اقترحت قوى الحرية والتغيير، على وزيرة المالية هبة محمد، تخفيض مخصصات مجلس السيادة 40% في موازنة 2021 لسدّ العجز، وأشارت صحيفة الانتباهة الصادرة الأحد 27/12/2020م، إلى رفض الوزيرة بداية إطلاع التحالف الحاكم على الموازنة، وطلبت منه إحضار إذن من رئيس الوزراء بذلك تلقاه التحالف لاحقاً من رئيس الوزراء، وأوضحت الصحيفة وفق مصادرها أنّ معالجات تمّت كلّلت بتخفيض العجز من 300 مليار جنيه بموازنة 2021 إلى 100 مليار جنيه، وكشفت الصحيفة عن إدراج منح مالية وعينية من دول خليجية بـ"4.800" مليار دولار بالموازنة. وذكرت أنّ وزيرة المالية طلبت من التحالف الحاكم إحضار خطاب من رئيس الوزراء لتنفيذ مقترح تخفيض مخصصات مجلس السيادة 40 بالمئة، بينما فشلت محاولات لزيادة الربط الضريبي للجمارك من 75 مليار جنيه إلى 100 مليار جنيه. وفي وقت سابق بتاريخ 26/8/2019 أوردت صحيفة السوداني ما يلي: "تسلم جميع أعضاء السيادي العربات المخصصة لهم ماركة (إنفنتي)، وتمت بالقصر الجمهوري الإجراءات البروتوكولية من تخصيص حراسات شخصية للأعضاء وتسليم العربات، فيما تتم اليوم عملية توزيع المكاتب للأعضاء بالقصرين".

وأيضا جاء في شهر شباط/فبراير 2020 في صحيفة (مصادر)، أن الحكومة الانتقالية، أجرت تعديلات جديدة لرواتب الوزراء الاتحاديين ووكلاء الوزارات، إذ قفز راتب الوزير الاتحادي إلى 150 ألف جنيه، ووكيل الوزارة إلى 90 ألف جنيه. وبحسب معلومات (مصادر)، فإن مرتبات الوزراء ووكلاء الوزارات سيتم تحويلها مباشرة إلى الحسابات الخاصة للوزراء والوكلاء عبر نافذة مركزية داخل مجلس الوزراء، خلافاً للطريقة المتبعة في عهد الإنقاذ، حيث يتم صرف رواتب الدستوريين ضمن استحقاقات كبار الموظفين بمؤسساتهم الحكومية.

ففي الوقت الذي فيه الحد الأدنى للرواتب والأجور هو 3000 جنيه يتقاضى الوزير 150000 جنيه، وفي الوقت الذي يئن فيه أهل البلد من ضيق الحال وغلاء فاحش لم يسبق له مثيل وأزمات طاحنة، نجد حكامه لهم نصيب الأسد من أمواله وخيراته يتنعمون بها غير مبالين بحال الناس الذي بلغ ذروته من الفقر والعوز وشظف العيش بسبب سياساتهم العرجاء التي تسير بغير هدى من الرحمن، وإنما تسير على خطا الشيطان الذي سول وزين لهم تحاكمهم إلى شرعة الطاغوت وخضوعهم الكامل له. فكيف تسمحون لأنفسكم وقد بلغ الحال بالناس مبلغاً، بنيل مثل هذه المخصصات والمرتبات، بدل أن تقلصوا رواتبكم وتوظفوا الأموال لصالح الناس حتى ينعموا بالرخاء كما تنعمون؟!

إنه لا غرابة في مثل هذه التصرفات ممن جعلوا المنصب والحكم هو مجرد غنيمة وكيكة يطمع بها كل واحد منهم، وهمه أن ينال أكبر قطعة منها لا كما صورها الإسلام بأنها أمانة ويوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وحسابه على الله! نعم أخذها من اتبعوا شريعة الله منهاجا أمانة يخاف من نفسه عليها، فكم منهم رفض تولي المناصب خوفا من المسؤولية العظيمة، ومن أخذها منهم أخذها بحقها خلفاء وولاة المسلمين فكانوا أول من يجوعون وآخر من يشبعون، كانوا من جنس الأمة تحبهم ويحبونها، لا يغمض لهم جفن وأحد الرعية يعاني جوعا أو مرضا حتى يقضوا حاجته، فضربوا لنا أروع الأمثلة عندما جعلوا العقيدة الإسلامية أساسا لحكمهم... فقد جاء في السير أن خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل سعيد بن عامر والياً على حمص، ولم يمر وقت طويل حتى جاء إلى أمير المؤمنين وفد من أهل حمص، فقال لهم: "اكتبوا لي أسماء فقرائكم حتى أعطيهم من مال المسلمين"، فكتبوا إليه أسماء فقرائهم، فكان منهم سعيد بن عامر والي حمص. فسألهم عمر "ومن سعيد بن عامر؟". قالوا: "أميرنا". قال عمر رضي الله عنه: "أمريكم فقير؟". قالوا: "نعم والله، إنه تمر عليه الأيام الطوال ما توقد في بيته نار، ولا يطبخ طعام". فبكى عمر رضي الله عنه، ثم وضع ألف دينار في صرة، وقال: "أعطوه هذا المال ليعيش منه".

فلما رجع الوفد إلى حمص وأعطاه الصرة، قال سعيد: "إنا لله وإنا إليه راجعون!" وكأنه قد أصابته مصيبة، فسألته زوجه: "ما الأمر؟ هل حدث مكروه لأمير المؤمنين؟" قال سعيد: "أعظم من ذلك! دخلت علي الدنيا لتفسد آخرتي". قالت: "تخلص منها!" وهي لا تعرف من أمر الدنانير شيئاً. قال سعيد: "أوتساعدينني على أن أتخلص منها؟" قالت: "نعم". فوزع سعيد بن عامر الدنانير الألف التي أرسلها إليه عمر على فقراء المسلمين.


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ عبد الخالق عبدون
عضو المكتب الاعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان