نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ». رواه مسلم برقم 5.

أيّها المستمعون الكرام:

لا شك أن التروّي والتثبّت والتبيّن من الأخبار حين سماعها مطلب شرعي، ومعنى التثبّت: تفريغ الوسع والجهد لمعرفة حقيقة الحال وحقيقة ثبوت الأمر من عدمه، ومعنى التبيّن: التأكد من حقيقة الخبر وظروفه وملابساته، يقول الحسن البصري في ذلك: "المؤمن وقّاف حتى يتبيّن"، قال تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا).

أيها المسلمون:

إن إذاعة الأخبار ونشرها قبل التثبّت والتبيّن والتأكد من صحتها لا تجوز شرعا، بل أحيانا لا يجوز نقل الخبر حتى وإن كان صحيحا؛ إذ بنقله وإذاعته قد يكون له تأثير سلبي على المسلمين، وهذا ما يعرف اليوم بسياسة الإعلام، فالإعلام سلاح خطير طالما استخدمه الكفار في الفتّ في عضد الأمة، وقد سطر لنا التاريخ هذا الخطر في مواقع كثيرة، ففي معركة أحد أشيع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قتل، فانكفأ الجيش بسبب هذه الإشاعة، فبعضهم ترك القتال وبعضهم هرب إلى المدينة، واليوم وقد أصبح الإعلام السلطة الرابعة كما يسميه البعض، أصبح مرتبطا بالعمل السياسي ارتباطا وثيقا، لذلك ازدادت خطورته خاصة بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة في سرعة انتشار المعلومة، وازدادت خطورة أن يتحدث المرء بكل ما يسمع.

اللهمَّ عاجلنا بخلافةٍ راشدةٍ على منهاجِ النبوةِ تلمُّ فيها شعثَ المسلمين، ترفعُ عنهم ما هم فيهِ من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرضَ بنورِ وجهِكَ الكريم. اللهمَّ آمين آمين.

أحبتَنا الكرام، وإلى حينِ أنْ نلقاكم مع حديثٍ نبويٍّ آخرَ، نتركُكم في رعايةِ اللهِ، والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.

كتبه للإذاعة: أبو مريم