ديوان شعر أبي إِياس محمود بن عبد اللطيف بن محمود ( عويضة )
________
خــلاصـــة الــتــجــارب
________
خَبِـرْتُ علـى الأيـام فـنّ التعامـلِ = فَلَـمْ أُلْـفِ خيـراً مـن دوامِ التغافُـلِ
رأيتُ عمومَ الناسِ في السوء أوغلـوا = فأجهدتُ نفسي في اختيـار الأفاضِـلِ
اذا اخترتَ فاخترْ دائمـا عـن رَويّـةٍ = فرافِضُهـم خيـرٌ مــن المتسـاهِـلِ
صديقُك غُضَّ الطّـرْفَ عـن هَفَواتِـهِ = لعـلـك تلـقـاهُ زمــانَ الـنـوازِلِ
وعاتـبْ قليـلاً بعـد طـولِ مَسـاءَةٍ = فإنْ لم يُفِـدْ فاقطـع حبـالَ التواصُـلِ
صديقُكَ مَـن أرْخـى عليْـك جناحَـهُ = ولـمْ يَبْـغِ منـك الخيـرَ دون مقابِـلِ
ولسـتُ أرى حُسْـنَ المَظَنّـةِ مانعـاً = تَدَبُّـرَ أسـبـابٍ وسَـبْـرَ وسـائِـلِ
وإن كنتَ تهوى فاقْتصِـدْ فـي محبّـةٍ = ولا تَـرْمِ مـن تَقْلـي بكـلِّ الرذائِـلِ
لعلـك تَقْلـي مَـن تُحـبُّ وتَجتـبـي = بغيضـك ، فالثبـاتُ لـيـس بِمـاثِـلِ
وإن كنتَ ميسـوراً فَمُـدَّ يَـدَ النّـدَى = فَتَفْتَـحَ أبـوابَ الــوَرَى بالأنـامِـلِ
وإن كنـتَ ذا عُسْـرٍ فعلمُـكَ فـاتـحٌ = قلـيـلاً وإلا فانـغـلاقُ الـمـداخِـلِ
وإن كنتَ تسعى كـي تنـالَ رضاهُـمُ = فحَبْلُـكَ مقطـوعٌ ولسـتَ بـواصِـلِ
ولا تجعـلِ الواشـي يُـتـمُّ كـلامَـهُ = ولا تَسْمَعَـنْ يومـاً مقـولَـةَ نـاقِـلِ
وكُنْ حَذِراً مـن ساقِـطِ الأصـلِ إنـه = سَيَصْدُرُ يوماً عـن وضيـعِ الشّمَائِـلِ
ومَـن كـان ذا حَـقٍّ فليـس بـآمِـنٍ = علـى حقّـهِ إذْ دونَـهُ صَـوْلُ باطِـلِ
ولـم أرَ كالمعـروفِ مهمـا سترتَـهُ = تَبَـدّى ولـم يَحْفِـلْ بسُتـرةِ بــاذِلِ
إذا نُؤْتَ مِـنْ بَلـوى فَغيـرُكَ مُبتَلـىً = بأكبـرَ منهـا فاصطَـبِـرْ للبـلابِـلِ
ولا تَشْـكُـوَنْ إلا لـربّـكَ كُـربــةً = وإلا تكـن مثـلَ النّسـاء الأرامِــلِ
يُسَـارُ إلـى الغايـاتِ دون تَعَـجُّـلٍ = إذا عَـزَّ قَطْـعُ البِيـدِ جـيءَ ببـازِلِ
إذا كنتَ ترجو الفضـلَ فاطلـب وَدَادَهُ = بحِلْمٍ على العـادي وهَجْـرِ التطـاوُلِ
وما طََلََبَ اللَـذّاتِ مَـن كـان راجيـاً = بلوغَ الذُرَى يومـاً وحَمْـلَ المشاعِـلِ
إذا شئتَ حُسـنَ الذِّكـرِ دون مَلامَـةٍ = فـأدِّ حقـوقَ الـنـاسِ دون تكـاسُـلِ
ومن كان في صَحْبٍ فلم ينصَحَوا لَـهُ = فتركُهُـمُ حَتـمٌ علـى كــلّ عـاقـلِ
ومن لـم يكـن ذا أُهبَـةٍ كُـلَّ لحظـةٍ = لكـلّ احتمـالٍ كـان صَيْـدَ الحَبائِـلِ
وصانِعْ إذا خفتَ الرَدى من ذوي الرَدى = وجاهِـرْ إذا كـان الأذى غيـرَ قاتِـلِ
ولا تطلُـبَـنَّ الـمَـزْحَ إلا أقـلَّــهُ = فـلا يُكثِـرُ الطّـبـاخُ ذَرَّ التَـوَابِـلِ
ولستَ تريدُ الخيـرَ أنْ تَهَـبَ الجَـدَا = أمامَ الـوَرى تَبْغـي ريـاءَ المحافِـلِ
وما المدحُ إلا اثنـانِ : للمـرءِ واحـدٌ = فإمـا مديـحُ الـذّاتِ أو مَـدحُ قائِـلِ
وكـلُّ طريـقٍ مستقـيـمٍ وإنْ بَــدا = طويلاً قصيـرٌ ثـم بـادي المراحِـلِ
وليس لموفـورِ الحِجَـى غيـرُ شِـدّةِ = الحيـاة ولا يلهـو بهـا غيـرُ جاهِـلِ
ومـا كُـلُّ مـا تسعـى إليـه تنالُـهُ = جميعاً لـذا فاطْلُـبْ كبيـرَ المسائِـلِ
ومَـن يركـبِ السّهْـلَ الأميـنَ فإنـه = يُحَصِّـل فـي دنيـاه دنيـا المـنـازلِ
إذا كنـتَ إن أعطيـتَ سـاءَكَ فَقْـدُهُ = فـلا تُعْـطِ إن البَـذلَ غيـرُ التّبـاذُلِ
ومَن يُعطَ حُسْنَ القوْلِ يَقْصُـر لسانُـهُ = وذو العِـيِّ مَـدّادُ اللّـسـانِ كبـاقِـلِ
وإن كنتَ تبْغـي نَيْـلَ حَـقّ مُضَيّـعٍ = لـدى ظالـمٍ فاسْلُـكْ سبيـلَ التحايُـلِ
ومن كان ذا تقـوى يكـنْ ذا فِراسـةٍ = لِعيْنَيْـهِ نـورٌ كـاشـفٌ للمَجـاهِـلِ
إذا شئتَ عِرْفانَ الفتـى سَلْـهُ حاجـةً = تُشاغِلُـهُ عَمّـا بِـهِ مِــنْ تَشـاغُـلِ
ولا تَقَعَـنْ فـي مـأزَقٍ ثـم تَطْلُـبَـنْ = خَلاصاً وحاذِرْ مـن غُبـارِ المشاكِـلِ
ودَأْبُ الفتـى عِلـمٌ وكَسـبٌ وطاعـةٌ = وما اللّهوُ إلا مِثْـلُ وَقْـفِ الفَواصِـلِ
وفي كُـلّ يـومٍ خُـذْ لِنَفْسِـكَ فتـرةً = تُراجِعُ فيها مـا مَضَـى مِـنْ فَعائِـلِ
ومَن كان يَبْغـي الجـاهَ فاعْلَـمْ بأنّـهُ = يُريـدُكَ جِسْـراً أو مطيّـةَ واصِــلِ
حَلَفْـتُ فَلَـمْ أحْنَـثْ بـأنّ خَلاصـةَ = التجارِبِ عِلْـمُ الشـيءِ عِلْـمُ البَدائِـلِ
___________________
منقول عن : منتدى الزاهد
http://www.sharabati.org/vb/showthread.php?p=2548#post2548