الخبر:

أعلنت لجنة أطباء السودان (غير حكومية)، الخميس، تجدد القتال في ولاية غرب دارفور، ما أدى إلى مقتل 33 شخصا وإصابة 10 آخرين. وقال بيان لفرع اللجنة في غرب دارفور اطلعت عليه الأناضول: "تجددت أحداث العنف في جبل مون أمس الأربعاء، مخلفة حصيلة جديدة من القتلى والجرحى وخسائر في الممتلكات وإحراق القرى". وأضاف: "أحصت اللجنة حتى صباح الخميس، 25 قتيلا و4 جرحى نتيجة هذه الأحداث في جبل مون". وأردف البيان: "فضلا عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 6 آخرين قرب قرية تنجكي بمنطقة سربا المجاورة لكرنيك". وأشارت اللجنة إلى أن "عدد القتلى في مناطق كرنيك وجبل مون وسربا بولاية غرب دارفور، بلغ 138 قتيلا و106 مصابا منذ 17 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي". والاثنين، أعلنت الأمم المتحدة أن عدد القتلى في أحداث جبل مون بولاية غرب دارفور، ارتفع إلى 50 فيما نزح أكثر من 6 آلاف، وعبر أكثر من 2000 شخص إلى دولة تشاد.

ومن جانب آخر تصاعدت حدة القتال القبلي في محلية أبوجبيهة حيث تم حرق أكثر من 100 منزل، ليتطور النزاع اليوم الخميس باستخدام الأسلحة الثقيلة ووفاة أكثر من 10 أشخاص مع موجة نزوح كبيرة. وقال شهود عيان إن الجيش والشرطة لم يتدخلا لإيقاف هذا النزاع رغم استخدام الأسلحة الثقيلة. وشهدت منطقة الجنوب الشرقي لمدينة النهود بولاية غرب كردفان أحداثاً وصراعات قبلية دامية أدت إلى مقتل وجرح العشرات.

التعليق:

لقد ظل هذا الاقتتال ولعشرات السنين مستمراً، بيد أن وتيرته قد زادت، وعنفه قد اشتد، ورقعته قد توسعت، وظلت الحلول المقدمة كما هي، وباستخدام الأساليب والوسائل الخاطئة نفسها. ويجتمع الوالي أو حاكم الولاية برجالات الإدارة الأهلية طالبا منهم وقف الاقتتال، والتقليل من التوترات والسيطرة على الأوضاع. أما على مستوى الحكومة المركزية فيجتمع مجلس الأمن والدفاع وتكوين قوى مشتركة من الأجهزة الأمنية المختلفة لحسم تلك التفلتات القبلية، ومن ثم الجلوس مع الأطراف المتقاتلة للصلح ودفع الديات والتعويضات! وهكذا معالجات تخبطية لا ترتكز على مبدأ الإسلام العظيم.

هذه هي نسخة الحلول التي درجت الحكومات على تقديمها وذلك في تسطيح لأسباب المشكلة، وحصرها في الصراع القبلي دون تكليف أنفسهم بقليل من العناء لمعرفة العوامل التي تؤجج هذه الصراعات القبلية، وكأن هذه الصراعات أمر جِبِلّيّ في علاقات القبائل فيما بينها!

إن تسليح القبائل الذي قامت به الحكومات كان أحد عناصر تأجيج القتال، بالإضافة إلى أن الحركات المسلحة القائمة على أساس قبلي لها دور في تأجيج النزاعات القبلية، والاستقطاب الذي تقوم به الأحزاب السياسية معتمدة على رجالات الإدارة الأهلية من العناصر المساهمة أيضاً في تسخين الأوضاع واشتداد التجاذبات بين الأطراف. وإن الاستخفاف بالدماء لدى كافة الأطراف عنصر فاعل في دفع دفة القتال. ألم يكن غياب الدولة التام عن حل المشاكل على أساس الإسلام، وكذلك غياب دور الدولة حين وقوع الأحداث سببا أساسيا في تفاقمها وغيرها الكثير من الأسباب التي يصعب حصرها؟!

إن الحل يحتاج إلى وجود دولة لا تسمح باستمرار بحور الدماء، دولة تنظر إلى زوال الدنيا بأنه أهون عند الله من قتل رجل مسلم. دولة تنظر إلى أن الحكم ليس "كيكة" للمحاصصات القبلية أو الجهوية، وإنما أمانة وخزي وندامة يوم القيامة، إلا من أخذها بحقها، دولة تبسط العدل بين الناس، والمساواة في الحقوق والواجبات، دولة يكون القوي فيها ضعيفاً حتى يؤخذ الحق منه والضعيف فيها قوياً حتى يؤخذ الحق له.

هذه هي الدولة التي ينشدها الناس، حيث توقف القتال بين القبائل بأحكام الإسلام، لأن علاجها جذري أنزل من فوق سبع سماوات.



كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس حسب الله النور – ولاية السودان