الثورة الشامية ما لها وما عليها
بقلم: سالم عبد الله - الأردن


إن ثورة أهل الشام لمن ينظر إليها يجد لها نكهة تميزها عن مثيلاتها وأخواتها اللواتي سبقنها. فقد تحرك أهل الشام ضد طغاتهم وبغاتهم وظالميهم الذين عاثوا في الشام الفساد والإفساد وساموا أهلها سوء العذاب ونهبوا خيرات البلاد وثرواتها. فالأمر الطبيعي لمثلبة واحدة من مثالب هذا النظام ومفسدة واحدة من مفاسده هو أن يثور أهل الشام ويثور الرواد والأحرار الذين لا يقبلون الدنية في دينهم وعرضهم وأمتهم. لذا لا يقال لمتحرك أو ثائر على ضيم وظلم واستبداد لِمَ ثُرتَ أو لماذا تحركت، وهل يعني لم يحس أحد بالذي أحسست به، وماذا جنيت وحققت من حركتك التي تحركتها غير القتل والدمار والخراب والتشريد، فما كان خيرٌ مما هو كائن!! وهذا حال اللائمين. والحقيقة التي لا بد من إدراكها واليقين بها أنها حركة أمة حقيقية لا لبس فيها ولا شك، وقد فاجأت القاصي والداني، ومن اللحظات الأولى حاول الغرب وأذنابه وأدواته إنهاء هذه الحركة الجماهيرية فلم يفلح فلجأ إلى حرفها عن مسارها وطريقها وغايتها، وهو ما حصل لثورات أهلنا في ليبيا ومصر واليمن وتونس وبقية الثورات. غير أن ثورة الشام لها نكهة خاصة وميزات ليست في مثيلاتها: موقعها المميز الشام؛ وقرب كيان يهود منها، وطبيعة أهلها، وشعاراتها وتحولها وغاياتها. كما قلنا هي ثورة شعوب أحست بنار الظلم واكتوت بفساد الحكام فتحركت، ولذا يخطئ من يلومها أو يشنع عليها أو يؤنب أهلها ثم يجلس منظِّرا على العاملين فيها ويكيل السباب والشتم لها، ولو كان حريصا صادقا مستنيرا لكان الأولى به أن يتقدم الصفوف ويضع فكره ورأيه المستنير وجهده رهنها ورهن أهلها حتى لا تذهب التضحيات سدى ولا الدماء هدراً ولا يستغل الأعداء الوقت فيطيلوا على أهلها المعاناة ومن ثم تلحق بأخواتها اللواتي سبقنها فيصيبها ما أصابها وتضيع هذه الجهود والتضحيات الجسام بلا طائل.

إن المتابع لثورة الشام كما قلنا مثلها مثل غيرها ومطالبها كمطالب غيرها وتحمل شعارات وراية الاستعمار (الاستقلال) الأولى ثم قام النظام بشيطنة أهل الشام ودفعهم إلى السلاح دفعا وإلى النار زجّاً وقذفاً؛ فما كان من أهلها إلا أن حملوا سلاحهم وردوا على الباغي بغيه والصائل صولته فحطموا كبرياءه وعنفوانه وعنجهيته، وفاجأوه بتغير شعاراتهم ومطالبهم البسيطة الساذجة إلى مطالب عصية يكرهها الملوك ويقاتلها العرب والعجم والأحمر والأسود من الناس، إنها أسمى المطالب وأعظم الغايات وأجلّها، ولأنها مما قامت على أنقاضها الدول المجرمة والتحالفات الدولية والمؤامرات الخبيثة ألا وهي (الخلافة) والتي بايع الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها وضحوا بالغالي والنفيس من أجلها والتي استمرت 13 قرنا كانت هذه الأمة سيدة الدنيا وزينتها.

إن ثورة الشام ثورة كاشفة وفاضحة لكل متآمر وعميل وخائن ومتخاذل، وهي ثورة خيرة لسمو أهدافها وغاياتها، وهي ثورة مرعبة ومرهقة مرعبة للغرب وأذنابه، ومرهقة للخونة والمرجفين، فحصادها مُرّ وبقاؤها أدهى وأمرّ. خمس سنوات وهي تخض الأمة كما يخض السعن اللبن، ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾. فهذا الزبد يتسول ويلعق أحذية الغربيين وأذنابهم، وأما الذي ينفع الناس فهو على أرض الرباط يقارع بالقول والصول. اللهم بارك لنا بالشام وأهلها وثورتها وحقق للمخلصين فيها والواعين ما يصبون إليه إنك سميع مجيب.

المصدر: جريدة الراية

13 من شوال 1436
الموافق 2015/07/29م