بسم الله الرحمن الرحيم
البدون أهلنا هم منا ونحن منهم




الخبر:

وفت وزارة التربية في الكويت بعهدها وأعادت الطالبة البدون التي تم طردها أمس الأول من المدرسة، إضافة إلى 33 طالباً وطالبة آخرين منعتهم منطقة الفروانية التعليمية، إلى مدارسهم وسيباشرون دوامهم اليوم الثلاثاء. (صحيفة الأنباء الكويتية، 2 تشرين الثاني 2021)

التعليق:

قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وقال رسول الله ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، وقال ﷺ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ؛ لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَكْذِبُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ»، وقال ﷺ: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ».

إن ما يجري على أهلنا البدون في الكويت مؤلم جداً؛ تضييق في المعيشة والعمل والسفر والعلاج والتعليم وغير ذلك من حقوق شرعية.

ولمن لا يعرف ملف قضية البدون في الكويت، فهم باختصار فئة مقيمة في البلد منذ عشرات السنين ولكنهم لم يتحصلوا على الجنسية الكويتية لظروف متعددة. ومعاناة هذه الفئة مستمرة منذ أجيال، فالجد وُلد في البلد وابنه كذلك وابن الابن كذلك، ولكن الجميع لا يحملون التابعية وبدون جنسية، ويا للعجب!

الحديث في هذا الملف المستعصي يطول، والكثير يتحدث عن زوايا مختلفة للقضية، ولكن قلّما يكون النظر للمشكلة من زاوية مبدئية شرعية.

باختصار أقول إن قضية البدون هي إحدى خطيئات الدولة الوطنية العنصرية، التي زُرعت في جسد الأمة من قريب، والتي زرعت بدورها التفرق على أساس التراب الوطني. ولا تعالج قضية البدون وسواها من قضايا الأمة إلا بالرجوع للأمر الأول؛ تحكيم شرع الله في كل صغيرة وكبيرة ونبذ ما سواه.

شرع الله الذي يجعل جميع حملة التابعية في دولة الخلافة يتمتعون بالحقوق الشرعية ويلتزمون الواجبات الشرعية، ولا يجوز للدولة أن يكون لديها أي تمييز بين أفراد الرعية، أمام الحاكم من حيث استحقاق رعاية شؤونه وحفظ دمه وعرضه وماله، وأمام القاضي من حيث التسوية والعدل؛ وذلك لعموم أدلة الحكم والقضاء ورعاية الشؤون. يقول ﷺ: «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» وكلمة «رَعِيَّتِهِ» عامة تشمل جميع الرعية مسلمين وغير مسلمين، بغض النظر عن العنصر أو الدين أو اللون أو غير ذلك.

هكذا دولة راقية يجب أن تكون مطلب كل مسلم، وإلى حين أن يكرمنا الله بهذه الدولة؛ فلا بد للمسلمين من مطالبة السلطات في البلد رفع كافة المعوقات التي تحول دون الإقامة الكريمة لأهلنا البدون من سكن وتطبيب وتعليم وسوى ذلك من السبل الكريمة للرزق. قال ﷺ: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئاً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئاً فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ».



كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. أسامة الثويني – دائرة الإعلام/ الكويت