بسم الله الرحمن الرحيم



2015-08-26


الأزمة في ليبيا: صراع دولي وتكالب على بلاد الإسلام



وافقت جامعة الدول العربية الثلاثاء 18 آب/أغسطس 2015 على طلب الحكومة المنبثقة عن البرلمان الليبي المنحل في طبرق على محاربة تنظيم الدولة، حيث دعت الجامعة إلى وضع استراتيجية عربية تضمن مساعدة ليبيا عسكريا في مواجهة "الإرهاب"، وطلبوا من "الدول العربية مجتمعة أو فرادى تقديم الدعم الكامل للحكومة الليبية". وطالب بيان الجامعة باحترام وحدة وسيادة ليبيا واستقلالها السياسي، ودعم الحوار السياسي الجاري بمدينة الصخيرات المغربية تحت رعاية الأمم المتحدة. وقد رحبت الحكومة المنبثقة عن برلمان طبرق المنحل بالقرار الصادر عن الجامعة العربية، معتبرة أن قرار الجامعة "يمثل استجابة لتطلعات الشعب الليبي" في حين اعتبر المؤتمر الوطني العام في طرابلس طلب حكومة برلمان طبرق "عدوانا" على السيادة الوطنية، مؤكدا تحمله مسؤولية إخراج تنظيم الدولة من مدينة سرت.

وقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأطراف الليبية إلى العمل معا لمحاربة التنظيم ووقف توسعه، محذرا من خطورة عدم توصل القادة الليبيين بصورة عاجلة إلى اتفاق يسمح بحل سياسي سلمي للنزاع. ومن جهة أخرى ندد مجلس الأمن الدولي، بـ«تصعيد أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان واستهداف المدنيين والمؤسسات المدنية وعرقلة عمل المؤسسات المالية في ليبيا». وعبر أعضاء المجلس عن دعمهم للمبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون، داعين «جميع الأطراف الليبية لمواجهة التحديات الأمنية والسياسية في البلاد عبر الحوار» وأعرب عن استعداد لجنة العقوبات لمعاقبة مهددي السلام والاستقرار ومسار الحوار السياسي في ليبيا.

وتأتي هذه الأحداث بعد الفشل الواضح الذي حققه مبعوث الأمم المتحدة "ليون" لحل الأزمة في ليبيا واعتماده على جولات عديدة للحوار بين الأطراف المتنازعة وأبرزها جولات الصخيرات التي من المتوقع أن تستأنف غدا الخميس 27 آب/أغسطس 2015، والتي لا ينتظر منها الكثير رغم ادعاءاتهم المتكررة بتقدم الحوار وقرب الوصول إلى اتفاق، ورغم اللقاء الذي أجراه ليون مع مجموعة من أعضاء مجلس النواب يوم السبت 2015/08/22 بمصر والذي أكد فيه عدم فتح المسودة أو التعديل عليها، بينما سيكون ذلك بعد التوافق من خلال الملاحق، والذي أكد فيه أنه لن يكون هناك أي عمل عسكري أو دعم للجيش إلا بعد الاتفاق على حكومة وفاق وطني وعودة المؤسسات للدولة.

أما اللاعبون الأساسيون في الأزمة الليبية وهم بريطانيا وأمريكا وأوروبا فما زالوا مختلفي الرؤى في المنطقة، ولم تلتق بعد مصالحهم حتى يصلوا إلى اتفاق يبرز فيما بعد في اتفاق بين الأطراف المتنازعة محليا. هذا وقد أصبح تدخلهم في الشأن أبرز من ذي قبل، فبالإضافة إلى مبادرة الأمم المتحدة ومبعوثها "ليون" للتدخل ومحاولة فرض حلول للأزمة، كان هناك لقاء بين وزير الخارجية محمد الدايري مع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في لندن الجمعة 2015/08/21 لإعطاء التوصيات فيما يتعلق بالشأن الليبي ثم توجه الدايري إلى فرنسا لمقابلة وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، للتشاور معه، خاصة بعد صدور قرار جامعة الدول العربية دعم ليبيا في مواجهة الإرهاب. ومن جهة أخرى ذكرت جريدة «واشنطن تايمز» الأمريكية إن «بعض التطورات الأخيرة تشير إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تمهد الطريق أمام القاهرة للتدخل في ليبيا واستهداف التنظيم» وقالت الجريدة إن محاولات الأمم المتحدة لدفع العملية السياسية والحوار بين حكومة طبرق، المعترف بها دوليًا، وبين ما يعرف باسم «حكومة الإنقاذ» في طرابلس، غير ناجحة حتى الآن. ومن جهة أخرى قالت مصادر إيطالية، الثلاثاء إن «المساهمة الإيطالية العسكرية في بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا في طور الصياغة». وأوضحت أنه «أي عسكري إيطالي لن يطأ الأرض الليبية دون عمليات استطلاع ورصد معلومات مسبقة من قبل الاستخبارات الإيطالية»، والتي «عمدت منذ بضعة أشهر، وبشكل خاص بعد سقوط سرت بأيدي مسلحي تنظيم الدولة، إلى تعزيز عمليات الرصد وتفعيل جميع المصادر التي تنشط ميدانيًا»، وفقًا لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء. وفي اجتماع مصر السبت 2015/08/22 قال أحد أعضاء مجلس النواب أنه «التقينا أيضًا بعدد من سفراء الدول الأوروبية، بينهم الولايات المتحدة وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا، الذين أكدوا على ضرورة الإسراع في الحل السياسي، محذرين من خطورة الانهيار الاقتصادي للدولة. نعم هذه حقيقة الأزمة في ليبيا: صراع دولي وتكالب على بلاد الإسلام.


بقلم: أسامة الماجري - تونس

المصدر: جريدة الراية



11 من ذي القعدة 1436
الموافق 2015/08/26م