك مواجهة الاحتلال بالوسائل التي عرفها البشر، ونذهب نحو مواجهته بالشورت وكرة القدم، من دون أن يعني ذلك معارضتنا للعب الناس لكرة القدم أو ممارسة الرياضة.
دعك من التناقض المزعوم بين الحجاب وبين ممارسة الرياضة، وما ينطوي عليه كلام الجنرال من إهانة للمحجبات اللواتي يشكلن غالبية بنات فلسطين، واللاتي قدمن أروع التضحيات، إن على نحو مباشر، أم غير مباشر (أكثر أهمية في واقع الحال) كأمهات وزوجات لأسرى وشهداء يتحملن المسؤوليات الجسام.
مرة أخرى إنه خلل الأولويات لسلطة صممت على عين الاحتلال ومن أجل تلبية مصالحه، وإلا فهل كان عبثا أن يصفها الكاتب الإسرائيلي “عكيفا الدار” بأنها “الاختراع العبقري المسمى سلطة فلسطينية”؟!
|
ياسر الزعاترة يتحدث عن "صبايا" فلسطين 
Mar 31 2015, 12:43 PM
