|
الحاكم لا يمدح إذا أدى واجبه
بل يحاسب إن قصر في واجبه
قصة نسمعها كثيرا:
شكا رجل إلى راهب سيء في بلده سوء أوضاعه، وضيق منزله عليه وعلى عياله، فقال له الراهب: أتثق بي؟؟ قال الرجل: نعم! قال الراهب: إذن افعل ما أقوله لك، قال الرجل: نعم!!!
قال له الراهب: احضر بعض الدجاجات وضعها عندك في المنزل ولا تحضر إلا بعد أسبوع، ففعل الرجل وجاءه بعد أسبوع يشكوا الوضع الأسوأ الذي حصل له، فقال له الراهب: احضر بعض الأغنام وضعها في منزلك ولا تحضر إلا بعد أسبوع، ففعل الرجل وجاءه بعد أسبوع وهو يحدثه عن الوضع شديد السوء الذي هو فيه، فقال له الراهب: احضر بقرة وضعها في منزلك ولا تحضر إلا بعد أسبوع ففعل الرجل وجاء يشكو -وهو يشك في الراهب ويريد مواجهته على نصائحه التي زادت وضعه سوءا- فقال له الراهب: اذهب واخرج البقرة ولا تحضر إلا بعد ثلاثة أيام فذهب ففعل، وجاء مسرورا إلى الراهب ليخبره بوضعه الذي تحسن عما سبق، فقال له الراهب: إليك أخرى، اذهب وأخرج الأغنام ولا تحضر إلا بعد ثلاثة أيام فذهب ففعل وجاءه يمدح الوضع الحسن الذي هو فيه، فقال له الراهب إليك البلسم الشافي: اذهب واخرج الدجاجات ولا تحضر إلا بعد ثلاثة أيام فذهب وفعل وجاء الراهب فرحا مسرورا على وضعه الذي تحسن كثيرا وأحضر معه هدية للراهب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكل يجزم أن حال هذا الرجل انه رجل غبي قد ضحك عليه الراهب، ولكن لو نظرنا إلى وضعنا لوجدنا أنفسنا نعيش فيما يعيش فيه هذا الرجل بل ربما أسوأ مما هو فيه.
عندما يقوم حاكم من حكام اليوم بتحسين التعليم أو بناء مسجد والإنفاق عليه أو عندما يقوم حكام السعودية بتحسين الخدمات في الحرم المكي أو في الحرم في المدينة المنورة تجد المديح الشديد لهؤلاء، وعندما تنخفض بعض الأسعار العالية للمحروقات أو الكهرباء تجد المديح للحاكم، وعندما يسمح الحاكم للمساجد بتعليم القرآن يمدح الحاكم، وعندما يلغى قرار يمنع الحجاب يمدح الحاكم، وعندما يقوم الحاكم بالمشاريع لصالح الرعايا يمدح الحاكم وهكذا.
هذا تفكير العبيد الذين يرون رعاية شؤونهم من قبل الحاكم منة وفضل منه ولا يعتبرونه حقا يجب أن يقوم به الحاكم على أكمل وجه وإلا حوسب حسابا شديدا، وهذا التفكير جاء بعد عصور من الذل مرت بها الأمة الإسلامية من سيء إلى أسوأ، حتى إذا رأوا انفراجة بسيطة قدمها الحاكم مدحوه على كرمه الجزيل، وما عرفوا أن ما قدمه لا قيمة له إذا عرفوا حقوقهم جيدا والتي أقرها لهم الشرع.
فالإسلام أمر أن يكون التعليم والتطبيب مجانيا للجميع وفرض على الدولة توفير المأكل والمسكن والملبس والأمن للجميع، واعتبر الإسلام أن النفط والكهرباء وثروات الأرض هي حق لجميع المسلمين وليست منة وتكرمة من الحاكم عليهم، فلو نظرنا إلى الفارق الشاسع بين الإسلام وبين ما يتم مدح حكام اليوم عليه لرأينا أن الدجاج والأغنام والبقر وكل الحيوانات مازالت تنهش في أجسادنا وتأخذ حقوقنا ونحن فرحين بهذا الفتات الذي يلقيه علينا حكام اليوم.
سيدنا عمر بن الخطاب بعد كل ما قدمه للمسلمين يقال له في المسجد لا سمع ولا طاعة، لماذا؟؟ لان قطعة قماش صغيرة تزيد عن الرعية هو يلبسها، ويقول الفاروق رضي الله تعالى عنه: لو أن شاة في ارض العراق عثرت لخفت أن يسألني الله لِمَ لَمْ تسو لها الطريق؟؟، واليوم يبني الحاكم مسجدا ضخما على مرأى أجهزة الإعلام وترى المنافقين من حوله يسبحون بنفاقهم للحاكم وترى البسطاء من الناس يمدحون الحاكم، وفي جوانب دولته الملايين ممن يعيشون دون مأوى وعلى القمامة أو في بيوت الصفيح.
وقد قرأت ((ولم أتأكد من مصدر الرواية وان كان عدل عمر أكثر من ذلك))أن رجلا قال لعمر بن الخطاب: جزاك الله خيرا عندما أعطاه من بيت مال المسلمين، فتعجب عمر لهذا القول، وقال: لم يمدحني هذا الرجل على فعل وجب علي القيام به؟؟!!.
نعم إن الوضع السيئ الذي عاش فيه المسلمون جعلهم يرون الفتات الذي يلقيه عليهم الحاكم فضلا ومنة لهم وشيئا عظيما، وما علموا أن ما يقدم لهم هو اقل من 5% مما يجب أن يحصلوا عليه، وكل هذا بسبب جهلهم بما يقدمه لهم الإسلام الممثل بنظام الخلافة بالمقارنة مع ما عاشوه من ظلم وجور وعسف طيلة سنين طويلة.
إنها الخلافة التي ستعيد هذه الأيام العظيمة، والتي سيحثى فيها الذهب حثوا لطالبه حتى لا تجد شخصا يرغب في المال، وان ذلك لكائن بإذن الله قريبا في دولة الخلافة القادمة قريبا بإذنه تعالى.
|
الحاكم لا يمدح إذا أدى واجبه بل يحاسب إن قصر في واجبه
Sep 21 2015, 01:09 PM
