يدعم الإخوان المسلمون في المغرب (حزب العدالة والتنمية) حركة (أمير المؤمنين!) في توحيد المغرب ولو كان ذلك على حساب قضية فلسطين بالتطبيع مع كيان يهود.

أما الجناح الدعوي فيرفض ذلك، وكذلك حركة الشبيبة، ولكن القائمين على تسيير أمر الحركة سياسيا وحكما في الدولة فهم يدعمون (أمير المؤمنين المفدى!).

صقور وحمائم وأجنحة دعوية وعسكرية وسياسية ولكن العقلية واحدة للأسف، عقلية الإخوان المسلمين في التنازل. وهذا السجل طويل وقديم جديد: فمن جلس في مجلس بريمر المحتل في العراق، ومن بارك لبوتين سيطرته على الشيشان وأنها أمر داخلي روسي، ومن دعم النظام الهاشمي في الأردن لعقود بتصريحات قادتهم، ومن الذي انضوى تحت سلطة أوسلو التي باعت فلسطين... هي نفس العقلية البراغماتية والتي مفادها (أعطني شيئا من السلطة وأنا أعطيك القدس وحتى مكة)!

ثم من أين كان ملك المغرب إماما للمؤمنين؟! هذا الملك الذي لا يحكم بالإسلام والذي سلطه الغرب على رقاب المسلمين في المغرب، ومن قبله أبوه وجده، هل أصبح أميرا للمؤمنين ويجب دعمه وموالاته؟! من أين هذا الفهم وهذا المنهج؟! وما هذا الركون للظالمين؟!

الإخوان المسلمون وحركاتهم وأحزابهم وحكوماتهم المترامية في بلاد المسلمين هم أحزاب براغماتية تبحث عن مصالح الحركة في أي منطقة هي موجودة فيها، وللأسف يعتبرون مصالح الحركة في ذلك القطر أو البلد هي نفس مصالح الإسلام، وإذا ووجهوا بالنصوص الواضحة والمحكمة التي تناقض ما ذهبوا إليه قالوا بأن النصوص جامدة وجافة وتحتاج في كل عصر مَن يؤوّلها ويرى مصلحة المسلمين فيها. وبناء عليه تؤوَّل النصوص وتحرف وتبدل بناء على ما تراه الحركة من مصلحة آنية لها! وهذا التنازل عن النصوص الشرعية الواضحة في عدم التنازل عن فلسطين، والتي لا مجال لذكرها هنا لكثرتها ولأنها من المعلوم من الدين بالضرورة، باتت هذه النصوص كلها عرضة للتبديل والتغيير من أجل مصالح حركات وأحزاب وحكومات الإخوان هنا وهناك.

إن هذا يبين عمق تغلغل الغرب في الجماعات الإسلامية في بلادنا، أي أن الموضوع عقلية ومنهج وليس هفوة أو كبوة أو خطأ. إن الأمر جلل، ففيه تحريف للدين وخروج عن النصوص الثابتة؛ ولذا لا بد لحركات الإخوان المسلمين وحكوماتهم وأحزابهم أن تتقي الله في هذا المنهج والعقلية التي تغير أحكام الله وفق المصالح والمنافع التي ليس لها علاقة بمصلحة الإسلام والمسلمين.

وليعلم الجميع أن الأمة الإسلامية لم تعد تثق اليوم بلحية ولا دشداشة، فكل من يغير أحكام الله وشرعه ونهجه هو تحت المحاسبة وتحت المساءلة، هذا ناهيك عن غضب الله وعقابه للمحرّفين والمتنازلين والمتخاذلين عن قضايا المسلمين.

قال الله تعالى: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ﴾، وقال: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾.


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. فرج ممدوح