لدى مخاطبتها مائدةَ النقاش المستديرة بفندق كورنيثا حول إدماج قضايا "النوع الاجتماعيّ" في عمليّات حفظ السلام، ونزع السلاح، والتسريح، وإعادة الدمج، التي نظّمَتْها وحدة مكافحة العنف ضدّ المرأة، اليوم، بالتعاون مع بعثة الأمم المتّحدة والاتحاد الأفريقيّ لحفظ السلام في دارفور (اليوناميد)، أكّدَتْ الأستاذة لينا الشيخ وزيرة العمل والتنمية الاجتماعيّة أهمية العمل المشترك لتحقيق السلام المُستدام، مشيرةً إلى أهميّة الخطّة الوطنيّة لإنفاذ قرار مجلس الأمن (1325) الخاص بالمرأة والسلام والأمن ومشدّدةً على ضرورة تعزيز دور المرأة في عمليّات السلام. ومن جانبها أكدت الأستاذة سليمى إسحاق الخليفة، مديرة وحدة مكافحة العنف ضدّ المرأة، أهمية جنْدَرَة السلام ووضعِ آلياتٍ للحماية والوقاية من العنف القائم على "النوع الاجتماعيّ" في برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج والإعمار. (سونا، 2020/12/29)

اعتمد القرار بالإجماع في تشرين الأول/أكتوبر 2000م، بعد ضغط كبير من المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال النساء والسلام والأمن، وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، والذي خلفه الآن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، والقرار 1325 هو قرار ملزم للأمم المتحدة وجميع الدول الأعضاء، كما يشجع القرار الدول الأعضاء على إعداد خطة عمل وطنية لتفعيل القرار. ولعبت مجموعة المنظمات غير الحكومية دوراً مهماً في إنجاح الضغط على المجلس، لعقد جلسات مفتوحة عن النساء، والسلام والأمن، والاستشارة، مع أعضاء المجلس عن القرار، وإمدادهم بالمعلومات القابلة للتطبيق، لذلك يعد القرار جهداً نسوياً لترجمة المفاهيم لنسوية ذات الصبغة الغربية التي لم تجلب أمناً ولا طمانينة للمرأة في الغرب!

وحسب ما دوّنه موقع الأمم المتحدة فإن القرار 1325 جاء للاعتراف بمدى تجاهل مساهمات المرأة في حل النزاعات وبناء السلام. كما شدد القرار على أهمية مشاركة المرأة على قدم المساواة وبشكل كامل كعنصر فاعل في إحلال السلام والأمن. وبالتعمق في هذا القرار نجده يشمل نقاطاً رئيسية عدة تصب في مشاركة المرأة في صنع القرار، فبحسب موقع وكيبيديا فإن القرار 1325 يضمن الآتي: مشاركة المرأة على كافة مستويات صنع القرار. ويشمل مشاركتهن في المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية، وآليات منع النزاع، ومفاوضات السلام، وعمليات حفظ السلام (كشرطيات وجنديات وعاملات مدنيات)، وكذلك كممثلات للأمين العام للأمم المتحدة...

ولكن السؤال هو: هل مشاركة المرأة أو الرجل هي أساس لحل أي مشكلة؟ أم أن عدالة النظام الذي يطبق باعتباره حلاً للمشكلة؟

كما يتضمن القرار العمل على منع العنف ضد المرأة من خلال تعزيز حقوق المرأة وأعمال المساءلة وتطبيق القوانين. كما يشدد على مسؤولية تعزيز حقوق المرأة في إطار القانون العام للدولة. والمفارقة هي أن القوانين التي طالب القرار بتعزيزها هي سبب العنف ضد المرأة، وحياة المرأة في الغرب نموذج لهذا العنف الناتج من تشريع قوانين وضعية لا تناسب واقع المرأة.

وتضمن القرار أيضا تعميم منظور "النوع الاجتماعي" في عمليات حفظ السلام، ويشمل تعيين مستشارين لشؤون "النوع الاجتماعي" في جميع عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وأخذ الاحتياجات الخاصة بالمرأة في الاعتبار دائماً عند رسم السياسات وكذلك السماح بنفاذ المعلومات المتاحة من جانب منظمات المرأة إلى جميع السياسات والبرامج، وهذا ما حدث في السودان بعد الثورة؛ فقد تدخلت هذه المنظمات في إلغاء قوانين تخص المرأة والمجتمع وتثبيت قوانين ذات صبغة غربية لا تمت بصلة للمرأة في السودان. هذا القرار يوحي بأن البشرية تعاني انعدام السلام والأمن بعدم المشاركة المتساوية للمرأة مع الرجل! أما أسباب الحروب والصراعات الحقيقية، والتي تقف خلفها الدول الرأسمالية فهي غير قابلة للبحث رغم أنها أساس مشاكل البشرية على الأرض!

بدأ مجلس الأمن بتشجيع تطوير خطط العمل الوطني كأداة يمكن للدول الأعضاء استخدامها لتفصيل الخطوات التي تتخذها من أجل تحقيق أهداف القرار، وتعالج خطة العمل الوطني جانب السياسات الاجتماعية والأمن البشري، وتتطلب في الغالب تنسيقاً متداخلاً. وكثير من خطط العمل الوطني للدول المانحة تهدف إلى تركيز وتحديد وتوثيق التزامهم بنشر مبادئ القرار 1325. رغم ذلك فإن 32% فقط من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة هم الذين نفذوا خطة العمل الوطني. وتوجد فجوة كبيرة في الدول المساهمة بقوات وأفراد شرطة في مهام حفظ السلام، فالدول الأربع الكبار الذين يمدون بعثات حفظ السلام بقوات وأفراد شرطة وخبراء عسكريين لم يتبنوا خطط العمل الوطني بعد.

ورغم عدم موضوعية القرار 1325 تصر حكومة السودان على إقرار هذه السياسات، وحسب ما صرحت به نوال حسن عثمان مستشارة للنوع الاجتماعي لولايات دارفور، في برنامج "نحو سلام دائم للسودان" وهو برنامج تابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في لقاء الذكرى العشرين لاعتماد قرار مجلس الأمن 1325 المتعلق بالمرأة والسلام والأمن الاجتماع، الذي شاركت فيه مع الأمين العام بهذه المناسبة، تصريحات السيدة نوال تكشف عن أوضاع مشاركة المرأة في السودان في صنع القرار وحل النزاعات المسلحة وأنها دون الطموح فقالت حسب موقع أخبار الأمم المتحدة: (النساء شاركن، عبر مختلف منظماتهن، في كل محادثات السلام المتعلقة بدارفور التي عقدت في أماكن مختلفة منها أبوجا وطرابلس والدوحة وغيره، وحديثا قدم الملتقى ورقة في محادثات جوبا تحوي أجندة النساء وأولوياتهن للسلام، وقد تم تضمين الورقة في النقاش المتعلق بـ"النوع الاجتماعي" في تلك المحادثات). وشهد توقيع الاتفاق المبدئي والنهائي حضور عضوات من الملتقى، وذكرت نوال أن النساء شاركن أيضا مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في وضع خطة وطنية لتطبيق القرار 1325 وأنهن يدعمن تطبيقه على المستويين الولائي والقومي، وبالتأكيد هي تعني مجموعات النسويات الفاعلات هذه الأيام في ظل الحكومة الانتقالية مدافعات عن العلمانية الصريحة!

إذن يجب أن يطبق السودان هذه النقاط الرئيسية حتى يصل لتنفيذها كاملة على الواقع، وهذا ما أكدته الأستاذة سليمى إسحاق الخليفة، مديرة وحدة مكافحة العنف ضدّ المرأة، ففي هذه الورشة أكدت على أهمية جنْدَرَة السلام ووضعِ آلياتٍ للحماية والوقاية من العنف القائم على "النوع الاجتماعيّ" في برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج.

إن الله سبحانه وتعالى هو السلام، وشرعه هو الأمان. أما قرارات المنظمات الدولية فهي تحمل في طياتها الأزمات، بل هي الأزمات بعينها! فإلى شرع الله الحنيف يا نساء السودان ندعوكن، واعملن لتمكين أحكام الإسلام في البلاد، فهو فوز في الدنيا، والنجاة في الآخرة.

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذة غادة عبد الجبار (أم أواب) – السودان