بسم الله الرحمن الرحيم


مع الحديث الشريف
الإمارة




نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَمَنْصُورٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَال: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِذَا أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ فِيهَا إِلَى نَفْسِكَ، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا» (سنن أبي داوود 2586)

إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:

إن هذا الحديث الشريف يخبر بالنفس الأمارة بالسوء ...من المعلوم أن النفس غير المنضبطة بالأحكام الشرعية، والتي يُهيأ لها الجو الذي يغذي النفس بالمعاصي، تأمر الإنسان بالمعصية وتوقعه فيها. وفتنة السلطة كبيرة، فالإنسان ينزع إلى الحكم والسلطة، والبعض يتنافس عليها دون أن يدرك أنه يقحم نفسه في صراع مع العدل والجور، والصواب والخطأ، والإنصاف والظلم، وقد يقع في المعاصي بقصد أو غير قصد.

لهذا يخبر الحديث الشريف أن الإنسان إذا سأل السلطة فقد وكّل نفسه إلى ما قد لا تحمد عقباه، أما إذا أُعطيها وهو مستحق لها قادر عليها، فهنا الأمر يختلف حيث أن الله سبحانه وتعالى سيعينه على حمل هذه الأمانة، ويجعل نفسه تخضع للأحكام الشرعية ويقطع الطريق أمام وساوس الشيطان.

على المسلم أن يحذر كل الحذر من تمكين النفس الأمارة بالسوء، وتركها تدفعه إلى المعاصي، لذلك عليه ألا يهيئ لنفسه الجو لاقتراف الخطأ، وأن يعي مسؤولية الإمارة، وأنها أمانة، والتقصير فيها ندم يوم لا ينفع الندم.

الله نسأل أن يولي علينا من يخافه فينا، وأن يجنبنا السعي للمغانم والمناصب، وأن يرشدنا طريق الحق، اللهم آمين.

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح رحمه الله