أيها الداعية لا تنفر من دين الله
الكثير من الدعاة إلى الله تعالى ينفرون من دين الله بطريقة غير مباشر، والكثيرون تقريبا يقع في هذه الأمور إلا من رحم الله تعالى ممن أدركوا وقع كلامهم على الناس وعلى التائبين لله تعالى.
وهنا سنركز على عنصر الحياة غير الإسلامية التي يحياها المسلمون، فالكثير من الدعاة لا يدرك أن سبب بعد الكثير من المسلمين عن الالتزام بتعاليم الإسلام هو الحياة غير الإسلامية التي نحياها، وان الالتزام بدين الله تعالى في هذا الزمان كالقبض على الجمر، وأن أقل من عشر ما كان يعمله السابقون الصالحون لو عمله أهل هذا الزمان لكان شيئا عظيما عند الله تعالى بسبب الحياة غير الإسلامية التي نحياها وبسبب الصد عن دين الله من قبل الأنظمة في عالمنا الإسلامي.
أما نسبة أقل من العشر فقد أخذتها من الحديث (المتمسكون بالسنة عند فساد الأمة لهم أجر خمسين، قال الصحابة: يا رسول الله منا أم منهم؟ قال: بل منكم، ما ذاك إلا لأنكم تجدون على الحق أعواناً وهم لا يجدون على الحق أعواناً)
وصعوبة الطاعة في هذا الزمان مأخوذة من الحديث (( يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر )) رواه الترمذي .
فمثلا تجد بعض من يقبلون على العبادة في رمضان من المسلمين، تجد العابدين لله يقابلونهم بالقول: "يا عباد رمضان، انتم لا أمل فيكم ستتركون العبادة بعد رمضان"، فهم بدل أن يكبروا فيهم هذا العمل فإنهم يجلدون ظهورهم بالقول لهم أنكم عباد في رمضان فقط، وما علم هؤلاء أن هؤلاء هم ضحايا للحياة غير الإسلامية التي نحياها في أيامنا الحاضرة.
ومثال آخر هو عندما يقوم بعض الدعاة إلى دين الله تعالى بالتدريس والإتيان بأمثلة عن عبادة السلف الصالح من هذه الأمة، ويقارنوها بحياة المسلمين اليوم فان الشخص العادي يقول: أين أنا من هؤلاء، أين أنا ممن قام ثلث الليل كل يوم وممن قرأ القران في الشهر أربع مرات وممن تصدق بنصف ماله في سبيل الله، فتراه يقول أنا لا استطيع اللحاق بهؤلاء ، ويأخذ القصص للتسلية وليس للتطبيق، والسبب خطأ المدرس في التدريس وفي التشخيص لحالة المسلمين اليوم.
نعم الحياة غير الإسلامية ومحاربة دين الله من قبل الأنظمة وتشجيع المنكرات ومحاربة أي معروف من قبل هؤلاء الحكام تجعل من قام بأقل من عشر ما قام به السلف الصالح ربما يسبقهم عند الله تعالى، وذلك لصعوبة التمسك بدين الله تعالى هذه الأيام.
وطبعا قولي هذا لا يعني أن يضرب ويحسب الشخص نسبة أقل من العشر ليقوم بها ويقول اكتفي، بل من استطاع اللحاق بالسابقين فليفعل ، ولكن طرحي هذا لإدراك أن السبب الرئيس فيما يعانيه المسلمون اليوم هو الحياة غير الإسلامية التي يحياها المسلمون، وهو طبعا ليس تبرير لأي مقصر في أمر الله تعالى، فمن قصر فحسابه عند الله تعالى، فزماننا زمان القبض على الجمر.
فمن درس الناس في المساجد أو خاطبهم، لا مانع أن يذكر كل صنوف الخير ولكن مع التذكير أن السبب فيما يحياه المسلمون من بعد عن دين الله هو الحياة غير الإسلامية التي يحيوها، وان الحل لهذا الأمر هو أن يعمل المسلمون على إعادة الحياة الإسلامية إلى الوجود بإعادة الخلافة إلى الحياة.
نعم ما سمعناه عن الحسن البصري وسفيان الثوري وابن المسيب والشافعي وابن حنبل وكل العابدين والزاهدين وغيرهم كان في ظل الخلافة الإسلامية يوم وفر لهم الجو الإسلامي للعبادة، وما سمعناه عن عبادة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبادة وقربى لله تعالى كان أكثره في ظل الدولة الإسلامية.
أما في ظل العهد المكي فأكثر ما سمعناه هو مقارعة الصحابة للظالمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لإقامة الدولة الإسلامية بإقامة حكم الله في الأرض، وذلك لان أعظم فريضة كانت حينها هي إقامة الدولة الإسلامية، ولقد قام الصحابة بملاحم لم يشهد التاريخ مثلها في التصدي والصراع مع الكفر وسادته وأهله، ومن ضرب أفكار الكفر والوقوف في وجه قادته.
وعند إقامة الدولة الإسلامية في المدينة المنورة بدأنا حينها نسمع عن بطولات المسلمين في الجهاد والعبادة والقرب إلى الله تعالى.
نعم الفترة الحالية يجب أن يكون العمل الأول هو العمل لإقامة الخلافة في الأرض، مع القيام بكل ما يستطيعه الشخص من عبادة وقرب إلى الله تعال حتى نوجد الحياة الإسلامية التي تشجع المسلمين على العبادات والطاعات، عندها ستسمع مثل قصص السابقين في العبادة والطاعة لله تعالى.
ففي ظل الخلافة لن يكون هناك تنافس في الفروض أبدا، أي لن تجد حالة مسلم لا يصلي أو مسلمة لا ترتدي اللباس الشرعي، أو مسلم يزني أو مسلم يرابي، لأن الدولة ستوجد الفروض وتمنع المحرمات مستخدمة عنصر التقوى عند المسلمين وقوة السلطان، ولن يوجد في الدولة الإسلامية صد عن سبيل الله أو تشجيع للمنكرات كما يحصل اليوم، إذن لن يبقى أمام المسلمين أمر للتنافس فيه إلا المندوبات، ولذلك بوجود الحياة الإسلامية لن نعاني أبدا من ظاهرة عباد رمضان وسنجد تنافس قوي في الطاعات لله تعالى.
هذه الأمور يجب على كل مدرس وخطيب يدرس الناس ويخاطبهم أن يعيها، وإلا فانه سيوجد إحباطا عند الناس بسبب بعدهم عن الدين فيظنوا أنهم لا يستحقون نصرا من الله تعالى، فالوعي الوعي والحذر الحذر يا من تدرسون الناس وتخاطبوهم.
https://www.facebook.com/145478009128046/ph...e=3&theater