بسم الله الرحمن الرحيم

تونس: ثورة 14 يناير أم 17 ديسمبر؟



الخبر:

أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد خلال اجتماع وزاري عن تغيير تاريخ الاحتفال بذكرى ثورة 2011 من 14 كانون الثاني/يناير إلى 17 كانون الأول/ديسمبر من كل سنة، معتبرا أن التاريخ الأول "غير ملائم". وعلل سعيّد قراره بأن شرارة الاحتجاجات انطلقت "من سيدي بوزيد ولكن للأسف تم احتواء الثورة". وتأتي الخطوة فيما لا تزال البلاد تمر بوضع سياسي مضطرب إثر قرار سعيّد في 25 تموز/يوليو تجميد أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة وتوليه السلطات. (فرانس 24).

التعليق:

يبدو أن الشعب التونسي على موعد جديد من التلاعب بثورته واحتكار جديد لها من لاعب دولي جديد يمنّي نفسه بجني ثمار تنامي الغضب الشعبي تجاه الوسط السياسي القديم. فبعد عشر سنوات من الركوب على الثورة من جانب الوسط السياسي الموالي لبريطانيا، يأتي قيس سعيد المتمسح على كتفي ماكرون والموالي لفرنسا، ليستأنف مسارا جديدا من محاولة تعليب الثورة وادعاء تمثيلها.

صحيح أن الثورة الشعبية في تونس قد انطلقت يوم 17 كانون الأول/ديسمبر 2010، وأن يوم 14 كانون الثاني/يناير 2011 يمثل تاريخ سطوة الوسط السياسي الرسمي على هذه الثورة الشعبية ليحول وجهتها تدريجيا إلى حيث يريد المسؤول الكبير البريطاني ويسرق أحلام هذا الشعب في التحرر النهائي من ربقة الاستعمار، ولكن تغيير تاريخ ذكرى الثورة التونسية على هذا الأساس، هو كلام حق أريد به باطل. فلم يكن تغيير هذه الذكرى من أجل رد الاعتبار للشعب الذي اغتُصب سلطانه، ولا لاستكمال الثورة إلى حين إسقاط كامل النظام، وإنما من أجل القيام بسرقة جديدة لأحلام هذا الشعب وبسطوة ثانية على ثورته يُجدّد بها النظام الرأسمالي الفاسد أنفاسه، بحيث تُحوّل وجهتها إلى حيث تريد فرنسا، بدل بريطانيا. فإلى متى يُستبدل عميل بعميل ويبقى النّظام خطرا جاثما على صدورنا؟!

إن معركة "الأمة تريد" و"الغرب يريد" مستمرة إلى أن يأذن الله بنصره ويتحقق وعده وبشرى نبيه ﷺ بعودة سلطان الإسلام، فهي معركة حضارية عقائدية، الغلبة فيها لهذا الدين العظيم والعاقبة فيها للمتقين. قال تعالى: ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾. [يوسف: 21]. وقال سبحانه: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾. [الصفّ: 9].

أما من يقدمون أنفسهم خدما للغرب وسندا له في اختطاف ثورة الأمّة ويقفون حائلا أمام استكمالها على أساس الإسلام ووصولها إلى برّ الأمان، فستلفظهم الأمّة عما قريب بإذن الله، وستركلهم جميعا عن بكرة أبيهم إلى هاوية سحيقة، معلنة انتهاء حقبة الملك الجبري وعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوّة بإذن الله.


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. وسام الأطرش – ولاية تونس