بسم الله الرحمن الرحيم

حسد الذليل على الهوان الصاغر

يروق لدعاة الخنوع والذلة أن يضعوا مصطلحات تؤصل لذلهم وخنوعهم، ولعلّ هذا الأمر يبدو جلياً واضحاً في عالم السياسة والحكم، حيث إنه كلما قام كيان يهود بقصف بلد، أو قتل رجل، أو اغتيال شخصية مهمة، تداعى أهل الذلة والاستخذاء وأرباب الجبن وأهله من أشباه الرجال، يدعون إلى (ضبط النفس) و(تفويت الفرصة على العدو) و(التعقل) حتى لا تصل المنطقة إلى كارثة!

الموجب لهذا الكلام والداعي لمقدمته، هو تداعي حكام المسلمين وعلى رأسهم أردوغان بعد مقتل العالم النووي في إيران فخري زادة على يد كيان يهود، ودعوة إيران إلى التعقل وضبط النفس وتفويت الفرصة على العدو للعبث بأمن المنطقة، وكأن إيران كانت تتجهز وتنصب صواريخها وتحرك دباباتها وتحلق بطائراتها لتبيد يهود وكيانهم؛ يذكرني موقفها هذا أننا ونحن صغار عندما كنا نخوض حرباً غير متكافئة في المدرسة مع أحد الطلاب كنا ننتظر (الفزيّعة) ليفكوا الاشتباك ونحمد الله أن تدخلوا في الوقت المناسب!

فإيران ألِفَت ضرب يهود لها في الشام ولبنان وحتى في إيران ولا تحتاج إلى (فزيّعة)، وبوصلتها وأسلحتها لا توجه ضد كيان يهود ولن تفعل، وعمل الفزّيعة ليس أكثر من أن يبقوا لها شيئا من ماء الوجه الذي لا أظن أنه بقي منه شيء، وحتى من تدخل ليفزع فإن يهود سبق وأن قتلوا على سفينة مرمرة 9 من أبناء شعبه، وردة فعله كانت انتظار (الفزيعة) حتى يجعل جبنه وخسته مبررا!

إن هؤلاء الحكام وأصنافهم من جماعة ضبط النفس وتفويت الفرصة على العدو ومؤيديهم، هم من يؤصل للجبن والخسة، يسمون الأمور بغير أسمائها، ولعمري لو كانوا في زمن النبي عليه الصلاة والسلام لدعوه إلى ضبط النفس، عندما قتل الروم الحارث بن عمير رضي الله عنه ولكانت عبارتهم بأن المنطقة لا تتحمل حروبا جديدة بحجة أنهم (فزّيعة)، ولتدخلوا عند المعتصم بحجة التعقل وضبط النفس، وأن أمر امرأة في سجون الروم لا يستأهل أن تخوض الدولة حربا!

إن صنعة التعقل وضبط النفس التي يمتهنها الكثير من الحكام ويتداعون لها ويؤصلون عليها ويفرعون، ما هي إلا صنعة الجبن والاستخذاء مهما زوّقت العبارات ووضعت عليها المساحيق، وإن كيان يهود وغيره من دول الكفر الذين استباحوا أرضنا وديارنا ما كان لهم أن يفعلوا لو علموا أن في الجموع رجالا، يردون الصاع عشرة، ولكنهم أمِنوا العقوبة فأساءوا الأدب، وإن تركيا أردوغان، وإيران المراجع، لا توجه أسلحتها إلا لقتل المسلمين، فأردوغان يقتل في الشام وقبلها أفغانستان، ولو كان مَن قتل الأتراك على سفينة مرمرة أكرادا ربما ردّ بقتل العشرات منهم، ولدمر أرضهم وديارهم، فهم أعداؤه! أما إذا كان القاتل كيان يهود، فإن الأمر بحاجة إلى التعقل وضبط النفس!! وإيران المراجع يُقتل لها قاسم سليماني وقبله عشرات العلماء والعسكريين وتُصفع بحذاء يهود في ليلها ونهارها في الشام ولبنان بل وفي أرضها وبين جمهورها، فلا تنبس ببنت شفة، وغاية ردها أنها سترد في المكان والزمان المناسبين، وتضع لائمتها على الزمان أو المكان أو كليهما معا، ولو كان الذي قتل سليماني أو زادة هو من حي من أحياء الشام فلربما دمرت حيّه بأكمله...

إن كيان يهود ومن وراءه من دول الغرب، لو علم أن رد إيران أو تركيا سيكون مثل رد هارون الرشيد أو رد المعتصم (الجواب ما تراه لا ما تسمعه) لما تجرأ أن يقترب من حياض المسلمين وأبنائهم، ولكنه يعربد في أرضنا وسمائنا بلا حسيب ولا رقيب لأنه علم أن حكامنا ليسوا منا ولسنا منهم، وأمثلهم طريقة هو من يسبّ يهود فوق الطاولة ويتعاون معها من تحتها، ويغادر مجلسا فيه بيريز لأنه يقتل الأطفال من أهل فلسطين ويقتل أطفال الشام بالرصاص أو بالجوع والعطش على حدود بلده!! هنيئا ليهود بأمثال هؤلاء الحكام، الذين بفقدهم سيفقد كيانهم سندا ودعما ربما لا يعيده التاريخ، فهؤلاء لا يولدون في العمر مرتين.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
خالد الأشقر (أبو المعتز بالله)