بسم الله الرحمن الرحيم

بايدن سيكون الرئيس السادس والأربعين لأمريكا لكن لا #ترامب ولا بايدن هما الفائزان الحقيقيان

- لقراءة المقال على موقع ‫#جريدة_الراية▼
https://bit.ly/3kksP7B

- بقلم: د. عبد الله روبين
===============

يواجه الرئيس ترامب تحديات قانونية، وبينما بعض الأصوات لا تزال غير محسوبة بعد، لكنّ النتيجة واضحة، وجو بايدن هو رئيس أمريكا المنتخب بنسبة 50.6٪ من الأصوات، وسيتعين على ترامب، بحصوله على 47.7٪ من الأصوات، مغادرة البيت الأبيض في كانون الثاني. لقد صوّت حوالي 70 مليون أمريكي لصالح ترامب، لكن معظم الـ74 مليون صوت التي صوتوا بها لبايدن كانت في الحقيقة أصواتاً ضد سلوك ترامب المشين والمحرّض على الانقسام، ولذلك بينما يخسر ترامب الانتخابات، فإنه في الواقع لا يزال الأكثر شعبية بين الاثنين، هذا إلى جانب قوة الحزب الجمهوري في الكونجرس، ما يعني أنه سيكون من الصعب على بايدن القيام بأية تغييرات جذرية. علاوةً على ذلك، فإنه يواجه تحديات كبيرة بشأن #الاقتصاد الأمريكي بينما تستمر أزمة كوفيد-19 في الانتشار مع تزايد عدد الحالات يومياً، وربع مليون حالة وفاة مسجلة. وتتصدّر الولايات المتحدة العالم في حالات الإصابة وحالات الوفيات بسبب كوفيد-19 وقد عانى اقتصادها بشكل كبير. وعندما يغادر ترامب بعد شهرين، ومع وجود مؤيدي السياسة اليمينية المتطرفة في المعارضة، سيكون من الصعب على بايدن أن يكون رئيساً محبوباً. ومع ذلك، فإن بايدن سياسي متمرس، فقد كان نائباً للرئيس أوباما لمدة 8 سنوات، ومن المرجّح أن ينجو من #التحديات التي تنتظره، حتى لو لم يستطع التغلب عليها.

يحظى بايدن بدعم #الأغنياء والأثرياء، وقد حصلت حملته على مبالغ عالية من التبرعات تجاوزت تلك التي تمّ تقديمها لحملة ترامب. معظم الممولين لم يُكشف عنهم، والأموال التي تبرعوا بها تسمى "الأموال المظلمة". وبالنسبة للعديد من الرأسماليين، لا يهم من سيفوز فهم يشترون النفوذ من كلا الجانبين من أجل توجيه أي حزب يفوز نحو السياسات التي تساعدهم أكثر. كان أحد أكبر مؤيدي ترامب هو روبرت مردوخ الذي استخدم فوكس نيوز ووسائل الإعلام الأخرى لدعم ترامب طوال فترة رئاسته. ومع ذلك، بمجرد أن بدى واضحاً أن ترامب قد خسر، انقلبت قناة فوكس نيوز ضده تاركةً الجمهوريين مثل السناتور كيفن كريمر يقدم الشكاوى، حيث قال: "فوكس نيوز تدين للشعب الأمريكي بالاعتذار".

في عهد ترامب، انسحبت الولايات المتحدة من العديد من الاتفاقيات الدّولية وأبعدت الأصدقاء. وفرض ترامب عقوبات على إيران، لكنه فشل في إعادة التفاوض على معاهدة جديدة معها، بينما سعت أوروبا للحدّ من آثار الإجراءات الأحادية الأمريكية. من المحتمل أن يجلس بايدن مع الشركاء الأوروبيين ويدفع إيران إلى حل وسط يتم إعادة التفاوض بشأنه. وسيتم التأكيد على الدعم الأمريكي التقليدي لحل الدولتين لقضية فلسطين مرةً أخرى بعد محاولات ترامب المتغطرسة لفرض ما يسمى بـ"صفقة القرن". لكن من غير المرجّح أن يقوم بايدن بأية تغييرات مهمة وسيعود إلى سياسة أسلافه في إبطاء توسع المستوطنات دون التمكن من إيجاد حل.

لقد كان أكبر فشل لترامب هو الوقوف بمفرده في وجه الصين. فلقد فكك جهود أوباما لبناء شراكة إقليمية عبر المحيط الهادئ لاحتواء الصين، وبدلاً من ذلك فتح حرباً تجارية مكلفة مع الصين بجانب الخطاب العدائي والتهديدات. ففي عهد أوباما، كانت الصين جزءاً من عملية حوار مستمرة نحو التحرير الاقتصادي، لكن ترامب أضعف التحالفات الليبرالية الدولية التي بنتها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية وسعى إلى الهيمنة عن طريق التهديدات والقوة المتغطرسة. لقد نجح ترامب مع الحكام الضعفاء والخاضعين، لكنه فشل مع الصين. بعد هذا الفشل ومع رحيل ترامب وتعافي الاقتصاد الصيني بسرعة أكبر بكثير من الاقتصاد الأمريكي، قد تصبح الصين أكثر جرأةً لتحدي المصالح الأمريكية وتصبح أكثر حزماً في المحيط الهادئ. ويجلب هذا خطر سوء التقدير والخسارة لكلا الجانبين، ولكن على المدى القصير على الأقل، لن يكون بايدن هو الفائز الحقيقي في الانتخابات الأمريكية 2020، بل بالأحرى هي الصين.