المساعدة - البحث - الأعضاء - التقويم
وظائف اللغة ووسائل الإعلام (1)
منتدى الناقد الإعلامي > الإنتاج الإعلامي > الدراسات الإعلامية
أبو الأمير
وظائف اللغة ووسائل الإعلام (1)

وظائف اللغة ووسائل الإعلام (1)
"ثلاثية الإعلام.. يد مع اللغة العربية"




لو سألت أميًّا عن وظيفة اللغة، وصُغت السؤال في قالب على النحو الآتي:

• لماذا تتكلَّم إلى الآخرين؟


لشك في جدية سؤالك؛ لأن الإجابة تكاد تكون بدهية من البدهيات، وهي: "حتى يفهمني الآخرون"، أو "حتى أبلغهم ما أريد" أو ما شابه ذلك، ولا يشك أحد في أن هذه هي الوظيفة الأساسية للغة، وأنها هي التي جعلت من الإنسان كائنًا اجتماعيًّا، ومكَّنته من الشعور بذاته، ومن الاتصال بغيره، ومن العسير أن نتصور حالة أوَّليةً للإنسان كان محرومًا من مثل هذه الوسيلة الناجعة للعمل، فتاريخ البشرية من بدايته يفترض وجود لغة منظمة، وما كان في وسع الإنسان أن يسير في طريق التطور دون لغة[1].



ولكن وجود الأصل لا يُلغي وجود الفرع، وبتعبير آخر: وجود الأهم لا يلغي وجود المهم، فإذا كان التعبير عمَّا في النفس، والتفاهم مع الآخرين هو الفرض الأصلي الرئيسي للغة، فإن هناك أغراضًا أخرى مهمة، وإن قلَّت في أهميتها عن هذا الغرض الرئيسي الأصلي.

••••


وقد حدد جيفرنز Jevons أغراض اللغة في أمور ثلاثة هي:

1. كون اللغة وسيلة التفاهم.

2. كونها أداة صناعية تُساعد على التفكير.

3. كونها أداة لتسجيل الأفكار والرجوع إليها[2].



وتكاد هذه المهام الثلاث تمثِّل الوظائف الأساسية لأية لغة من اللغات، ويبقى الخلاف بين ما ذكرناه وغيره خلافًا لفظيًّا كتحديد الأستاذ / ألبرت Allport وظائف اللغة الاجتماعية فيما يأتي:

1. أنها تجعل للمعارف والأفكار البشرية قيمًا اجتماعية بسبب استخدام المجتمع اللغة للدلالة على معارفه وأفكاره.



2. أنها تَحتفِظ بالتراث الثقافي، والتقاليد الاجتماعية جيلاً بعد جيل.



3. أنها باعتبارها وسيلة لتعلُّم الفرد تساعده على تكييف سلوكه وضبطه، حتى يُناسب هذا السلوك تقاليد المجتمع وسلوكه.



4. أنها تزود الفرد بأدوات للتفكير[3].



ويرتبط بالوظيفة الاجتماعية للغة، بل يَدخُل في صُلبها: أنها تُحقِّق الارتباط الروحي بين أفراد مجتمع معيَّن، وقد تختلف مجموعات من الدول في البيئة والجنس، أو الدين، أو غير ذلك من الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، ولكنها تظل متحدة مُتماسكة إذا كانت لغتها واحدة، وبهذا نفسِّر حرص الدول الاستعمارية على نشر لغاتها في الأمم التي تستعمرها لأنها تكتسب بهذا الغزو الفكري قلوبًا وميولاً، ربما لا تحصل عليها بطريق العنف، واستعمال القوى المادية[4].



وقد بدأ المفكِّرون ينظرون إلى اللغة على أنها من أهم العوامل التي يمكن استخدامها في تحقيق فكرة التقارب والتفاهم العالمي؛ وذلك بتبادل الآداب المختلفة والدراسات الاجتماعية كالتاريخ والاجتماع والتربية الوطنية، وغير ذلك مما يوضِّح آمال الشعوب وطبائعها وعواطفها ومزاياها، وكل ذلك يُساعد على تقريب وجهات النظر بين الشعوب المختلفة[5].

••••


وتلتقي "اللغة" مع وسائل الإعلام في مهامها الاجتماعية، لا في الهادفية فحسب، ولكن في التفاعل - تأثرًا وتأثيرًا - كذلك، "فالنظام الاجتماعي الذي تعمل في إطاره وسائل الإعلام يعتبر من القوى الأساسية التي تؤثر على القائمين بالاتصال، فأي نظام اجتماعي ينطوي على قيم ومبادئ يسعى لإقرارها، ويعمل على قبول المواطنين لها، ويمكن أن تُعتبر هذه المهمة أو الهدف متصلة بوظيفة التنشئة الاجتماعية أو التطبيع، وتعكس وسائل الإعلام هذا الاهتمام بمحاولاتها المحافظة على القيم الثقافية والاجتماعية، وضمان قبول المواطنين لهذه القيم"[6].



لذلك كان التنازل عن لغة الأمة تنازلاً عن جزء من عقلها، وكما يقول همبلت Humboldt: "إن لسان أمة جزء من عقليتها، وإن لغة شعب ما هي إلا روحه، كما أن روح الشعب لغته"[7].

••••


وفي إجمال وإيجاز نقرِّر في هذا المقام أن وسائل الإعلام - بصفة عامة - والتلفاز - بصفة خاصة - تعد من عوامل توحيد الأفكار والمشاعر بين الناس، وتوحيد عاداتهم وتقاليدهم وأنماط سلوكهم وقيمهم؛ "لأن الآلاف منهم يشاهدون نفس المؤثرات، فهو يساعد على تحقيق وحدة الفكر والمعايير والثقافة والأذواق الجمالية"[8].

••••


وبعد هذا التعميم من حقِّنا أن نسأل: ما العطاء الجديد الذي قدمته وسائل الإعلام للغة العربية؟ وما قيمة هذا العطاء ومردوداته ونتائجه؟



لقد قدمت هذه الوسائل - ولا شك - لغة جديدة، وقد اصطلح الإعلاميون والباحثون على تسميتها باللغة الإعلامية، وهي "اللغة التي تشيع على أوسع نطاق في محيط الجمهور العام، وهي قاسم مُشترك أعظم في كل فروع المعرفة والثقافة والصناعة والتجارة والعلوم البَحتة، والعلوم الاجتماعية والإنسانية، والفنون والآداب؛ ذلك لأن مادة الإعلام في التعبير عن المجتمع والبيئة تستمد عاصرها مِن كل فن وعلم ومعرفة"[9].



ولا شك أن النفوذ الهائل لوسائل الإعلام في مجال اللغة هو الذي أدى دورًا مهمًّا في خلق اللغة المشتركة بين أصحابها[10]، فأصبحت عمادًا رئيسًا "قوة الجذب اللغوية"، وهي القوة التي تتَّجه إلى التجميع، وتطهير اللغة من عناصر التفرقة التي تفد عليها[11].



ونستطيع أن نوجز أبعاد هذه اللغة الإعلامية في الصفات والخصائص الآتية:

1. المباشرية.

2. السهولة والوضوح.

3. التخفيف من الأثقال اللغوية والخيالية، إلى حدِّ التخلُّص التام أحيانًا...



(يتبع).



أبو الأمير
وظائف اللغة ووسائل الإعلام (2)
وظائف اللغة ووسائل الإعلام (2)


نوجز أبعاد اللغة الإعلامية في الصفات والخصائص الآتية:

• المباشرية.

• السهولة والوضوح.

• التخفيف من الأثقال اللغوية والخيالية، إلى حدِّ التخلُّص التام أحيانًا:

1) فهي لغة تتجنَّب المقدمات الطويلة، وتعالج الموضوعات معالجة شاملة بطرحها للمتلقي، دون التقدمات المسهبة التي كان يقصد بها قديمًا جذبه والتأثير القبلي عليه، فالوصول إلى أفكار الموضوع يكون وصولاً مباشرًا، دون التوقف عند نتوءات فكرية فرعية، ويظهر ذلك - بصفة خاصة - في نشرات الأخبار والتعليق عليها.



وقد يكون مردُّ ذلك إلى أن المتلقي - قارئ الصحيفة، والمستمع للإذاعة، ومشاهد التلفاز - لم يعد في حاجة إلى هذه التقدمات، وتلك التمهيدات، لعدة أسباب من أهمها:

أ- تقدُّم الوعي وارتفاع نسبة التعليم، وزيادة "القدر العقلاني" في شخصية المتلقي.



ب- تعوُّده على "التعامل الإعلامي" كشريحة من شرائح حياته اليومية، فهو يقرأ الصحيفة، ويُشاهد التلفاز، ويستمع إلى الراديو الذي ينقله معه أنَّى شاء.

••••



2) وهي لغة سهلة واضحة تنزَّهت عن الإغراب، فلم تعد تستخدم الغريب الوحشي أو المهجور أو المُمات من ألفاظ اللغة، وتصدق هذه الخصيصة على البرامج التراثية؛ كالتفسير، والتوعية الدينية، وتقديم الكتب القديمة وتحليلها.

••••


3) وتخفَّفت هذه اللغة - إلى درجة التخلص أحيانًا - من الصور البيانية، فأحلَّت التعبيرات المباشرة السهلة محل العبارات البيانية، وعلى سبيل التمثيل:

• تستخدم: وقد اشتدت المعارك بين المتقاتلين.

• بدلاً من: اشتد أُوار الحرب، أو: حميَ الوطيس.

• وتستخدم: انتهت الحرب.

• بدلاً من: وضعت الحرب أوزارها.

• وتستخدم: وقد صمدت القوات في مواقعها، مع كثافة النيران الموجَّهة إليها.

• بدلاً من: وقفت القوات في وجه الأعداء كالجبل العاتي، على الرغم من موجات النيران التي تصبُّ عليها.

••••


ولا شك أن هذا الأسلوب الإعلامي يحقق أهم هدف من أهداف اللغة وهو "إفهام الآخرين ما يعبر عنه برموز أي ألفاظ مركبة".

••••


ومِن الحسنات التي تسجل لوسائل الإعلام أنها بهذه اللغة الإعلامية أزالت كثيرًا جدًّا من الفوارق العاتية بين اللهجات المحلية[1]، وقربت هذه اللهجات من اللهجة الأم: لهجة القاهرة، وهي أسهل اللهجات فهمًا بالنسبة لشعوب المنطقة العربية، فضلاً عن المصريين في شتى بقاع مصر، كما أنها أقرب اللهجات المصرية إلى لغة الإعلام.



• فلهجة الصعيد تخفَّفت كثيرًا من لوازمها اللغوية، التي تتمثَّل في عبارة مشهورة كنا نسمعها من نصف قرن، وتُروى على شكل "نكتة" ومؤداها: إن الطبيب سأل مريضه الصعيدي - وهو يوقع الكشف عليه - عن حالته ومصدر شكواه، فأجابه: بَجِي بَجْفْ أجَعْ (أي كلما هممت بالوقوف أقع، أي أسقط على الأرض).



فتخلَّصت هذه اللهجة من الفعل (بَجِي)، وأصله الباء + الفعل المضارع أجيء، ويعني الظرفية الزمانية (عندما أو حينما) ولم يبق إلا التزام الجيم بديلاً عن القاف: جال، جام، الجلَم، بدلاً من: قال، قام، القلم.



• وتخلَّصت اللهجة الصعيدية كذلك من النداء التقليدي "يابُويْ" الذي كان يخاطب به من يكبر المتحدِّث سنًّا، واستبدلوا به كلمات أخرى مثل: سيادتك - سعادتك - حضرتك.



• وكذلك من عبارة التعجب المشهورة: (وَهْ يا بُويْ).

••••


• ومِن لهجات الوجه البحري في شمال دلتا مصر لهجة مدينة المنزلة - وهي إحدى مراكز محافظة الدقهلية - ومن ظواهرها الصوتية الضغط على المقطع الأول من الكلمة إذا كان ساكن الثاني في مثل هذه الكلمات: منزلة، فلسفة، مهزلة، حتى لو جاء هذا المقطع بعد أداة التعريف (ال): المنزلة، الفلسفة، المهزلة.



وقد اختفَت هذه الظاهرة تمامًا.



• وقد كان أهل قرية العزيزة - وهي قرية تابعة لمركز المنزلة - ينطقون الكلمات مرخَّمة؛ أي: دون حرفها الأخير، وخصوصًا إذا جاء بعد مدٍّ؛ فكلمات:

عصام، بهاء، عظيم، فُتوح، عميل



تُنطق بالصورة الآتية:

عِصَا، بَهَا، عظيم، فُتو، عَمي



ولم يعد لهذه الظاهرة وجود نهائيًّا.

••••


• وكانت هناك ظواهر لغوية ونُطقية عند أهل المطرية دقهلية الواقعة في أقصى الشمال على بحيرة المنزلة، وقد اختفت هذه الظواهر اختفاءً شبه تام:

• فمن أساليب النداء التعظيمي مخاطبة الآخرين بـ: (يا حِيلَتي) وكانوا ينطقونها بحاء مكسورة، ولام ساكنة، مع حذف الياء (ياحِلْتى) أي يا منقذي، أو مَلْجئي.



وكانوا يَصفِون بها كذلك الولد الوحيد أو البنت الوحيدة، فيقولون عنه (دا حِلْتي) أو (دا حلتي م الزمن) وهي هنا تعني: أنه ثروتي ومالي وأعزُّ ما أعتز به.



وقد يستعملون - في نفس المعنى - كلمة "سَنَدي"، وإن كانت أكثر انتشارًا في المدن الأخرى من الوجه البحري.



• وفي المطرية حيان يقسمان البلد:

أ- حي العقبيين أو العجبيين - كما ينطقونها - في الشَّمال.

ب- حي الغَسْنة أو الغصْنة - كما ينطقونها - في الجنوب.



وأغلب سكان الحي الأول من الصيادين، وأغلب سكان الحي الثاني من التجار والموظفين، ومن ثم كانت فرصتهم في السفر والتنقُّل، والاختلاط بأهل القرى والمدن المجاورة أكبر بكثير من فرصة سكان الحي الأول الذين كانوا يقضون أغلب أيامهم في البحيرة والصيد، فلا عجب أن يكون للهجتهم ملامح لغوية تختلف عن صفات الحي الثاني التي كانت أقرب إلى لهجات أهل المدن الأخرى بالدلتا.



ومن اللوازم اللغوية في لهجة سكان الحي الأول:

1. نطق القاف جيمًا قريبة من حرف الجاف الفارسي.

(جلم، عجل، جلع، مجلاع) بدلاً من: (قلم، عقل، قلع، مقلاع)

بينما نجد القرى والمدن القريبة يستبدلون بالقاف همزة: (ألم، عأل، ألع، مئلاع)



2. كسر الحرف الأخير في الكلمة إذا أضيفت لضمير المخاطب أو الغائب - في حالة الإفراد - بصرف النظر عن موقع الكلمة في الجملة:

كتابِك - كتابِه - فلوسِك - فلوسِه.

••••


• في مدن الشمال: وخصوصًا بورسعيد ودمياط: تُنطق كلمة (ولد) عند النداء، بإحدى الصورتين الآتيتين، وغالبًا ما تكون مسبوقة بضمير الفصل (أنت):

• إنْتَ ياد (أنت يا ولد).

• إنت يَلا (أنت يا ولد).



وإن غلب الاستعمال الأخير على أهل بورسعيد.



وحاليًّا: ندر أن تستعمل إحدى الصيغتين، وتحول النداء إلى صيغة سليمة هي:

• يا ولد، أو: أنت يا ولد.

••••


والخلاصة أن لغة الإعلام استطاعت أن تَقضي على كثير من الظواهر اللهجية الشاذَّة، وأن تُقرِّب بين اللهجات، ولهجة القاهرة صاحبة المقام الأول في التلفاز المصري.



هذا من ناحية، ومِن ناحية أخرى أمدَّت وسائل الإعلام، وخصوصًا الصحافة، اللغة العربية بكثير من الألفاظ والعبارات الجديدة المولدة، ومنها على سبيل المثال:

• التقنين، التمويل، والتطوير، الاستِجواب، العضوية.



المنطاد، الدراجة، الهاتف، المذياع، المأساة، الملهاة.



الشيوعية، الاشتراكية، الوجودية، الواقعية.



البلاط (بلاط الملك: أي حاشيته وأخصَّاؤه).



القوة الضارية، على مستوى القاعدة (الطبقة الشعبية).



الرقم القياسي، السوق السوداء، أستاذ كرسي



أخذ المبادرة، توتر العلاقات، الثورة البيضاء، الثورة الحمراء.



غزو الصحراء، نقطة نظام، الغزو الفكري، غسيل (أو غسل) المخ[2].



• يلعب بالنار، يلعب دورًا مهمًّا، ضحك ضحكة صفراء، ألقى القفاز في وجهه، لعب بالورقة الأخيرة، طرح المسألة على بساط البحث، لا يرى أبعد من أرنبة أنفه (وذلك إذا ذَمَّ إنسان إنسانًا آخر بضيق الأفق وقصر النظر، أما إلقاء القفاز في الوجه فكناية عن الإهانة الشديدة)، وهناك عبارات أخرى لا يتسع لها المقام[3].



وكثير من هذه العبارات تكاد تكون ترجمة حرفية عن لغات أجنبية مثل: لا جديد تحت الشمس، ألقى القفاز في وجهه، "ومن مظاهر التأثر في التراكيب المستمدة من طبيعة تعبير اللغات الأجنبية شيوع استخدام الجمل الاسمية، وتناثرها وكأنها وحدات مستقلة"[4].



ولا شك أن هذا الاحتكاك اللغوي يصل اللغة العربية بروافد جديدة تشترك مع غيرها في إثراء المعجم العربي، وتطور اللغة العربية وانطلاقها كلغة عصرية عالمية.



فلغة الإعلام إذًا كان لها فضل كبير - مع عوامل أخرى - في نشر الفصحى، وتنبيه الوعي اللغوي، ولكننا نخالف الدكتور شرف فيما يراه من أن "الإعلام والصحافة - بوجه خاص - قد حقَّقا للغة العربية كل ما كان يأمل فيه المجددون من رجال اللغة، وكل ما نادى به الغيورون على هذه اللغة من وجوب تبسيطها بحيث يفهمها أكبر عدد ممكن من القراء، ومن وجوب تزويدها بالحيوية الكافية حتى لا يضيق بها أحد من القراء، بل من وجوب تطويرها حتى تتسع للتعبير عن كل جديد، أو مستحدث في الأدب والعلم والفن جميعًا"[5].



وهو حكم مغرق في المبالغة؛ فوسائل الإعلام إن حقَّقت بعض المطلوب المأمول، فإنها لم تُحقِّق كل ما نادى به، وأمل فيه المجددون، والغيورون على اللغة، كم ذهب الكاتب.



ولو صحَّ هذا الحكم لكان دعوة ضمنية إلى إيقاف كل محاولات التجديد، ودعوات التيسير والتطوير، على أن وسائل الإعلام - وقد أشرنا إلى ذلك من قبل - لم تكن دائمًا خيرًا وبركة على اللغة العربية، فهي إذا كانت قد قدمت نفعًا للغة العربية فإنها - كما يقول أحد الباحثين[6]- سبَّبت في الوقت نفسه إفسادًا للغة بالغ الخطورة، وسنرى في الصفحات الآتية مدى المصداقية في ذلك.

[1] مع ملاحظة أن هناك وسائل أخرى تضافرت مع الوسائل الإعلامية في تحقيق هذه الظاهرة منها: سهولة التواصل بين الجماعات في القرى والمدن عن طريق وسائل المواصلات، والمدارس، وانتشار التعليم على نطاق واسع.

وأنبِّه القارئ إلى أن درايتي ببيئتي المصرية أكثر من غيرها هو الذي دفعني إلى استقاء الأمثلة الواردة في المتن بعد ذلك منها.

[2] غسيل المخ، أو غسل المخ Brain washing اصطلاح يُستعمل كثيرًا في المجتمعات ذات النظُم الشمولية، ويقصد به محاولة توجيه الفكر الإنساني أو العمل الإنساني ضد رغبة الفرد الحر، أو ضد إرادته أو عقله عن طريق إعادة تشكيل اتجاهات الفرد في الشكل المطلوب، وذلك بعرض مؤثرات معينة على مخ الإنسان بدرجات متفاوتة مع طبيعته حتى يصل إلى درجة الانهيار، يكاد يتوقف، ويصبح الإنسان في حالة ضياع تام، كما يصبح مستعدًّا لتقبل أية إيحاءات تُفرض عليه؛ "معجم مصطلحات الإعلام" (ص: 32).

[3] انظر: محاضرة؛ أنيس المقدسي: "الكلام المولد في معاجمنا الحديثة" (مؤتمر مجمع اللغة العربية 1964 - 1965)، وبحث عبدالقادر المغربي: "تعريب الأساليب" مجلة مجمع اللغة العربية (1/ 232 - 349)، ودكتورة نفوسة سعيد: "تاريخ الدعوة إلى العامية" (ص: 230 - 231)، ودكتور عبدالعزيز شرف: المدخل إلى وسائل الإعلام (ص: 390 - 394).

[4] عبدالعزيز شرف: اللغة الإعلامية (ص: 183).

[5] شرف: السابق (ص: 172).

[6] د. محمد سيد أحمد، الإعلام واللغة (ص: 19).

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/.../#ixzz3U1YVj6wk
.
Invision Power Board © 2001-2024 Invision Power Services, Inc.