هل انتم حالمون؟16 ابريل 2012
إن النظام السياسى فى مصر قد أقامته أمريكا، وأنفقت عليه المال والجهد ليقوم بالدور المنوط به، ألا وهو الحفاظ على المصالح الأمريكية فى المنطقة والحيلولة دون نهضة الأمة على أساس الإسلام، وقد جندت أمريكا لهذا الدور جيوشاً من العملاء السياسيين والفكريين والإعلاميين، وحين خرجت الثورة فى مصر من رحم الأمة، وبالزخم الكبير الذى أدخل الرعب فى قلوب الكفار، أدركت أمريكا أن نظامها فى خطر شديد فأعطت المخلوع الضوء الأخضر ليتعامل مع الثوار، وبعدما عجز عن ذلك ألقت به فى مزبلة التاريخ، وأسندت الأمر إلى رجالاتها الذين آلت إليهم الأمور، ولم يكن أمام هؤلاء مخرج، إلا أن يعلنوا مزعنين أنهم سيعملون على تحقيق مطالب الثورة، ثم بدأت أمريكا بعد ذلك بالتعامل مع جميع القوى الثورية بأيدى المجلس العسكرى، كلٌ على طريقته، فعملت على تحييد الجماعات المنظمة ذات الوجود الشعبى، ثم تفرغت إلى شباب الثوار غير المنضوين تحت جماعات، فشوهت صورتهم وعمدت إلى استعداء الآخرين عليهم. وفى الوقت الذى كانت تُعرى فيه الحرائر فى ميدان التحرير، كانت تجلس قيادات الجماعات فى بيوتها، ولم تدرك أنها بسكوتها يتم تعريتها من قبل المجلس العسكرى، وبالتالى تفقد شعبيتها، وبالفعل قد كان ماكان.
وهذا الأسلوب الخبيث الذى عمدت إليه أمريكا، قد اتخذته من أجل أن تنجو من الموجة الثورية الهائجة فى مصر، ويبدو أنها حققت إلى الآن كثيراً مما خططت إليه، وهاهى الآن تعيد إنتاج النظام، حتى بنفس الوجوه وتتجرأ على الدفع بسليمان وتوجه صفعة قوية للثوار وللحركات التى دفعها جهلها السياسى بالسير فى هذا الطريق.
إن من يظن أنه قادر على تغيير النظام من داخله فهو حالم! ولايمكن أن يوصف إلا بالسذاجة السياسية، ومن يظن أن أمريكا يمكن أن تتنازل عن نظامها فى مصر بطوعها وبقوانينها التى صاغتها فهو جاهل، لأن الأنظمة السياسية لاتسمح لأحد أن يقضى عليها مختارة، وإن سمحت بمشاركة غيرها فى اللعبة السياسية فيكون ذلك بالشروط التى تفرضها، حتى تبقى كل أوراق اللعبة بيدها.
إن هذا النفق الذى دخلته القوى الثورية ليس له مخرج إلا أن تدرك حقيقة الصراع وبأن الطرف الآخر فيه هو أمريكا وليس أى فصيل آخر فى الأمة حتى لو تناقضت الأفكار، وإذا كان طرف الصراع هو أمريكا فإن الحل لايكون بالبرلمان الذى أول خطوة فيه أن يُقسم أعضاؤه على احترام الدستور الذى وضعه النظام نفسه، ولايكون بالدخول فى انتخابات رئاسية تحكمها قوانين نفس النظام، فكيف نختصم مع عدو ونحتكم فى نفس الوقت إليه؟
إن تنحية الإسلام ومقاييسه عن الصراع يعتبر انتحاراً سياسياً، لأن طرفى الصراع هما الغرب بقيادة أمريكا مقابل الإسلام، وهذا الصراع حقيقة غير متكافئ، لأن الطرف الأول فى الصراع يحتضر وقد خسر كل أوراق اللعبة وانكشف عملاؤه، فى حين أن الطرف الآخر فى الصراع وهو الإسلام يقف شامخاً يتحدى الغرب وأفكاره، بقدرته على حل مشاكل البشر فى أى زمان ومكان، وتحمله أمة قد ولدت من جديد مستعدة أن تموت من أجل تطبيقه، لهذا لن تحسم القوى السياسية هذا الصراع إلا بأن تكون من جنس الأمة وتكون ثورتها ثورة إسلامية تقتلع بها النظام العلمانى وتنتزع سلطان الأمة من براثن أمريكا وعندها نقيم دولتنا الإسلامية التى تعيد للأمة عزتها.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" الأنفال 27.
dr.saber22@yahoo.com
http://almesryoon.com/permalink/4041.html=========
التعليق
مقال رائع
مثل هذه المقالات الهادفة والتي فيها وصف للواقع وطرح الحل على وسائل الاعلام المختلفة ان تنشرها وبكثافة
لان تسارع الاحداث وتداخلها مع بعضها البعض تجعل المتلقي حائرا فيما يحدث -الا من رحم ربي- فيكون بحاجة لمن يبين له الحقائق والحلول ايضا وهذا ما يحتويه هذا المقال
فبارك الله بالكاتب وبصحيفة المصريون التي نشرته.