أوردت الصحفية بصحيفة الانتباهة سهير عبد الرحيم في عمودها خلف الأسوار ما يلي: "... لنترك الفضيحة القديمة لمبارك أردول بخصوص صفقة برج الضمان الاجتماعي ونخبرك بآخر فضيحة لم تمض عليها بعد 24 ساعة. مبارك أردول والذي يفترض أنه مدير الشركة القومية للموارد المعدنية والذي ينبغي أن يكون حريصاً على المورد الأول للبلاد في هذه الآونة الذهب".

السيد أرسل رسالة في (جروب واتس) اسمه (اتحاد شركات التعدين) طلب فيه من الشركات التي تعمل في التعدين أن تدفع كل شركة مبلغ مليار جنيه بالقديم من أجل رحلة السيد مني أركو مناوي لدارفور!!! وقد جاء في تلك الرسالة: (الإخوة الأعزاء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته توصلنا مع الإخوة أعضاء اللجنة إلى أن هنالك أهميةً قصوى لتوفير المبلغ المرصود لكل شركة وهو مليون جنيه سوداني لا غير، وأرجو أن تسلم إلى المكتب التنفيذي للأخ المهندس منصور صديق خلال 48 ساعة من الآن نسبةً لاستعجال الأخ الحاكم وسفره إلى دارفور).

السادة أصحاب شركات التعدين أسقط في أيديهم تماماً ولكن على أسلوب التلويح بالعصا والجزرة، لم يجرؤ أحد على الاعتراض خاصةً أن الرسالة كانت واضحة مهلة 48 ساعة فقط.!!! لم يكتف أردول بذلك بل أعقب الأمر برسالة في اليوم التالي جاء فيها: (تكتب الشيكات باسم الأخ صديق حسن مساعد ود أصول وهو مدير إدارة المسؤولية المجتمعية بالشركة) انتهى. ومن جهة أخرى أورد موقع التغيير الإخباري خبرا مفاده، بدأ سودانيون تدوين بلاغات في نيابة مكافحة الفساد جرائم الأموال العامة في مواجهة مدير شركة الموارد المعدنية مبارك أردول. وتأتي البلاغات على خلفية تداول مستندات مالية تشير لوجود شبهة فساد في تبرعات حفل تنصيب حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي. وتعتبر الشركة السودانية للموارد المعدنية إحدى أذرع وزارة الطاقة والنفط السودانية، وهي مسؤولة عن تنظيم عمل شركات التعدين.

وسبحان الله! كنا ننتظر رد فعل قوياً من وزير المعادن جراء تصرف المدعو مبارك أردول ولكن شيء من هذا لم يحدث وليته اكتفى بالسكوت بل دافع عن هذا الفاسد دفاع المستميت! فقد أوردت سودان برس خبرا في 2021/8/6 تحت عنوان: "وزير المعادن: أرجو ألا تقوم القيامة بدعم أردول لدارفور"، جاء فيه: "دافع وزير المعادن محمد بشير أبو نمو عن كافة الخطوات التي اتخذها المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول. وقال أبو نمو في تغريدة له على تويتر إن أردول موظف يتبع لوزير ولم يتصرف لوحده ومزاجه، مؤكدا أن ما يتعرض له أردول حاليا تعتبر الحملة الرابعة. وأشار إلى دعم هذه الشركات للقوات المسلحة في الفشقة ودعم مستشفى عطبرة، بجانب دعم تخفيف آثار السيول في الشمالية. وأضاف أبو نمو أرجو ألا تقوم القيامة لأن مبارك أردول أعلن عن دعم الحكم في دارفور".

وفي 2021/1/24 أورد موقع باج نيوز خبرا تحت عنوان: "صفقة "أردول" تثير الجدل" جاء فيه: "أثارت صفقة شراء شركة الموارد المعدنية برج الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي التابع لوزارة التنمية الاجتماعية والعمل بشارع إفريقيا بالخرطوم بقيمة 50 مليون دولار جدلاً على المنصات الاجتماعية".

وركزّت الانتقادات التي انتشرت على المنصات الاجتماعية على أنّ الإجراءات ينبغي أنّ تكون عبر وحدة حكومية معنية بالرقابة والمحاسبة، بينما ذهبت بعض الانتقادات إلى أنّ الطرفين "المشتري والبائع" كأنهما لا يعترفان بالعملة المحلية، وعقدا الصفقة بالدولار الأمريكي في وقتٍ تشكو فيه الخزانة العامة من نضوب العملات الصعبة.

وأورد موقع المرصد العربي تحت عنوان: "حمدوك يغطي فساد أردول" ما يلي: "استدعى رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول لاستيضاحه حول ما رشح في الإعلام بخصوص طلبه مساهمة مالية من شركات التعدين لدعم حكومة إقليم دارفور، وذلك بحضور وزراء المالية والتخطيط الاقتصادي، والمعادن، وشؤون مجلس الوزراء، وبيّن مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية أن ما طُلب منه كان المساهمة لحشد موارد لدعم حكومة إقليم دارفور، وأكد أن الشركة لديها تجارب مماثلة في السابق منها محفظة السلع الاستراتيجية ودعم الجيش في شرق البلاد، وتخفيف آثار كارثة الأمطار والسيول في ولايتي نهر النيل والشمالية خلال العام الماضي. وخلص الاجتماع إلى أن الطريقة والأسلوب اللتين اتبعتا في تلك الحادثة كانتا بطريقة خاطئة، لأن الشركة السودانية للموارد المعدنية هي جهة منظمة لعمل الشركات، ولذلك لا يجب أن تدخل معها في شبهة تضارب مصالح".

سبحان الله! الفاسدون الذين تكرر فسادهم مرات ومرات يُكتفى بلفت نظرهم فقط، دون أي محاسبة أو عقاب حيال ما ارتكبوه من فساد وهذا طبيعي في النظم الرأسمالية التي تقوم على الفساد والإفساد وأكل أموال. وفي غياب الحرص على المال العام تصبح مستباحة لكل من هب ودب، فلا عقوبات رادعة تنزل عليهم حتى لا يعودوا لمثل هذه الأفاعيل الشنيعة وهذا التعدي الواضح على الأموال، فهذا الأمر طبيعي في ظل دولة كرتونية وظيفية لا تقوم على أساس عقيدة الإسلام العظيم الذي أولى المال العام عناية فائقة وعدّ التعدي عليه جرماً خطيرا، لا يكفي فيها لفت النظر فقط فكانت حريصة أشد الحرص عليه، وها هو خليفة خليفة رسول الله ﷺ عمر بن الخطاب يحرص على سؤال عماله، مهما كانت مكانتهم عن الأموال التي يجبونها من الناس: "أهي من حلال، أم من حرام؟" وها هو الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه يأتي في نهاية العام بما جباه من البحرين وهجر، وقد بلغ خمسمائة ألف، فقال له عمر رضي الله عنه: "ما رأيت مالا مجمعا - قط - أكثر من هذا، فيه دعوة مظلوم، أو مال يتيم، أو أرملة؟" قال أبو هريرة: "لا والله فإنه بئس - والله - الرجل أنا إذن، إن ذهبت أنت بالمهنأ، وأنا أذهب بالمؤنة".

وإذا كان هذا يقع منه في حق صحابي فوق الشبهات، فإنه في حق غيره أكثر وقوعا، فقد ثبت أنه لما جُبي إليه مال العراق، أخرج عشرة من أهل الكوفة، ومثلهم من أهل البصرة يشهدون أربع شهادات بالله إنه لطيب، ما فيه ظلم مسلم، ولا معاهد.

وقد ورد أيضا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه "أنه سأل وفداً زاره من أهل حمص عن واليهم عبد الله بن قرط، فقالوا: خير أمير.. يا أمير المؤمنين، لولا أنه قد بنى لنفسه داراً فارهة... ويردد عمر: داراً فارهة.. يتشامخ بها على الناس!! بخ بخ لابن قرط، ثم يوفد إليه رسولاً يقول له: ابدأ بالدار فأحرق بابها.. ثم ائت به إلي. ويسافر الرسول إلى حمص، ويعود بواليها فيمتنع الخليفة عمر عن لقائه حتى اليوم الرابع، ثم يستقبله في الحرة حيث تعيش إبل الصدقة وأغنامها. ولا يكاد الرجل يقبل، حتى يأمره عمر أن يخلع حلته، ويلبس مكانها لباس الرعاة ويقول له: هذا خير مما كان يلبس أبوك، ثم يناوله عصا، ويقول له: "وهذه خير من العصا التي كان أبوك يهش بها على غنمه ثم يشير بيده إلى الإبل ويقول له: اتبعها وارعها يا عبد الله".

فلم يقدم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في تعامله مع المسؤولين والولاة حسن الظن ولا مفردات الإعذار والالتماس، بل قدم الشك والاتهام حتى تستقيم الأمور ويسلم المال العام من التعدي والنهب.

هكذا حافظ الإسلام وحافظت دولة الخلافة على المال العام. ولن يقف هذا التعدي ما لم ننصب علينا خليفة يسير على نهج الإسلام، فيحرس المال العام من كل من تسول له نفسه المساس به وتفرض عليه أشد عقوبة.


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان