نظرات على حزب التحرير (22)
حزب التحرير والإعلام
------------------
التعتيم الإعلامي أكبر سلاح تهاجم به الدول في العالم الإسلامي حزب التحرير، فهم يرون أن التعتيم على أخبار حزب التحرير وأعماله مهما كانت تلك الأخبار هو أكبر سلاح لضرب حزب التحرير والحد من أعماله، لا يحبون بث الأخبار عن الحزب سواء كانت تمدح الحزب أو تطعن فيه، لأن كلا الخبرين سيدفعان بعض المتابعين للبحث والتحري، وهنا تتم معرفة الحقيقة.
الإعلام في الدول في العالم الإسلامي كله تابع لجهة معينة هي الممول للإعلام، فمن مول جهة إعلامية فشيء طبيعي أن تكون الجهة الإعلامية تابعة له وتتكلم بما يريد، ولا يوجد شيء يسمى حرية الرأي ولا حياد إعلامي فكلها أكاذيب، فمثلا الجزيرة ممولة من قطر التابعة لبريطانيا والجزيرة ليل نهار تخدم مصالح قطر ومن خلفها بريطانيا، ولو حصل مثلا أن أمريكا استلمت تمويل القناة .. فان الجزيرة خلال 24 ساعة ستتحول لمحطة تدافع عن المصالح الأمريكية وسينقلب مذيعوها رأسا على عقب، إلا من أصر منهم على الاستمرار في خدمة مصالح بريطانيا فسيذهب لجهة أخرى، وعادة من يخدمون مصالح الدول الغربية لا يهتمون إلا بمن يدفع أكثر، لذلك أحيانا يتنقل المذيعون من جهة لجهة أخرى تبعا للتمويل، وأحيانا التهديد بالقتل من دول معينة وأحيانا حسب جنسية بلدهم لها تأثير على مكان عمل المذيع، والخلاصة أن فكرة الحيادية وبث الأخبار بصدق وحيادية كاملة كلها أكاذيب لا حقيقة لها.
والإعلام المحلي عادة يبث ما تريده الدولة لأن أي خروج عما تريده الدولة يعني إغلاق تلك المحطات المحلية، لذلك تجد الإعلام المحلي كالببغاء يردد ما تريده الدولة، وقلما تجد أخبارا هنا أو هناك لا ترضي الدولة.
أعود للموضوع وهو الإعلام التابع للحركات، وكيف تقوم بالإعلام عن أخبارها، فترى مثلا حركات إسلامية وعلمانية لها محطات فضائية وإذاعية ولها صحف توزع في الأسواق ولها مواقع رسمية وصفحات فيس بوك وتويتر أعداد متابعيها بالملايين، والحقيقة أن إعلام الحركات لا يخرج أيضا عما تريده الدولة، فالمحطة الفضائية التي تحتاج قمرا صناعيا لا تبث إلا برخصة وكود معين للبث على القمر الصناعي يؤخذ من الدول الحالية، وهذا يعني موافقة ضمنية على محتوى بث تلك المحطات، وكذلك الأمر الإذاعة والصحف لا تعمل إلا بموافقة الدولة وهذا يعني أن تلك الحركة تبث ما تريده الدولة ولا تجرأ على الخروج عن الخط المرسوم لها وإلا منع بثها بسهولة.
حتى الصفحات على الفيس بوك وتويتر يستطيع الفيس بوك وتويتر منعها لو أراد بحذف الصفحة، والإعادة للصفر، ومعلوم أن الحذف عدة مرات والاستمرار به لا يجعلك قادرا على تأسيس صفحة فيها مليون شخص إلا إن سكت عنك الفيس بوك وتويتر.
الخلاصة أن الإعلام فيه صعوبات كثيرة وليس أمرا متاحا كما يعتقد البعض، ولا علاقة للتمويل بتأسيس المحطة الإعلامية وان كان له دور كبير في الدعاية والترويج وقوة العمل، ولكن الجهات القائمة على الإعلام تتحكم في البث والمنع وهذا السبب الأول في تأسيس المحطات الإعلامية.
وهنا سؤال يطرح: ما هي شروط تأسيس المحطات الإعلامية اليوم؟؟؟
حتى تؤسس وسيلة إعلامية يجب عليك السير حسب ما يريده النظام الذي أسست المحطة على أرضه، وأي خروج عما يريده النظام فإن وسيلتك الإعلامية معرضة للتهديد من النظام بالإغلاق أو حتى اعتقال القائمين على المحطة الإعلامية، ومن الأمور التي تجمع على منعها معظم الأنظمة في العالم الإسلامي:
• الدعوة للخلافة
• هدم الأنظمة الحالية وتأسيس نظام يحكم بالإسلام مكانها.
• الدعوة لجهاد الكفار الغربيين واليهود في العالم الإسلامي.
• هدم فكرة الديمقراطية والدولة المدنية والدعوة لإقامة الخلافة مكانهم.
• تحريض الجيوش على خلع الحكام الحاليين والتحرك للقيام بواجبهم في التحرير.
• كشف عيوب وفساد النظام الحاكم... وبالذات من محطات إعلامية على أرضه.
• عدم السير على ما يريده النظام الحاكم ... وبالذات من محطات إعلامية على أرضه.
هذه هي أبرز الأمور الممنوعة عالميا على الإعلام ويمنعها الإعلام ويحاربها ويحارب دعاتها، ولذلك فإن أغلب الحركات العلمانية أو الإسلامية التي لها محطات إعلام قوية تتجنب تلك الأمور حتى تبقى رخصتها سارية المفعول وتبقى محطاتها الإعلامية موجودة بقرار من الحكام المجرمين.
وبما أن حديثنا عن الحركات الإسلامية وحزب التحرير على وجه الخصوص، أقول:
• لا يجرأ على الدعوة للخلافة وهدم الأنظمة الحالية ودعوة الجيوش للتحرك لاقتلاع الأنظمة وتحرير فلسطين وبيان فساد الديمقراطية والعلمانية والمنظومة الدولية والثورة والخروج عليها إلا حزب التحرير، ولذلك كل وسيلة إعلامية يلجأ لها الحزب تحارب ويتم التعتيم على الحزب إعلاميا من قبل الأنظمة الحالية، بينما الحركات الإسلامية الأخرى التي لا تتعرض لتلك الأمور تمنح المحطات الإعلامية والمال لتأسيس تلك المحطات الإعلامية وتترك لها مواقعها على الإنترنت دون حرب عليها.
• هناك حركات إسلامية تدعو لبعض تلك الأمور ولكن يمكن السيطرة عليها واستغلاها لصالح الأنظمة، فهذه تعيش بين تعتيم إعلامي وبين إعطائها فسحة لتبث ما يخدم الأنظمة الحالية، مثل بعض الحركات الجهادية المخترقة من قبل المخابرات، فيعمل الإعلام على توجيه بثها بما يخدم هدفه ويشوه الإسلام.
• هناك من يقول أنتم في حزب التحرير غير ناجحين إعلاميا وغير ماهرين في اختراق الإعلام، فلا تلقوا أمر تقصيركم على حرب الأنظمة لكم.
1- أقول لهذا الشخص: كلامك غير صحيح، فانظر مثلا لمسيرة لحزب التحرير تقدر بالملايين في أندونيسيا لا يبث الإعلام عنها شيء وان بث ينسبها لمسلمين في اندونيسيا دون ذكر الحزب، وان أرادوا ذكر الحزب بثوا عنها بضعة دقائق في نهاية نشرة الأخبار، وفي نفس الوقت انظر لمسيرة فيها 100 شخص لصالح الأنظمة وتخدم أهدافهم، كيف يبث الإعلام عنها ويستضيف الضيوف لتحليل خبر المسيرة وتأتي في صدر نشر الأخبار، فهذا ليس نجاحا للـ 100شخص، ولكن هؤلاء يتوافق كلامهم مع ما تريده الأنظمة فيتم البث عنهم، ومسيرة حزب التحرير لا تخدمهم أبدا وتبين فسادهم فلا يبثون عنها.
2- في أوزبكستان تم قتل أكثر من 6000 شخص من حزب التحرير بتعاون النظام الأوزبكي والجيش الروسي وبعض مخابرات الأنظمة العربية، ومع ذلك لم يأت الإعلام على ذكر الخبر، بينما خاشقجي مثلا عملت الجزيرة حملة عنه لأنه يفيدها في حملة قطر (بريطانيا) ضد السعودية، وانظر لقتلى الكفار كيف يفعل إعلامنا معهم، وشهداء المسلين بالآلاف كيف يهملهم الإعلام، فالموضوع هو نية خبيثة مبيتة وليست النجاح الإعلامي.
• هناك حركات إسلامية لأنها تعرف شروط البث لا تجرأ إلا على طرح ما يريده المجرمون الحكام في العالم الإسلامي، فخذ مثلا بسيطا على إعلام حكومة حماس لا يجرأ على ذكر إجرام النظام الإيراني، ولا يجرأ على الطلب من الجيش المصري الثورة على السيسي والتحرك لتحرير فلسطين، ولا يجرأ على طرح فساد الديمقراطية والعلمانية، بل يعارض من يدعون لإقامة الخلافة بأن هذا ليس وقتها وأن الوقت هو طرح الدولة المدنية الديمقراطية، وهذه ضريبة للارتماء في أحضان الأنظمة والسماح لحركة مثل حركة حماس بتأسيس محطات إعلامية قوية في بعض الدول المجاورة لفلسطين والسماح لها بالبث على الأقمار الصناعية، وانظر أيضا للتيارات الوهابية (السلفية) التي تبث قصصا عن كل شيء إلا الحكام وخياناتهم، كيف تعطى مساحة إعلامية ومحطات فضائية في مصر والسعودية وغيرها من الدول، وغيرها من الحركات الإسلامية التي تعطى محطات إعلامية ولكنها تعرف أن هناك خطوطا حمر، فتبقى ملتزمة بها ولا تتعداها.
• حزب التحرير في أعماله يركز في على النظام الموجود الحزب على أرضه، فحزب التحرير في الأردن مثلا يركز على بيان فساد النظام الأردني وكشف عورته ودعوة المسلمين للتخلص منه، ولذلك يحاربه النظام الأردني.. وكل الأنظمة تحارب الحزب بشراسة لأن الحزب يركز عمله على جميع الأنظمة، بينما نرى الحركات الإسلامية الأخرى لا تجرأ على ذكر عيوب النظام الذي يحويها أو يدعمها ماليا أو تقيم محطة إعلامية على أرضه فهي تؤيده وتمدحه ولو قتل الملايين من المسلمين، المهم أن يمولها وان يسمح لها بإقامة النشاطات على أرضه.
• حزب التحرير لا يداهن أي نظام كي يسمح له بالبث من أراضيه، فالحزب دائما في درجة عالية من الكفاحية وكشف المجرمين ولا يوالي أو يداهن أي نظام كي يعطيه النظام مساحة حرة للعمل على أراضيه، وللأسف ما تفعله اغلب الحركات الإسلامية هو المداهنة والنفاق للأنظمة وزيادة كي تحظى باستقبال النظام لها على أراضيه.
• الإعلام لا يكتفي بالتعتيم على حزب التحرير، فان ذكر الحزب لم يذكره إلا بالتشويه للحزب، وأحيانا يتعمد الإعلام عدم ذكر الحزب ولكنه يشوه العاملين للخلافة ويهاجمهم ويهاجم فكرة الخلافة والأفكار النقية الصافية التي يطرحها حزب التحرير يهاجمها ليشوهها، ويعمل الإعلام لتيئيس الناس من عملية التغيير ومن إقامة الخلافة وتحرير فلسطين، وأن الجيوش لا أمل بها أبدا لعملية التغيير.
-----------------
أما الأساليب التي يتبعها حزب التحرير لكسر الطوق الإعلامي عنه واختراق أوساط الناس في المجتمعات كونها هي المستهدفة في عملية التغيير التي يقوم بها الحزب:
• الزيارات الحية للناس، وذلك عن طريق الزيارات وطرح أفكار الحزب ودعوته على الناس أثناء زيارتهم، وهو أسلوب قوي في إيصال ما يريده الحزب للناس.
• الدروس والخطب والندوات والمحاضرات.
• توزيع النشرات والمطويات والمجلات على الناس في بيوتهم وأماكن عملهم وأحيانا بشكل كفاحي في الطرقات على كل الناس.
• تقديم فكر الحزب إن أمكن في أي مقابلة إذاعية أو تلفزيونية أتيحت للحزب للتعليق على الأحداث التي تحصل في البلد، أو في أي خبر يتناول أمور الحزب وبالذات من الإعلام المحلي الذي لا يستطيع تجاهل الخبر عن الحزب لقوته.
• الأعمال الجماهيرية مثل المسيرات والمؤتمرات.
• تأسيس أي محطات إعلامية قدر الإمكان على الانترنت وإذاعية إن أمكن، والمتابع يرى أن مواقع مثل فيس بوك وتويتر ويويتوب دائما ما تقوم بحذف صفحات الحزب ومواده الإعلانية عن تلك المواقع على الإنترنت كلما رؤي لها قوة وانتشار، وبالنسبة للوسائل الإذاعية فقد أسس الحزب محطة إذاعية في سوريا أثناء الثورة، فطلبت تركيا من بعض فصائل الثوار أمثال هيئة تحرير الشام بإيقافها ومصادرة الأجهزة واعتقال شباب حزب التحرير لقيامهم بالبث عليها.
• استغلال الفرص، أي أن الحزب يركز أعماله أثناء الثورات أو أحداث عاصفة في البلد فيقوم الناس بتلقف ما يقولوه الحزب في تلك الأحداث الساخنة، وهذا أسلوب إعلامي.
• بيان كذب الإعلام الحالي، وذلك لضرب الثقة في الإعلام كونه لا يخدم إلا الأنظمة، فكشف الإعلام الحالي يجعل الناس تبحث عن مصدر آخر للأخبار.
والخلاصة أن الحرب الإعلامية على الحزب قوية جدا، ولكن الحزب مستمر باختراق هذا الطوق الإعلامي عليه، ومستمر بصد كل الهجمات الإعلامية عليه، وسلاحه الوحيد اعتماده على الله أن يعينه في تبليغ الدعوة للناس، وإيصال الإسلام للحكم، فالله نعم المعين على هذه الأمور، وإلا لو نظر لما يحاك ضد الحزب من حرب بالمنظار البشري لحكم على الحزب بالفناء السريع، ولكنه التوفيق من الله.
يتبع...................................................