إقتباس(طالب عوض الله @ Nov 23 2011, 10:46 AM)
بارك الله في الأخت الفاضلة حرصها على جلاء الأموؤ وعدم الإبهام:
اعلمي يا أختاه أن مفهوم ( الوطن ) غير مفهوم ( الوطنية ). فالوطن هو المكان الذي يعيش فيه الانسان، وفي عرف المسلمين هو كل بلد حكم بالاسلام داخلا في التبعية الاسلامية لدولة الخلافة، فمكة وطن لكل مسلم ، والقدس وطن لكل مسلم ، والأندلس وطن لكل مسلم.
أما ( الوطنية ) فهي شعور الفرد بانتسابه لوطن معين ينتسب له ويأخذ مفاهيمه من هذا الشعور العاطفي.
والوطنية غير القومية، إذ القومية تكتل الناس حول شعوب وأفوام ويضعون نظامهم طبقاً لهذا التكتل النابع من شعور عاطفي.
في الوطنية تقول : فلسطيني ... أردني ... مصري .... جزائري... ألماني.... أنجليزي.
في القومية تقول : عربي .... فارسي ... طوراني. .. جرماني... بريطاني.
بورك فيكم اخي الكريم
وللتوضيح نقول
فكرة الوطنية جزء لا يتجزأ من المؤامرات الغربية
لتكريس تجزئة بلاد المسلمين إلى أردن وفلسطين وسوريا ومصر وليبيا ... الخ، وقد تجلت هذه الفكرة ( الوطنية والثوابت الوطنية ..) بشكل خطير في الشعارات التي تراها في كل زاوية: الأردن أولا، مصر للمصريين، القضية الفلسطينية شأن فلسطيني، وهكذا كرست الوطنية تفتيت الأمة الاسلامية وجعلت أهل كل بلد غير معنيين بما يجري في البلد المسلم المجاور لهم، فحمامات الدم تراق في أرض بيت المقدس، ولا يتحرك عرق في جيش مصر أو الأردن أو سوريا أو تركيا لأنها ليست "وطنه"
كما أنها كرست تفتيت الأمة إلى دويلات ، مع أن الإسلام حرم أن يكون للمسلمين أكثر من حاكم، بل أمر بإطاحة رأس الحاكم الثاني إذا ظهر وللمسلمين إمام يحكمهم ،
ثم إن الوطنية كرست الاعتراف بالاستقلال ، أي استقلال البلاد الإسلامية بعضها عن بعض وتجزئتها، فتفرقت الأمة التي أمر الله أن تكون واحدة بفعل الوطنية إلى أمم فضعفت الأمة أمام أعدائها فكانت الوطنية سهما بغيضا مكَّن للكافر المستعمر احتلال البلاد ومص دمائها وخيراتها.
و بذلك تصبح "الوطنية" هي الرابطة التي تجمع الناس الذين يعيشون داخل حدود دولة من هذه الدول، و تفصلهم عن سائر الناس الذين هم خارج تلك الحدود. و بذلك يصبح اللبناني مرتبطا فقط باللبناني و يصبح المصري مرتبطا فقط بالمصري، حتى تنقسم الأمة و تتعدد همومها، و لا تعمل سويا في سبيل قضية واحدة هي قضية الأمة، فما يهم الجزائري لا يهم التونسي... و هكذا . و من أجل تكريس ذلك المفهوم ، بثت بين الناس شعارات مضللة خبيثة مثل "الدين لله و الوطن للجميع" و مثل نحن ننتمي إلى الوطن قبل أن ننتمي إلى الدين" و غيرهما من الشعارات التي تتعارض مع الاسلام من حيث الأساس. فأين الوطنية من قوله صلى الله عليه و سلم : "مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
هل حض الإسلام على الوطنية وعزز الشعور الوطني لدى المسلمين؟
دعاة ذلك يستندون إلى أن الرسول صلى الله عليه و سلم قال حين خرج من مكة: " أنت أحب بلاد الله إلي و لولا أن المشركين أخرجوني لم أخرج منك"، و بأن الاسلام أمر بالدفاع عن الاوطان و اعتبر ذلك جهادا في سبيل الله.
فأما حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي استدلوا به، فلا شان له بالوطنية لا من قريب و لا من بعيد. فالرسول عليه الصلاة و السلام لم يكن يحب مكة لأنها وطنه، و إنما كان يحبها لأنها البلد الحرام الذي يحتضن الكعبة الشريفة. و الذي يوضح ذلك هو الحديث نفسه الذي يستدلون به غالبا مجتزءا، فقد روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم لما خرج من مكة إلى الغار التفت إلى مكة و قال: " أنت أحب بلاد الله إلى الله ، و أنت أحب بلاد الله إلي، و لولا أن المشركين أخرجوني لم أخرج منك". إذا فالرسول صلى الله عليه و سلم كان يحب مكة لأنها أحب اليلاد إلى الله تعالى.
و أما قولهم إن الاسلام أمر بالدفاع عن الأوطان و اعتبر ذلك جهادا في سبيل الله، ففيه كثير من التدليس و التضليل.
ذلك أن الاسلام لم يأمر بالدفاع عن "الوطن" و إنما أمر بالدفاع عن البلاد الاسلامية بغض النظر عن كونها وطنا للمجاهد أو غير ذلك.
فعلى هذا الأساس فإن واجب الجهاد لتحرير فلسطين من دولة يهود و تحرير الأندلس من الأوروبيين و الدفاع عن أراضي البوسنة و الهرسك و الشيشان و بلاد كشمير في الهند، لا يناط فقط بأهل تلك البلاد طالما لا يستطيعون رد العدوان وحدهم، و إنما يناط الواجب بكل المسلمين الذين يلونهم ثم الذين يلونهم حتى يتحقق الفرض. و على هذا الأساس أيضا، لا يجب على المسلم الذي يعيش في غير البلاد الاسلامية كأستراليا و أميركا أن يدافع عن تلك البلاد إذا نشبت حرب بين دولته و دولة أخرى، بل لا يجوز له ذلك، لأن هذا قتال في غير سبيل الله، و الرسول صلى الله عليه و سلم يقول: "من قاتل تحت راية عمية، يدعو إلى عصبية ، أو ينصر عصبية ، فقتلته جاهلية".
ثم إن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يتمسك بتراب "وطنه" مكة الذي أخرج منه بغير حق هو و صحابته الكرم، و قد كان في استطاعته ذلك بعد الفتح. لكنه رجع إلى المدينة عاصمة الدولة الاسلامية و أقام فيها ما تبقى من أيام حياته، و و لم يوص المسلمين بدفن جثمانه الطاهر في تراب "الوطن" مكة المكرمة، و هكذا فعل أصحابه رضوان الله عليهم من بعده، فشهداء بدر و أحد دفنوا في البقيع في المدينة و أبو عبيدة دفن في غور الأردن، و أبو أيوب الأنصاري دفن قرب أسوار القسطنطينية، و حفظة القرآن الكريم من الصحابة دفنت أعداد منهم في أطراف الهند و بحر قزوين خلال الفتوحات الاسلامية، و لم يصدر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا عن صحابته الكرام أي اشارة "وطنية" أو حنين للديار ، بل كان همهم الأول و قضيتهم المصيرية إعلاء كلمة الله و نشر الاسلام و إخراج الناس من الظلمات إلى النور .