بسم الله الرحمن الرحيم



أكثر ما يعانيه الأطفال أن يكبروا في كنف دولة فاشلة

ترعى الكفر فتفسد أنظمة المجتمع وتدمر الأسرة!




نعم نتابع ونرى ما تقوم به الحكومة الانتقالية الطاغوتية من تمكين للقوانين العلمانية في السودان بدءاً من الوثيقة الدستورية في الحكم التي كتبها ونسقها المبعوث الأمريكي لتعلن أن السودان بلد في حالة "انتقال" من الإسلام والتطرف والإرهاب إلى الديمقراطية والحريات والمدنية، مروراً بقوانين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الرأسمالية والقروض الربوية الماحقة والتي سيطروا من خلالها على اقتصاد السودان وعلى صناعته وتجارته وزراعته، ونهاية بالقوانين التابعة للمواثيق الغربية الكافرة الخاصة بالمرأة والطفل والأسرة التي خطتها منظمة الأمم المتحدة ووزعتها على سائر بلاد المسلمين كـ"اتفاقية سيداو" التي تزعم أنها ضد التمييز ضد المرأة وهي في حقيقتها تدعو إلى أن تنسلخ المرأة عن أحكام الشرع الحنيف الخاصة بطاعة والدها وطاعة زوجها، وجعلوا منهم أعداء لها، ويبرر لهذه الاتفاقية المشؤومة المنتفعون الذين يصفون المسلمين بالجهل أو بعدم فهم البنود، في محاولة لتضليل الرأي العام، بينما بات حتى الطفل يفهم المؤامرات الكيدية وراء هذه الاتفاقية الخبيثة التي تهدف لتدمير الأسرة وللترويج لحياة الغرب المنحلة. والاتفاقية الأخرى المدمرة التي وقعت عليها الحكومة الفاشلة في رعاية شؤون الناس هي اتفاقية "الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته"، ومن يقرأها يفهم أنها تحتوي على السم الزعاف، فيريدون ضرب علاقة الطفل من صغره بأهله الذين أصبحوا بموجب هذه الاتفاقية أعداء للطفل!



ونتساءل أين هو هذا الطفل المعنف داخل بيته؟! في بلد وصلت نسبة الفقراء أكثر من 90%؛ هل للطفل بيت وهل له مستقبل وكرامة؟! فهل بموجب هذه الاتفاقية يقصدون الطفل المتشرد في الشوارع أو الذي ضاقت به السُبل ليصبح متسولاً، أم هل يا ترى يقصدون اليتيم الذي يعمل بائعاً متجولاً ليرعى أمه وإخوته؟ هؤلاء من أسقطتهم هذه الاتفاقية هم أطفال لا دخل لهم بتعليم ولا خدمات صحية، أطفال يتجولون في الشوارع القذرة جوعى وكرامتهم مهدورة لتحصيل لقمة عيشهم، تنال منهم المصائب؛ الأغلبية منهم بلا مسكن يؤويهم، طحنهم الغلاء والمرض وقسوة النظام ولامبالاة الحاكم بما يعانون، فليست مشكلة هؤلاء الصغار "سن الرشد 18 عاماً" أو"البوي فريند وتعدد العلاقات المحرمة" أو "الحفاظ على خصوصيته وحريته الشخصية وإن وصلت للردة والإلحاد!" فالاتفاقية همها تكفير الطفل المسلم وتخلو تماماً من مواد تثبت حقوق الطفل الحقيقية المرتبطة بالحياة والعيش المطمئن، فالناس يموتون جوعاً ومرضاً وعوزاً وقهراً وقتلاً والحكومة تبذل جهدها لقتل الرعية. فلا تحتوي الاتفاقيات الغربية على بنود تعالج مشاكل المرأة والطفل الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية التي تمس قضاياهم المصيرية، لأن هدف الحكومة العميلة للغرب الكافر المستعمر إبعاد المسلمين عن الإسلام وتحريضهم على الانفلات من كل القيود الشرعية والأسرية والمجتمعية بداية من سن صغير، فالطفل تحميه الدولة وتشجعه ليفعل ما يريد، حتى إنها لا تعاقبه على أي جريمة يرتكبها إلا بعد أن يبلغ 18 سنة؛ سن الرشد عند العلمانيين. هذه الحكومة التي تريد إخراج الطفل المسلم من بيته إن تجرأ وعاقبه والداه بالضرب أو تدخلوا في قراراته أو "أجبروه" على اعتناق الإسلام أو عارضوه في اختياره لديانة أخرى! وهذا الطفل الذي ترك بيته سيبقى في الشارع. فالدولة فشلت في رعاية شؤون الشعب وفشلت في حل المشاكل الاقتصادية وفشلت في التربية والتعليم، فهل ستوفر لمن ترك أسرته وبيته مأكلاً أو مشرباً أو مسكناً أو مدرسة أو جامعة أو مكاناً للعمل؟! إلا أنهم غير مسؤولين عن ذلك، هم فقط مسؤولون عن إفساد الأجيال الناشئة لأنهم أبناء المسلمين، وبالعكس يريدون لهم أن يصبحوا أولاد شوارع يعيشون عيشة الضياع! ونعلم أن الغرب الكافر المستعمر الذي يعتبره هؤلاء الحكام في بلاد المسلمين قادة العالم!! يعيش عيشة الكفر والضلال يربح من تجارة بيع الأعضاء البشرية ويستخدم أطفال المسلمين في هذه التجارة الخسيسة، كما يدير أكبر أسواق للأفلام الإباحية لاستغلال الطفل جنسياً، وأفريقيا بالنسبة لهم مصدر البضاعة لتلك السوق! فنظرة الدول الغربية المستعمرة للأمة الإسلامية عامة ولمسلمي أفريقيا خاصة نظرة استحقار وعنصرية واستعباد واستغلال، ولن تتغير هذه النظرة لأن مصدرها عقيدة الغرب الكافر المستعمر وهي فصل الدين عن الحياة، وما يحكم أفعالهم في جميع مناحي الحياة هو المصلحة المادية والربح، فأفريقيا والعالم مرتع للإنسان الأبيض الكافر الذي لا يؤمن بحساب ولا عذاب. فذلك "الطفل المرفّه" يظل صورة جميلة تُنشر على وسائل الإعلام والدعايات ولا وجود لها على أرض الواقع لأن الواقع هو الوضع السياسي الذي يسيطر عليه الكفار ويعمل على ترويض ذلك الطفل المسلم ليقبل الحياة الغربية والذي يسلب حقه في حياة إسلامية نقية، ويعول النظام على تربية أجيال تصمت على الانتهاكات الحقيقية لحقوقهم بتطبيق نظام حكم لا يحكم بما أنزل الله تعالى من خلال علمنة مناهج التعليم والترويج للأفكار غير الإسلامية، كما الواقع وقوف الطفل في صفوف الخبز ساعات وساعات وحرمانه من أن يكبر في مجتمع يشجعه على الإبداع وفي مجتمع ناهض فكرياً ومتقدم تكنولوجياً، فالواقع هو الجهل بسبب تأجيل أو إغلاق المدارس والجامعات وانعدام الكفاءات بسبب سياسات الحكومة الانتقامية، والأغلبية من المعلمين قد هاجروا إلى خارج البلاد بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية، ففي الوقت الذي سحبت فيه الحكومة الانتقالية في السودان تحفظاتها على قوانين "الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل" خرجت السودان من التقييم العالمي لجودة التعليم. "خروج السودان من التقييم العالمي لجودة التعليم" (الحرية 1/12/2020م).



ولا تهتم الحكومة لحقوق ومطالب واحتياجات الإنسان البالغ حتى تهتم للطفل كما تدعي، بل هي تعمل على تدمير كل ما ينفع أبناء المسلمين، لتكتمل بواسطتها أركان المؤامرة الدنيئة بقيادة الغرب الكافر المستعمر لسلخ أبناء وبنات المسلمين من كل الأعمار عن أي مقومات للنهضة الفكرية. فتارة حاربت الحكومة العلمانية في السودان الخلاوي والمدارس القرآنية، وتارة أغلقوا المدارس الخاصة، وحتى اللحظة يتم تأجيل بدء العام الدراسي الجديد بسبب عدم توفر الكتاب المدرسي، وكثير من الناس حمدوا الله على ذلك حيث إن المناهج التعليمية الجديدة في عهد الحكومة الانتقالية مناهج علمانية تعمل على إقصاء الإسلام عقيدةً وأحكاماً عن أذهان وحياة الأطفال، وليست المشكلة في الكتاب المدرسي فقط بل في الترحيل ووجبة الإفطار التي لا يستطيع الأهل توفيرها للطالب بسبب أزمات الوقود وانعدام الخبز وبسبب غلاء أسعار تعرفة المواصلات والسلع التموينية، ناهيك عن المباني المهترئة وانعدام الأثاث المدرسي، والأسوأ انعدام المعلمين والمعلمات الكفاءات الذين تثقفوا بثقافة إسلامية عالية فيطمئن الأهل أن أطفالهم في أيد أمينة، بالإضافة إلى انعدام الإجراءات الاحترازية من جائحة فيروس كورونا وفشل النظام في التعامل الصحيح مع الوباء وانعدام الموارد الصحية والدواء والمشافي والتغذية الصحية الصحيحة بسبب غلاء أسعار السلع الضرورية. فلن تجد طفلاً "مرفّهاً" مضطهداً في بلد كان سلة غذاء العالم يتسول الآن القمح ونهبت ثرواته نهاراً جهاراً لا يمتلك قراره، يسيطر على مفاصل الحكم فيه أمريكا وأوروبا. هذه الحال المزرية بينما أعلن البنك الدولي مؤخراً عن دعمه للتعليم في السودان بمبالغ ضخمة. "61.5 مليون دولار من البنك الدولي لدعم التعليم في السودان"، (الراكوبة، 22/11/2020م).



وقبل ذلك دعموه بأموال أخرى؛ "الشراكة الدولية للتعليم تمنح مدارس السودان 72 مليون دولار فبراير المقبل" (الراكوبة، 26/1/2020م).



والواضح أن الحكومة لم تصرفها على تصليح مباني الدراسة أو لتوظيف كفاءات أو لطباعة الكتاب المدرسي أو لتوفير التعليم المجاني لجميع الأطفال، فالأموال تُدفع وتستلمها الحكومة لكن لا يتغير الوضع بالنسبة لرداءة التعليم وسوء الإدارة وسوء الرعاية، بل يتغير الوضع فقط في نطاق موافقة الحكومة على التوقيع على مواثيق واتفاقيات غربية الهدف منها تدمير المجتمع! فالأموال تُقبض مقابل أن يحارب النظام الحاكم الإسلام من خلال القوانين الدولية وسلطة الدولة، وهذا ما نجده أيضاً بالنسبة للتبرعات التي تصل للقطاع الصحي وتنهبها الحكومة! ("اتهامات بين "الصحة" و"المالية" بشأن الأموال المخصصة لجائحة كورونا" (السوداني نيوز، 13/6/2020م)



والأطفال هم الضحايا؛ "شلل الأطفال يعود إلى السودان"، (إيلاف، 8/9/2020م)



اشتكت للصحيفة والدة الطفل م. ب. أنها ذهبت بطفلها لمستشفى الجراحة بود مدني وتم إخضاع طفلها الذي يبلغ من العمر سبع سنوات لعملية جراحية بساقه بعد إصابته بجرح عميق بزجاج تعرض له الطفل وأصيب بنزيف شديد من الجرح وبعد أن أحضرت مستلزمات عملية خياطة للجرح تم إفادتها أن العملية ستتم بدون بنج وأن كل عمليات الطوارئ تتم بدون بنج لانعدام البنج الموضعي بالمستشفى وجميع صيدليات ود مدني، وحين أصرت الأم أنها ستبحث عنه بأي مبلغ قالت أقنعوني بالمستشفى أن لا تتعب نفسها بالبحث وتأخر الوقت ليس من صالح الطفل الذي ينزف جرحه لانعدام البنج بكل صيدليات المستشفى. ووصفت الأم أن صوت صراخ الأطفال الذي كان يصدر منهم عاليا بسبب عدم تحمل الوجع بدون بنج موضعي الفظيع من إجراء العمليات لهم بدون بنج وكان فوق تحملهم ولا يتحمله أي شخص واشتكت من تردي الوضع الصحي وسوء الخدمات الصحية الذي وصل لهذه الدرجة غير الإنسانية والموجعة. "إجراء عمليات للأطفال بدون بنج بمستشفى جراحة الأطفال بود مدني". (صفحة فجاج الإلكترونية، 7/12/2020م)



لقد احتلت قوى الحرية والتغيير وشريكها المكون العسكري في الحكم المركز الأول في سوء رعاية شؤون الناس عامة والأجيال الناشئة خاصة. وكيف لا تفشل وقد اعتلى مناصب الحكم شخصيات انتقامية فاقدة للرؤية المبدئية ولا تمتلك الكفاءة المطلوبة لحل القضايا العالقة وليس لديهم أدنى فكرة عن علاج المشكلات بل يجيدون فقط استغلال السلطة أسوأ استغلال لتحقيق مصالح مادية ويتحركون فقط ضمن خطوط عريضة لأجندات غربية تشن حرباً عالمية على الله سبحانه وتعالى ورسوله ﷺ، فلم يكن هدف من أتت بهم الحكومة العلمانية الفاشلة للحكم





أبداً الارتقاء والتقدم تعليمياً أو صحياً أو توفير حياة كريمة وآمنة في ظل أُسر سوية وسعيدة ومجتمع راقٍ نظيف ودولة ترعى شؤون الناس أطفالاً وشباباً وشيباً، بل أتت بهم لتصفية الحسابات ليصبحوا أكثر إجراماً من النظام الساقط حيث ضاعت الثورة وأهدافها على يد هؤلاء المتسلقين.



إن هذه الاتفاقيات والمواثيق جاءت لتضليل المتابع ولإيهامه أن الدولة العلمانية ترعى حرية واستقلالية المرأة والطفل بينما الدولة تدمر عقيدةَ المسلمين وتعمل على تدمير صلتهم بالإسلام كما تعمل على تدمير صحتهم وعقولهم فقد جاع الناس وتفشت الأمراض، وكل ذلك "انتقال" إلى دولة ديمقراطية مدنية رأسمالية فاشلة في بلاد الغرب أساساً والتي تعتمد على الربا ولا تعمل على تطوير مقدرات الدولة التي تخدم الرجل والمرأة والطفل وعلى توفير الاحتياجات الأساسية في جميع النواحي الحياتية، وهذا لن يتحقق إلا إذا حكمت الدولة جميع الناس على أساس العقيدة الإسلامية ليسير النظام بما يرضي الله تعالى وعلى نهج رسول الله ﷺ في المدارس والجامعات والمساجد والمؤسسات والمستشفيات والمراكز الصحية والرياضية وفي الصناعة والزراعة والتجارة والنتيجة تخفيض الأسعار وتشجيع الإنتاج وتوفير الاحتياجات للطفل وللأسرة لتُحل المشاكل فتنشأ الدولة التي تُطبق النظام السياسي في الإسلام وتحكم بالقوانين الربانية. (انظر كتاب دستور دولة الخلافة لحزب التحرير)، لتُنشئ أجيالاً ناشئة تعبد الله تعالى وتقتدي برسول الله ﷺ، مرفهة فعلياً وناهضة فكرياً لتنهض بالأمة الإسلامية، تنتقل من نجاح إلى نجاح في المجالات العلمية والتعليمية والصحية والاجتماعية والاقتصادية وتصبح قائدة للأمم الأخرى وتأخذ بيدها من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، وذلك ما سيكون عليه الوضع في دولة الخلافة الراشدة الثانية القادمة على منهاج النبوة، ومن يبحث في الكُتب عن تاريخ الخلافة الإسلامية اللامع والمشرق بالنسبة للتعليم والصحة والعدل والرفاهية وحفظ حقوق الإنسان؛ الرجل والمرأة والطفل؛ سيجد مئات الكتب وآلاف المقالات التي توثقه ليتضح أكثر أن على المسلمين العمل لإسقاط كافة المواثيق الغربية والامتناع تماماً عن العمل بموجبها والتصدي للقوانين الوضعية التي أهلكت حرثهم ونسلهم وأن يعملوا لإقامة دولة الخلافة الراشدة التي ستطبق الإسلام من جديد لينعم الإنسان بحياة كريمة كما أراد له الله تعالى.



كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة محمد حمدي – ولاية السودان