المساعدة - البحث - الأعضاء - التقويم
حكم الرموز والأعلام في الإسلام
منتدى الناقد الإعلامي > الناقد السياسي > مقالات وتحليلات
أم المعتصم
حكم الرموز والأعلام في الإسلام (1)
م. ناصر وحان اللهبي- اليمن
إن إدراك مناط الحكم جزء من تصوره، أي إدراك واقع الشيء أو الفعل أو الفكرة جزء من تصورها، والأعلام والرايات الوطنية لا بد من معرفة جذورها ونشأتها وتاريخها قبل الحكم عليها. وللإحاطة بالموضوع، فإنه قد جرى العرف منذ مئات السنين أن لكل جماعة أو قبيلة أو دولة عَلَمًا يرمز إلى هويتها ورسالتها وفكرتها أو عقيدتها وسيادتها، وقضية ترفع من أجلها الراية أو العلَم، فعلَم دولة الخلافة، سواء اللواء أم الراية، يحمل عقيدة ورسالة الإسلام، وهوية الأمة الإسلامية المميِّزة لها عن غيرها من الأمم، وكذا علَم أمريكا يرمز للدولة الأمريكية الرأسمالية وإلى الأمة الأمريكية، وكذا علم بريطانيا وفرنسا وروسيا… إلخ ، فكل الأعلام والرايات تنبئ عن مبدأ وعقيدة وطريقة عيش معينة، وتعبِّر عن التوجه العام للدولة والمجتمع، وتدل على الهوية والرسالة، وبالمقابل أيضًا، تجد أن الأحزاب والمنظمات والمؤسسات تتبنَّى علمًا يرمز إلى كيانها ويتضمن ما يعبر عن هويتها وانتمائها وفكرتها.
وللرموز دلالات كما أن للألفاظ معاني، وللأشكال مدلولات، فالرموز ترمز إلى شيء، فاللغة والكتابة هي عبارة عن رموز، فالحروف نبرات صوتية ولها مخارج في اللسان والحلق، ومجموع الحروف تكوِّن كلمات، ومجموع الكلمات تكوِّن جملًا، ومجموع الجمل تكوِّن فقرات، ومجموع الفقرات تكون موضوعًا، ومجموع المواضيع تكوِّن كتابًا، وكلها تعبِّر عن أفكار ووقائع. فالكتابة واللغة هي رموز، والرموز في ذاتها مباحة في الإسلام، وكذلك الأعلام والرايات إلا إذا رمزت لكفر أو معصية أو فسق أو عنصرية أو تفرقة. فالقاعدة الشرعية تقول: «الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل التحريم، والأصل في الأفعال التقيد بالحكم الشرعي» ولكن الإباحة تخرج إلى الحرمة عند خروج الرمز أو العلَم إلى الحرمة، فالرموز والأعلام أشياء، وهي في حكمها العام مباحة، وحكم الرمز يأخذ حكم ما يرمز إليه، وكذلك الرايات والأعلام، فاذا كان الرمز أو العلَم يرمز إلى الشرع الإسلامي أو إلى وحدة الأمة أو الخير ونصرة المستضعفين والمظلومين في الأرض فيجوز تبنِّيه وحمله والعمل تحت رايته، أما إذا كان الرمز أو العلَم مخالفًا للعقيدة الإسلامية أو يدعو إلى حرام أو تفرقة أو فتنة بين المسلمين، أو مبنيًّا على أساسِ مخطَّطِ أعداء الله كرمز للكفر أو الضلال أو مخالفةِ أحكام الشرع الحنيف، أو تشبُّهًا بالكفار وموالاتهم والدعوة إلى مبادئهم وعقائدهم وسننهم… فانه محرم تحريمًا قاطعًا. فمثلًا الصليب شكل هندسي؛ ولكنه صار رمزًا لعقيدة الثالوث (باسم الابن والآب وروح القدس إله واحد) فلا يجوز وضعه كرمز في البيوت أو على الملابس أو الأماكن أو الأعلام؛ لأنه يرمز إلى عقيدة شرك وكفر، قال تعالى: (لَقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَۖ) [سورة المائدة: 72] وقال تعالى: (لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ وَمَا مِنۡ إِلَٰهٍ إِلَّآ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ وَإِن لَّمۡ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٧٣) [سورة المائدة: 73] ونهاهم عن ذلك فقال تعالى: (وَلَا تَقُولُواْ ثَلَٰثَةٌۚ ٱنتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓ أَن يَكُونَ لَهُۥ وَلَدٞۘ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا ١٧١) [سورة النساء: 171] وكذلك، وعلى سبيل المثال، فإن المنجل والمطرقة يرمزان للعمال والمزارعين، وبعد اتِّخاذه رمزًا للشيوعية المناقِضة للإسلام في عقيدته وأحكامه ومقياسه فلا يجوز اتخاذها رمزًا أو وضعها كشعار. كذلك هي شعارات ورموز ورايات التفرقة بين المسلمين، كالرايات الوطنية أو القومية أو الطائفية أو الحزبية المفرِّقة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم والمبنيَّة على أساس اتفاقية (سايكس – بيكو)، وعلى أساس الديمقراطية فلا يجوز أخذها أو الدعوة إليها. وكذلك شعارات الماسونية والصهيونية فلا يجوز أخذها، وقد رأينا من حكَّام الجور والعمالة والخيانة المتولِّين في بلاد المسلمين من قبل المستعمر من يلبس الصليب وقلنسوة اليهود، ومنهم من يرفع رموزًا للهندوس والبوذيين، ويصنع لهم تماثيل وأصنامًا، وينصبها في بلاد المسلمين كأوثان هبل واللَّات والعُزَّى، ومنهم من يقدِّس رموزًا وشعارات الماسونية من أجل الحفاظ على ملكه، ويبتغي العزة بغير الله القوي العزيز، أو يخاف أن تصيبه دائرة، أو يخاف العيلة والفقر، وقد قال الله تعالى عنهم بأنهم منافقون، قال تعالى: (بَشِّرِ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ بِأَنَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا ١٣٨ ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ أَيَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعٗا ١٣٩ ) [سورة النساء: 139] وقال تعالى: (فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يُسَٰرِعُونَ فِيهِمۡ يَقُولُونَ نَخۡشَىٰٓ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٞۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرٖ مِّنۡ عِندِهِۦ فَيُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ نَٰدِمِينَ ٥٢) [سورة المائدة: 52] وقال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ فَلَا يَقۡرَبُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ بَعۡدَ عَامِهِمۡ هَٰذَاۚ وَإِنۡ خِفۡتُمۡ عَيۡلَةٗ فَسَوۡفَ يُغۡنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦٓ إِن شَآءَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ٢٨) [سورة التوبة: 28]. وكذلك الرموز والرايات التي ترمز إلى الفسق كرموز شبكات الدعارة أو الخمر كالرايات الحمراء التي تدل على بيوت الخَنا والفِسق ، أو الاشارات الضوئية التي يقصد بها شعارًا لكفر أو فسق، أو رمز مفاتن المرأة أو جسمها للدعاية لشيء ما، فكلها محرمة، ولا يجوز للمسلمين تبنِّيها أو اتِّخاذها رمزًا أو شعارًا أو علمًا. ومنها الأصنام والأوثان والأضرحة التي يضعونها كرمز للعظماء والرؤساء وغيرهم فكلها أنصاب حرَّمها الله تعالى بقوله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٩٠) [سورة المائدة: 90] واذا ما أضيف إلى ذلك رسم كل ذي روح ، وقد حرمه الإسلام تحريمًا قاطعًا. فالتماثيل: جمع تمثال، وهو الصورة المجسَّمة على شكل إنسان أو حيوان أو غيرهما مما فيه روح. والنصب: الأصل: العلم، وأحجار كان المشركون يذبحون عندها ولها، والنصب التذكارية: تماثيل يقيمونها في الميادين ونحوها؛ لإحياء ذكرى زعيم أو مُعظَّم أو مجهول كنصب الجندي المجهول.
وبيان ذلك في التاريخ ما حدَّثنا عنه القرآن الكريم بقوله تعالى: ( وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا ٢٣ وَقَدۡ أَضَلُّواْ كَثِيرٗاۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّٰلِمِينَ إِلَّا ضَلَٰلٗا ٢٤) [سورة نوح: 24] فكان هذا أول شرك حدث في الأرض بسبب النصب، فقد ذكر البخاري أن هؤلاء الخمسة (ودًّا وسواعاً ويغوث ويعوق ونسرًا) كانوا رجالًا صالحين، فلما ماتوا حزن عليهم قومهم، فأوحى إليهم الشيطان أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا، وسمُّوها بأسمائهم ففعلوا ولم تُعبد، حتى إذا هلك أولئك ونُسي العلم عُبدت. فلما بعث الله نبيَّه نوحًا عليه السلام ينهى عن هذا الشرك الذي حصل بسبب تلك الصور التي نصبت امتنع قومه من قبول دعوته، وأصرُّوا على عبادة تلك الصور المنصوبة التي تحولَّت إلى أوثان وآلهة، فذكر الله الآية السابقة يحذر قومهم ويأمرهم أن يتركوا عبادة أولئك الأصنام الخمسة. والشرك في قوم إبراهيم كان بعبادة التماثيل والعكوف عندها، قال تعالىsad.gif۞وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ ءَازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصۡنَامًا ءَالِهَةً إِنِّيٓ أَرَىٰكَ وَقَوۡمَكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ٧٤)[سورة الأنعام: 74] والشرك في بني إسرائيل كان بعبادتهم صورة العجل الذي صنعه لهم السامريُّ، قال تعالى: (وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ إِنَّكُمۡ ظَلَمۡتُمۡ أَنفُسَكُم بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلۡعِجۡلَ فَتُوبُوٓاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمۡ فَٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ عِندَ بَارِئِكُمۡ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ٥٤) [سورة البقرة/ 54] وقال تعالى: (۞وَلَقَدۡ جَآءَكُم مُّوسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَنتُمۡ ظَٰلِمُونَ ٩٢ وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَكُمۡ وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱسۡمَعُواْۖ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَعَصَيۡنَا وَأُشۡرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡعِجۡلَ بِكُفۡرِهِمۡۚ قُلۡ بِئۡسَمَا يَأۡمُرُكُم بِهِۦٓ إِيمَٰنُكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ٩٣) [سورة البقرة: 93] وقال تعالى: (وَٱتَّخَذَ قَوۡمُ مُوسَىٰ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِنۡ حُلِيِّهِمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٌۚ أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّهُۥ لَا يُكَلِّمُهُمۡ وَلَا يَهۡدِيهِمۡ سَبِيلًاۘ ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَٰلِمِينَ ١٤٨ وَلَمَّا سُقِطَ فِيٓ أَيۡدِيهِمۡ وَرَأَوۡاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمۡ يَرۡحَمۡنَا رَبُّنَا وَيَغۡفِرۡ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ١٤٩) [سورة الأعراف: 148-149]. وشرك النصارى كان بعبادتهم الصليب الذي يزعمون أنه على صورة المسيح عليه السلام عندما صلب، وهو لم يصلب بل شُبِّه لهم، قال تعالى: (وَقَوۡلِهِمۡ إِنَّا قَتَلۡنَا ٱلۡمَسِيحَ عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينَۢا ١٥٧ بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا ١٥٨).
وقد حذَّر الإسلام من تلك الأعمال أي النصب التذكارية لأنها مخالفة للعقيدة الإسلامية، وتشبُّه بالكفار، وتعظيم لذوات الأرواح، وتغيير لخلق الله، ووسيلة إلى الشرك، والوسيلة إلى الحرام محرمة، وهذه المخالفات مؤذنة بالهلاك والدمار وإنزال العذاب، كما حصل مع قوم نوح من هلاكهم بالطوفان. وسواء نصبت هذه الصور بالنحت والرسم أم وضعت هذه التماثيل في المجالس، أو الميادين، أو الحدائق، فهي وسيلة للتعظيم، وحرف اتجاه العقيدة إلى عبادة الأصنام، والتشبُّه بالكفار. واذا كان الكفار ليس لهم عقيدة يحافظون عليها، فانه لا يجوز للمسلمين أن يتشبَّهوا بهم ويشاركوهم في هذا العمل، ولا بدَّ أن ندعو بدعاء إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: (وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا ٱلۡبَلَدَ ءَامِنٗا وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ ٣٥) [سورة ابراهيم: 35] فخاف على نفسه وعلى أمته من بعده من هذه الفتنة، فدعا بهذه الدعوة.
وموقفنا اليوم مع الأعلام هو نفس موقف إبراهيم عليه السلام مع الأصنام، قال تعالى: (إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا هَٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيٓ أَنتُمۡ لَهَا عَٰكِفُونَ ٥٢ قَالُواْ وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا لَهَا عَٰبِدِينَ ٥٣ قَالَ لَقَدۡ كُنتُمۡ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُمۡ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ٥٤ قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا بِٱلۡحَقِّ أَمۡ أَنتَ مِنَ ٱللَّٰعِبِينَ ٥٥ قَالَ بَل رَّبُّكُمۡ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا۠ عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ ٥٦ وَتَٱللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصۡنَٰمَكُم بَعۡدَ أَن تُوَلُّواْ مُدۡبِرِينَ ٥٧ فَجَعَلَهُمۡ جُذَٰذًا إِلَّا كَبِيرٗا لَّهُمۡ لَعَلَّهُمۡ إِلَيۡهِ يَرۡجِعُونَ٥٨) [سورة الأنبياء]. وقد قال علي t لأبي الهياج الأسدي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن لا تدع قبرًا مشرفًا إلا سوَّيتَه، ولا صورة في بيت إلا طمستَها» رواه مسلم. قال النووي: فِيهِ الْأَمْر بِتَغْيِيرِ صُوَر ذَوَات الْأَرْوَاح. اهـ. وقال السندي: «إِلَّا طَمَسْتهَا»: طَمَسَهَا أَمْحَاهَا بِقَطْعِ رَأْسِهَا وَتَغْيِيرِ وَجْهِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ.
وإذا ما أسقطنا ما سبق على الأعلام الوطنية والرايات الطائفية، نجد أنها مخالفة لعقيدة المسلمين وأحكام الشرع الإسلامي الحنيف وذلك للآتي:
1- أساس ونشأة العلم الوطني مناقض لعقيدة المسلمين والأحكام الشرعية التي تأمر بالوحدة والاعتصام وتحرم التفرقة والعنصرية.
2- رمزية العلم، فهو يرمز إلى كيانات قطرية ذات حدود رسمها الكافر المستعمر، يفصل كل قطر من بلاد المسلمين عن الأقطار المجاورة، فهو يرمز إلى الولاء للوطن، وهذا أمر محرَّم في الإسلام؛ لأن المسلم ولاءه لله ولرسوله وللإسلام وللأمة الإسلامية. والولاء المبني على ولاء الله ورسوله وكتابه هو ولاء عقائدي متين وثابت وراسخ، وبالطبع سيكون ولاء المسلم لأمته الإسلامية أمرًا واجبًا برسالتها وغايتها ورايتها. قال تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ ٥٥ وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ ٥٦ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمۡ هُزُوٗا وَلَعِبٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَٱلۡكُفَّارَ أَوۡلِيَآءَۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ٥٧) [سورة المائدة].
3- العلم الوطني رسمه أعداء الله، طلائع المستعمرين الحاقدين على الإسلام والمسلمين، والساعون لتمزيق الأمة ومنع وحدتها، وتأخير إقامة الخلافة… رسمه أعداء الله أمثال مارك سايكس وجورج بيكو وغورو وليوطي… فهؤلاء هم المخطِّطون والمنفِّذون والراسمون للأعلام الوطنية.
4- العلم الوطني أُقِرَّ بناء على دستور علماني، فكان أساس نشأته هو العلمانية وليس مبدأ الأمة، فالعلمانية هي التي تحكمه، وهو يرمز إلى أمر لا ينبثق عن العقيدة الإسلامية والأحكام الشرعية. فالعلمانية: هي فكرة دخيلة على المسلمين، وهي فكرة نتجت عن الصراع بين الكنيسة ومعها الملوك والأباطرة من جهة وبين روَّاد الإصلاح الديني من جهة أخرى، ونتج عن هذا الصراع الحل الوسط وهو (فصل الدين عن الحياة) أي الاعتراف بالدين ضمنًا أنه موجود؛ ولكن لا يتدخل في شؤون حياتنا، ويكون في العبادات وحسب. والمشكلة كانت لديهم هي مسألة: من الحاكم على الأفعال والأشياء بالجواز وعدم الجواز، أي بالحل والحرمة؟ ومن له حق إصدار تشريع الحلال والحرام؟ هل هو الملك، أو القسيس، أو الشعب، أو الدين؟ وبعد جدال قالوا بأن الدين النصراني جرَّبناه، وقد حارب العلم والفكر والإبداع والاختراع، وكذلك الملك كان مستبدًّا يأكل الحقوق وينتهك كرامة الانسان باسم (الحق الإلهي)، ثم وصلوا إلى أن الشعب هو الحاكم، فكانت النتيجة هي (فصل الدين عن التشريع) والشعب هو المشرِّع، أي الحاكم على الأفعال والأشياء، وهذه الفكرة هي فكرة كفرية بالنسبة لنا كمسلمين؛ لأن الحاكم على الأفعال والأشياء بالحل والحرمة هو الله تعالى وحده، ويكون بالوحي المنزَّل على محمد صلى الله عليه وسلم. وكذلك قام التشريع عندهم على فكرة خيالية لا يمكن تحقيقها لأن الشعب بمجموعه لو قام في صعيد واحد يريد إصدار تشريع لا يستطيعون جميعهم الاتفاق على رأي أو حكم، فكانت الحيلة والمكر بإيجاد ما يسمى (السلطة التشريعية)، أي يمكن أن تصلي وتحفظ القرآن وتبني مسجدًا… ولكن لا يتدخل الدين في معالجة أمراض الأمة، أو يحل مشاكلها، لأنه دين كهنوتي ورهبانية ابتدعوها ما كتبها الله تعالى… هكذا وضعوا الأفكار، فكانت أساس الخراب والدمار في العالم، وخاصة في بلاد المسلمين، ومنها نتج (فصل الدين عن الدولة) أي إن الحاكمية في الحكم والاقتصاد والمعاملات والعقوبات لا تكون للدين وإنما لأهواء البشر؛ بناء على ذلك صيغ كل شيء باسم (حكم الشعب) المنزوع العقيدة، ومنها الأعلام الوطنية منزوعة العقيدة، فحكمه حكم ما بُني عليه وما يرمز إليه، وهو الحفاظ على الكيانات العلمانية المصطنعة من الكافر المستعمر، والأقطار الوطنية المفرِّقة للأمة .
5- العلم الوطني وضع لهدف وغاية، فمن استصنعه هو الذي جعله رمزًا لما يريد، فالألفاظ والمصطلحات لها معانٍ ودلالات. والاصطلاح: هو اتفاق قوم معيَّنين على لفظة معيَّنة أو رمز معيَّن لمعنى معيَّن، يتبادر إلى ذهن السامع عند سماع تلك اللفظة ذلك المعنى، أو عند رؤية ذلك الرمز أو العلَم. فمثلًا عندما ترى علمًا أسودَ، أو علمًا أبيضَ مكتوبًا عليه: «لا اله الا الله محمد رسول الله» يتبادر إلى ذهنك الإسلام والدولة الإسلامية، وعندما ترى علمًا مكتوبًا عليه: «يا لَثارات الحسين» فهو يرمز إلى الطائفية المذهبية، وعندما ترى علمًا ملوَّنًا فهو يرمز إلى تلك الدويلة القطرية التي تتبناه…
6- إن المصطلحات والرموز وُضعت لمعانٍ معيَّنة، ولا يجوز ادِّعاء تغييرها، فمثلًا: من رفع الصليب أو لبسه، فماذا يقصد؟ لا شك إنه يقصد به الآب والابن وروح القدس إله واحد؟ إنه يقصد الثالوث النصراني، وهو شرك مخرج من الملة. وكذلك من لبس قلنسوة اليهود، أو رموز الهندوس أو البوذيين أو المجوس، وهو اتِّباع خطوات الشياطين، قال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ حَلَٰلٗا طَيِّبٗا وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٌ ١٦٨ إِنَّمَا يَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوٓءِ وَٱلۡفَحۡشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ١٦٩) ومن هنا جاء تحريم الإسلام للتشبه باليهود والنصارى فيما هو من أمور دينهم.
وكذلك الألوان وحكم رمزيتها، فاللون له معنى معين وضعه أهل اللغة له، فالألوان مباحة من حيث الأصل، وهي للزينة في اللباس وغيره؛ ولكن عندما يُصطلح عليها لمعانٍ غير رمزيتها اللغوية فإنها تدل على عقيدة معينة أو فكرة ما، فإن كان رمز اللون يدل على معنى يخالف الإسلام فلا يجوز تبنيه، ولا رفعه، كاللون الأحمر الذي اتخذ رمزًا للشيوعية كعقيدة «لا إله، والحياة مادة» (النجمة الحمراء) أو كعلم ليدل على معصية (الرايات الحمراء) في الجاهلية، وكذا الألوان التي تدل على علامات التحرش بالنساء، أو علامة للثأر أو القتل كاللون الأحمر الذي وضع لثارات الحسين «يا لَثارات الحسين» ممن يثأرون؟! ومن يقتلون بدل الحسين عليه السلام!! وكذلك الألوان التي تدل على تشبُّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، فيما رواه ابن عباس قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنَّثين من الرجال، والمترجِّلات من النساء». وفي رواية: «لعن رسول الله صلى عليه وسلم المتشبِّهين من الرجال بالنساء، والمتشبِّهات من النساء بالرجال» رواه البخاري. وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة ،والمرأة تلبس لبسة الرجل» رواه أبو داود بإسناد صحيح.
7- أما الرايات الطائفية، فأساس نشأتها هو فكرة جماعة أو طائفة تدعو لعصبية ولفكر الطائفة ونبذ ما سواها، والغاية من رفعها هو الانتقام والثأر، وتفريق الأمة، وحرف اتِّجاه الفكر والعقيدة إلى غاية أخرى مخالفة لعقيدة الإسلام وأحكامه الشرعية الجامعة والرافضة للعنصرية والفرقة والتمييز .
8- وإذا ما ضبطنا ما سبق على قاعدة الاصطلاح، ومتى يأخذ المسلمون المصطلحات والرموز والألوان، نجد أن القرآن الكريم قد نهى المسلمين عن استخدام لفظة (رَاعِنَا) بعد أن اصطلح عليها اليهود في مدينة سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم محرِّفين معناها، فقالوا عنها مصطلحين بأنها تعني الرعونة، ويريدون النقيصة والوقيعة والسب والشتيمة، كما ذكر الإمام محمد الباقر، والإمام الطبري، وابن كثير وغيرهم في تفسير الآية، وأمر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أن يقول المسلمون لفظة (انظُرْنَا) بدلًا من (رَاعِنَا)، مع أن اللفظتين بمعنى واحد من حيث اللغة؛ ولكن لـمّا اختلف الاصطلاح جاء النهي القرآني، بتغيير اللفظ قال تعالى : (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقُولُواْ رَٰعِنَا وَقُولُواْ ٱنظُرۡنَا وَٱسۡمَعُواْۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٞ ١٠٤).
وما هذا النهي عن استعمال لفظ مشهور قبل اصطلاح اليهود عليه، إلا لإبعاد المسلمين من الوقوع في شبهة الخطأ والإثم، ولئلا يكون هذا الاستعمال ذريعة إلى فساد غير مقصود، وحتى يقطع الطريق عن الفساد المقصود من قبل اليهود؛ إذاً فكيف يكون الحال باستعمال ألفاظ لم تعرف في مجتمعنا ولم تذكر في ثقافتنا الإسلامية الغزيرة، ولا هي من مفاهيم حضارتنا النيرة، بل هي مصطلحات مخالفة للإسلام صراحة، بل تحمل معنى الفكر المخالف للإسلام؛ فكانت سببًا لميل النفوس والأذهان إلى غير الإسلام. [يتبع]

مجلة الوعي



أم المعتصم
بسم الله الرحمن الرحيم
#مجلة_الوعي: حكم الرموز والأعلام في #الاسلام (2)
بقلم: م. ناصر وحان اللهبي - #اليمن
العدد 421 - السنة السادسة والثلاثون، صفر 1443هـ ، أيلول 2021م
==========
لتصحيح المفاهيم، وإثبات المفهوم الذي يجب أن يتعامل به المسلمون هو قوله تعالى: (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْۗ وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْۚ﴾ [البقرة: 275] وقد نهى الله عزَّ وجلَّ عن تحريف الكلام، وهو تغيير ألفاظه لتتغير معانيه لدي السامع، وكذلك تغيير مفهومه، قال تعالى: (أَفَتَطۡمَعُونَ أَن يُؤۡمِنُواْ لَكُمۡ وَقَدۡ كَانَ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ يَسۡمَعُونَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعۡدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ ٧٥).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أخنع اسم عند الله عز وجل رجل تسمى ملك الأملاك» متفق عليه، قال سفيان بن عيينة «ملك الأملاك» مثل شاهنشاه. وحرَّم الإسلام ألفاظًا ونهى عنها كمخاطبة الفاسق ونحوه بسيدي؛ لأن صفات السيد غير صفات الفاسق، وكل اسم له صفاته، وليس السيد بالحسب والنسب، بل بالعمل والصفة. وعن بريدة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا للمنافق سيد، فإنه إن يكُ سيدًا؛ فقد أسخطتم ربكم عزَّ وجلَّ» رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وعن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء (مطر) كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال: «هل تدرون ماذا قال ربكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب. وأما من قال: مُطرنا بنَوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب» متفق عليه.
وفي ضبط الألفاظ فيما روته عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقولنَّ أحدُكم خبثت نفسي؛ ولكن ليقل: لَقستْ نفسي» متفق عليه. قال العلماء: معنى خبثت :غثت، وهو معنى لقست؛ ولكن كره لفظ «الخبث».
وفي ضبط الكلام وتحديد مفهومه ما رواه أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «من دعا رجلًا بالكفر، أو قال: عدو الله وليس كذلك؛ إلا حار عليه» متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول صلى الله عليه وسلم: «لا تسمُّوا العنب الكرم، فان الكرم المسلم» متفق عليه .وهذا لفظ مسلم. وفي رواية: «فإنما الكرم قلب المؤمن». وفي رواية للبخاري ومسلم: «يقولون الكرم، انما الكرم قلب المؤمن».
إن الإسلام أعطى للكلمة أهمية عظيمة، ورتَّب على أساسها مثوبة أو عقوبة، وكذا رتَّب عليها أحكامًا لا بد من القيام بها؛ وإلا بطل الحكم أو العقد أو المعاملة، فمن لَفَظَ الطلاق فقد طُلقت زوجته، وهل طلقها واحدة أو اثنتين أو ثلاث؟ كل له حكمه. وكذا من لَفَظَ لفظة الظهار (أنتِ عليَّ كظهر أمي) فقد وجب عليه كفارة حتى تحلَّ له زوجته. وإن قذف زوجته كان بينهما حكم اللعان كما في سورة النور، ويفرق بينهما القاضي إلى الأبد. وفي العقود إذا لَفَظَ لفظ الإيجاب والقبول كقوله: زوجتك أو شاركتك… إلخ فقد وجب العقد، ولا يفسخ العقد الشرعي إلا سبب شرعي؛ لهذا حرم الإسلام تحريف الكلام عن مواضعه. قال تعالى: (وَإِذۡ قُلۡنَا ٱدۡخُلُواْ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةَ فَكُلُواْ مِنۡهَا حَيۡثُ شِئۡتُمۡ رَغَدٗا وَٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا وَقُولُواْ حِطَّةٞ نَّغۡفِرۡ لَكُمۡ خَطَٰيَٰكُمۡۚ وَسَنَزِيدُ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ٥٨ فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوۡلًا غَيۡرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمۡ فَأَنزَلۡنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجۡزٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ ٥٩) [البقرة: 58-59]. .وقال تعالى: (وَإِذۡ قِيلَ لَهُمُ ٱسۡكُنُواْ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةَ وَكُلُواْ مِنۡهَا حَيۡثُ شِئۡتُمۡ وَقُولُواْ حِطَّةٞ وَٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا نَّغۡفِرۡ لَكُمۡ خَطِيٓـَٰٔتِكُمۡۚ سَنَزِيدُ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ١٦١ فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡ قَوۡلًا غَيۡرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمۡ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِجۡزٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَظۡلِمُونَ ١٦٢) [الأعراف: 161-162] فالأمر جلل، والعذاب واقع بالمسلمين إن هم قبلوا تغيير الألفاظ والمفاهيم والأفكار، كما أنزل الله العذاب على بني إسرائيل بسبب التغيير والتبديل، فقال تعالى: (فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوۡلًا غَيۡرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمۡ فَأَنزَلۡنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجۡزٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ٥٩)
[البقرة: 59]. وقال تعالى: (فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡ قَوۡلًا غَيۡرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمۡ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِجۡزٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَظۡلِمُونَ ١٦٢). [الأعراف: 162].
وسمَّى الله هذا العمل بالفسق والظلم، وأنزل عليهم الرجز، وطبعًا هذه الأقوال مخالفة للعقيدة والأحكام الشرعية، والأمر الذي أمر الله به، وما أصاب المسلمين اليوم بسبب التغيير والتبديل الكثير من أنواع العذاب، ولن يرفع عنهم حتى يرجعوا إلى التقيد بنصوص دينهم ويأخذوها كما أنزل الله ، وكما أراد الله تعالى، لا كما أرادت أهواءهم.
فعن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقل أحدكم: عبدي أو أمتي، كلكم عباد الله، ونساؤكم إماء الله، ولكن ليقل: غلامي وجاريتي وفتايَ وفتاتي» متفق عليه. وعن طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:»لا يقولن أحدكم عبدي فكلكم عبيد الله؛ ولكن ليقل: فتايَ. ولا يقل العبد ربي؛ ولكن ليقل: سيدي» رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقولنَّ أحدُكم اِسقِ ربك، أو أطعم ربك، وضِّئ ربك. ولا يقل أحدكم: ربي، وليقل: سيدي ومولايَ. ولا يقل أحدكم: عبدي، أمتي، وليقل: فتاي، فتاتي، غلامي» متفق عليه.
فالألفاظ ومعانيها ضبطها #الإسلام بحيث لا يتبادر إلى الذهن معاني أخرى مخالفة لمفاهيم العقيدة أو الأحكام الشرعية. فالعبودية والربوبية حقيقتها لله تعالى؛ لأن الرب هو المالك القائم بالشيء، ولا تكون إلا لله تعالى. ولا نهي في قول المملوك: سيدي لقوله صلى الله عليه وسلم «ليقل سيدي»؛ لأن لفظة السيد غير مختصة بالله تعالى اختصاص الرب، ولا مستعملة فيه كاستعمالها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن ابني هذا سيد» و «قوموا إلى سيدكم»، يعني سعد بن معاذ. وفي الحديث الآخر: «اسمعوا ما يقول سيدكم» يعني سعد بن عبادة. فليس في قول العبد: سيدي إشكال ولا لبس؛ لأنه يستعمله غير العبد والأمة، ولا بأس أيضًا بقول العبد لسيده: مولايَ، فإن المولى وقع على ستة عشر معنى توضح في موضوعها وبيانها، منها الناصر والمالك.
ويكره للسيد أن يقول لمملوكه: عبدي وأمتي، بل يقول: غلامي وجاريتي، وفتايَ وفتاتي؛ لأن حقيقة العبودية إنما يستحقها الله تعالى، ولأن فيها تعظيمًا بما لا يليق بالمخلوق استعماله لنفسه، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم العلة في ذلك فقال: «كلكم عبيد الله» فنهى عن التطاول في الألفاظ كما نهى عن التطاول في الأفعال. وأما غلامي وجاريتي وفتايَ وفتاتي فليست دالة على الملك كدلالة عبدي، مع أنها تطلق على الحر والمملوك، وإنما هي للاختصاص. قال الله تعالى:
(وَقَالَ نِسۡوَةٞ فِي ٱلۡمَدِينَةِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ تُرَٰوِدُ فَتَىٰهَا عَن نَّفۡسِهِۦۖ قَدۡ شَغَفَهَا حُبًّاۖ إِنَّا لَنَرَىٰهَا فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ٣٠) [يوسف: 30]. وقال تعالى: (وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُ لَآ أَبۡرَحُ حَتَّىٰٓ أَبۡلُغَ مَجۡمَعَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ أَوۡ أَمۡضِيَ حُقُبٗا ٦٠) [الكهف: 60]. وقال تعالى: (وَقَالَ لِفِتۡيَٰنِهِ ٱجۡعَلُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ فِي رِحَالِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَعۡرِفُونَهَآ إِذَا ٱنقَلَبُوٓاْ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ ٦٢) [يوسف: 62]. وقال تعالى: (وَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ طَوۡلًا أَن يَنكِحَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ فَمِن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۚ) [النساء: 25].
قال العلماء: مقصود الأحاديث شيئان: أحدهما نهي المملوك أن يقول لسيده: ربي؛ لأن الربوبية إنما حقيقتها لله تعالى؛ لأن الرب هو المالك أو القائم بالشيء، ولا توجد حقيقة هذا إلا في الله تعالى. فإن قيل: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في أشراط الساعة: «أن تلد الأمة ربتها أو ربها»
فالجواب من وجهين: أحدهما أن الحديث الثاني لبيان الجواز، وأن النهي في الأول للأدب وكراهة التنزيه، لا التحريم. والثاني أن المراد النهي عن الإكثار من استعمال هذه اللفظة واتخاذها عادة شائعة، ولم ينهَ عن إطلاقها في نادر من الأحوال. واختار القاضي هذا الجواب. والظاهر أن المراد بالنهي من استعمله على جهة التعاظم والارتفاع، لا للوصف والتعريف.
ولما كانت المصطلحات كثيرة لا تعد ولا تحصى ومستمرة في الحياة كان لابد من إيجاد قاعدة ثابتة، يبنى عليها كل اصطلاح، أو كان لا بد من ميزان يوازَن كل اصطلاح جديد عليه.
نقول: إن كل لفظ يحمل اصطلاحًا موجودًا معناه في الإسلام، فلا مانع شرعًا من جواز استعماله بذكره أو بالدعوة إليه، أما إذا كان الاصطلاح يخالف معناه ما في الإسلام من معانٍ فلا يجوز ذكره على سبيل الدعوة إليه، وإن قُيِّد بوصف إسلامي له؛ لأنه تعبير وضع بالأصل لفكر معين، أو لنظام خاص عرف به أصحابه وحملته.
يقول الأستاذ المبارك، عميد كلية الشريعة بجامعة دمشق، في مجلة حضارة الإسلام، العدد 6، ص: 90، سنة 1962م: «إن لكل فقيه أن يصطلح على استعمال الألفاظ التي يراها للمعنى الصحيح المتفق عليه ولا مشاحة في الاصطلاح ابتداء، ولكن هناك مشاحة في أخذ المصطلحات التي تخالف مفاهيم الإسلام».
ويقول الشيخ الشهيد، عبدالعزيز البدري، في كتابه (حكم الإسلام في الاشتراكية) ص: 126: «أقول المعنى الصحيح المتفق عليه الذي يعبر عنه بلفظ معين يكون اصطلاحًا لذلك المعنى، فإذا أراد فقيه أن يستعمل اصطلاحًا معينًا فيجب أن يكون المعاني التي يريدها مطابقة تمام الانطباق لمعنى ذلك الاصطلاح، وعند ذلك لا مشاحة في الاصطلاح». ويتابع القول: «أما إذا أراد فقيه معاني خاصة، فلا يجوز له أن يستعمل اصطلاحًا له معنى متفق عليه وهو يناقض ما أراد من المعاني؛ لذا فلكل اصطلاح معنى متفق عليه، وهنا تكون المشاحة في استعمال الاصطلاح».
ويقول القاضي العلامة #تقي_الدين_النبهاني في كتاب (نظام الإسلام): « إن الألفاظ الأجنبية التي لها معانٍ اصطلاحية، إن كان اصطلاحها يخالف اصطلاح المسلمين لا يجوز استعمالها، مثل كلمة العدالة الاجتماعية؛ فإنها تعني نظامًا معينًا يتلخص في ضمان التعليم والتطبيب للفقراء، وضمان حقوق العمال والموظفين؛ فإن هذا الاصطلاح يخالف اصطلاح المسلمين؛ لان العدل عند المسلمين هو ضد الظلم، وأما ضمان التعليم والتطبيب فهو لجميع الناس أغنياء وفقراء، وضمان حقوق المحتاج والضعيف حق لجميع الناس الذين يحملون التابعية الإسلامية، سواء أكانوا موظفين أم لم يكونوا، أو كانوا عمالًا أم مزارعين أم غيرهم. أما إن كانت الكلمة تعني اصطلاحًا موجودًا معناه عند المسلمين فيجوز استعمالها، مثل كلمة ضريبة، فإنها تعني المال الذي يؤخذ من الناس لإدارة الدولة، ويوجد لدى المسلمين مال تأخذه الدولة لإدارة المسلمين، وكذلك كلمتي دستور وقانون، فيجوز أخذهما فإنها تعني تبني #الدولة لأحكام معينة تعلنها للناس، وتلزمهم العمل بها، وإن كان هناك فرق بين الدستور الإسلامي والدستور العلماني، فدستور الإسلام يتبناه رئيس الدولة بقوة الدليل من الكتاب والسنة المطهرة،
و #الدستور العلماني يتبناه الشعب. فالسيادة للشعب، والشعب مصدر السلطات، وفي الدستور الإسلامي الحاكمية لله والسيادة لشرعه والسلطان للأمة».
الأصلُ في المعانِي الشرعيَّةِ هو استعمالُ لسانِ الشرعِ في العبارةِ عنها، وعدمِ الخروجِ عنه. يقولُ ابن تيمية: «والتعبيرُ عن حقائقِ الإيمانِ بعباراتِ القرآنِ، أولَى مِنَ التعبيرِ عنْهَا بغيرهَا؛ فإنَّ ألفاظَ القرآنِ يجبُ الإيمانُ بها، وهي تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ، والأمةُ متفقَةٌ عليها، ويجبُ الإقرارُ بمضمونِهَا قبلَ أن تُفْهَمَ، وفيها من الحِكَمِ والمعانِي ما لا تنقضِي عجائِبُهُ، والألفاظُ المحدثَةُ فيها إجمالٌ واشتباهٌ ونزاعٌ ، ثمَّ قد يُجعلُ اللفظُ حجةً بمجردِهِ، وليسَ هو قولُ الرسولِ الصادقِ المصدوقِ، وقد يُضطربُ في معناهُ، وهذا أمرٌ يعرفُهُ من جرَّبَهُ من كلامِ الناسِ. فالاعتصامُ بحبلِ اللهِ يكونُ بالاعتصامِ بالقرآنِ والإسلامِ… ومتَى ذُكِرَتْ ألفاظُ القرآنِ والحديثِ، وبُيِّنَ معناهَا بيانًا شافيًا، فإنَّهَا تنتظمُ جميعَ ما يقولُهُ الناسُ من المعاني الصحيحةِ، وفيهَا زياداتٌ عظيمةٌ لا تُوجدُ في كلامِ الناسِ ، وهي محفوظةٌ مما دخلَ في كلامِ الناسِ من الباطلِ». (النبوات: 2/878).
ويقولُ ابن تيمية أيضًا: «الألفاظُ التي تنازعَ فيها مَنِ ابْتدعَهَا مِنَ المتأخرينَ، مثلُ لفظِ «الجسمِ» و«الجوهرِ» و«المتحيِّزُ» و«الجهةُ» ونحوُ ذلكَ؛ فلا تُطلقُ نفيًا ولا إثباتًا حتَّى يُنظرَ في مقصودِ قائلِهَا، فإنْ كانَ قد أرادَ بالنفيِ والإثباتِ معنًى صحيحًا موافقًا لِـمَا أخبرَ به الرسولُ، صُوِّبَ المعنَى الذي قصدَهُ بلفظِهِ، ولكنْ ينبغِي أنْ يُعَبَّرَ عنهُ بألفاظِ النصوصِ، لَا يُعدلُ إلَى هذه الألفاظِ المبتدَعَةِ المجملَةِ إلَّا عندَ الحاجةِ، مَعَ قرائنَ تبيِّنُ المرادَ بها والحاجةُ، مثل أنْ يكونَ الخطابُ مع من لا يتمُّ المقصودُ معه إنْ لم يخاطَبْ بها، وأمَّا إن أُرِيدَ بها معنًى باطلٌ، نُفيَ ذلك المعنَى، وإن جُمعَ بينَ حقٍّ وباطلٍ، أُثْبِتَ الحقُّ وأُبطلَ الباطلُ» (منهاجُ السُّنَّةِ: 2/554).
يقول الإمام الفخر الرازي في تفسير قوله تعالى: (هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ…) يدل على إثبات الأسماء الشرعية، وأنها من قبل الله تعالى؛ لأنها لو كانت لغة لما أضيفت إلى الله تعالى على وجه الخصوص. (التفسير الكبير للإمام الفخر الرازي – المجلد الثامن – تفسير سورة الحج – دار إحياء التراث العربي-
بيروت – لبنان).
ومن أهم أمثلة ذلك وصف (المهاجرين والأنصار) فهي أوصاف شرعية صحيحة؛ لكن لـمَّا استُعملت في سياق عصبية لغير الحق، سمَّاها النبي دعوى الجاهلية! كما في صحيح مسلم عن جابر قال: (كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزاة، فكسع رجلٌ من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري «يا للأنصار»، وقال المهاجري «يا للمهاجرين». فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ما بال دعوى الجاهلية». قالوا يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار. فقال صلى الله عليه وسلم «دعوها فإنها منتنة») صحيح مسلم. فإذا كان هذا في وصف شرعي صحيح سماهم القرآن به كما قال تعالى (وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ ) [التوبة: 100] وقال تعالى: ( لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِيِّ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ) [التوبة: 117]. ومع ذلك لـمَّا صار راية عصبية لغير الحق سمَّاه النبيُّ (دعوى الجاهلية) ! فكيف بالله عليكم في راية (الإنسانية) وراية (الوطنية) التي يراد تذويب الحواجز العقدية فيها، ومساواة المسلم بالكافر، ومساواة المسلم بالعلماني، في كافة الحقوق، ومنها حق الدعوة والنشر، فالمسلم والكافر، كلهم لهم الحق في نشر ما يشاؤون، فأي مساواة بين الحق والباطل أفظع من هذا؟!
ولهذا ما ورد من مصطلحات مخالفة للإسلام كالوطنية، و #القومية،
و #الديمقراطية، والمدنية، والجمهورية، والاتحادية، والاقتصاد الحر، والحريات، والحقوق غير الشرعية، كحرية التملك، وحرية #الرأي، وحرية الاعتقاد، والحرية الشخصية، وغيرها الكثير من المفاهيم الغربية لا يجوز أخذها، ولا تطبيقها، ولا تنفيذها، ولا الدعوة إليها، ومن قام بتطبيقها أو إجبار الناس على تنفيذها فهو آثم إثمًا عظيمًا، ومتكبر ومتجبر على الله تعالى وشرعه، ويجب ردعه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، و #التغيير عليه بالقول والعمل، وإن هذه المصطلحات والمفاهيم لن تزيدنا إلا معيشة ضنكًا وفقرًا وتعاسة!!؛ ولهذا فمصطلح (الوطنية) الذي يعطي الحقوق والواجبات لفئة من الناس، ويعين الولاء والبراء بناء على تلك العصبية الوطنية، ويميز البشر بناء على مكان المولد، وليس على أساس الصفات، ويمجد الكيانات المرسومة من الاستعمار، ويجعل الأرض هي الحاكمة وليس العقيدة؛ فلا يجوز أخذه أو تطبيقه أو الدعوة إليه.
فمدلول ومضمون ومفهوم اصطلاح (#الوطنية) هو ارتباط الإنسان بالإنسان على أساس الوطن (الكيان السياسي المصنوع من الاستعمار) وهذا الوطن المرسوم ببول الكلاب هو أساس العلاقة بين الناس، وعليه فإن الوطنية هي أساس الأخوة والتكتلات والأحزاب، وأساس الشخصية والثقافة والعمل والفكر والدافع والعصبية، وأساس ما يسمونه بالدولة الوطنية، وهذا المصطلح مخالف لمفاهيم الإسلام ومعانيه، وكذلك الأعلام والرايات والرموز التي تخالف قاعدة الاصطلاح في الاسلام كالأعلام الوطنية لا يجوز تبنيها أو رفعها أو تقديسها أو القتال تحت رايتها. (هَٰذَا بَلَٰغٞ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِۦ وَلِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ٥٢) [ابراهيم: 52].

.
Invision Power Board © 2001-2024 Invision Power Services, Inc.