كم يحاول الصحفيون المأجورون الذين يكيدون للإسلام وأهله وحملة دعوته تشويه الأفكار الصحيحة بمحاولة إلصاقهم بجماعات مشوهة فكريا وأعمالها مناقضة تماما لأعمال حملة الدعوة المخلصين الثابتين بإذن الله، وهذا الرد يأتي لتجلية إحدى هذه التشويهات



الأخ الكريم/ رئيس تحرير صحيفة السوداني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،


الموضوع: رد على كاتب مقالة "الإسلام هو الحل: كيف؟"
القضية ليست وصول الإسلاميين إلى السلطة، بل وصول الإسلام إلى السلطة





اطلعنا على مقالة للأستاذ/ بابكر فيصل بعنوان: "الإسلام هو الحل: كيف؟" بصحيفتكم السوداني، العدد (3511) بتاريخ الخميس 15/10/2015م، تعرض فيها الكاتب بالنقد على ما جاء في بيان حزب التحرير / ولاية السودان بعنوان: "إن لم يكن الحل في الإسلام فأين يكون؟"




وعملاً بحقنا في الرد أرجو شاكراً نشر الرد الآتي على مقالته:


أولاً: ذكر الكاتب في مقالته أن الذين ينادون بعودة الخلافة، لا يملكون رؤية مفصلة وواضحة لكيفية الوصول إليها، وهم كذلك لا يملكون تصوراً للوسيلة التي يتم بها اختيار الحاكم، أو تداول السلطة في ظل الخلافة، علاوة على جهلهم بكيفية تجاوز العقبات التي أفرزتها التغيرات الزمانية، ومنها حقيقة وجود الدولة الوطنية، ولكنهم يكتفون فقط بطرح الشعار، وإبراز صورة وردية غير تاريخية للخلافة.


إن هذا الكاتب ظل يردد هذه العبارات كلما تعرض لنقد بيان أصدره حزب التحرير، وقد رددنا عليه وبينا له أن حزب التحرير يملك تصوراً مفصلاً يحدد كيفية الوصول للخلافة، وكيف يكون الحكم والإدارة في ظل الخلافة، وطلبنا منه الحضور إلى مكاتب الحزب ليقف على ذلك، أو الدخول على صفحات الحزب المنتشرة في الإنترنت ليعرف ذلك، إلا أن الأمر الذي يحركه واضح من كتاباته، إذ إنه ينطلق من قاعدة فكرية تجعله يعادي أو يجهل، الخلافة والعاملين لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.


إن الطريق لإقامة الخلافة طريق شرعي، سار فيه الحبيب المصطفى ﷺ، هو إيجاد كتلة واعية على الإسلام، ووجود برنامج مفصل للحكم والإدارة، ورجال أكفاء عندهم المقدرة على الحكم وسياسة أمر الناس، وأهل قوة ومنعة يعطون البيعة، فتقوم الدولة، وهو ذات الطريق الذي ينتهجه حزب التحرير للوصول إلى الخلافة، وهو الآن على بعد خطوة واحدة من قيام الخلافة.


ثم إن الخلافة كما ظللنا نبينها، أنها ليست فقط النظام الأمثل، وإنما هي النظام الذي أمر الإسلام به، يقول رسول الله ﷺ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ تَكْثُرُ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ» رواه مسلم، أما الدولة الوطنية التي يرى الكاتب أنها حقبة زمنية، فهي صنيعة الاستعمار صاحب الديمقراطية التي يتغنى بها الكاتب، ولا يحرس هذه الحدود القطرية إلا هؤلاء الحكام الذين نصبهم الغرب الكافر، وجعلهم يجثمون على صدور الأمة، ويخدمون أسيادهم، لذلك يحرص الغرب على وجودهم في سدة الحكم رغم طغيانهم ودكتاتوريتهم وهو الذي يدعي الديمقراطية، ودونكم قول الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن: "الولايات المتحدة ظلت تدعم الدكتاتوريات في الشرق الأوسط لأكثر من ستين عاماً، وأن تلك السياسات لم تجلب لأمريكا الأمن، ولم تخدم مصالحها"، رغم أننا لا نحتاج لدليل على مساندة الغرب الديمقراطي لأنظمة الاستبداد في العالم الإسلامي فهي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، يراها كل ذي عينين، ويغفل عنها أعمى البصيرة.


أما أننا نبرز صورة وردية للخلافة غير تاريخية، فإن الخلافة دولة بشرية يحكمها بشر يصيبون ويخطئون، وهي - أي الخلافة - ببعض جوانب سوء التطبيق في بعض الأحايين لا يقدح في كونها أفضل نظام عرفته البشرية حتى اليوم. فوق كونها النظام الوحيد الذي فرضه المولى عز وجل على المسلمين.


أما التاريخ الذي يستند إليه الكاتب في وصفه للخلافة بأوصاف السوء، فهو تاريخ يعلم الجميع أن الذين كتبوه هم أعداء الأمة، وبالتالي لا يمكن أن يصدقوا، وحتى المؤرخين من المسلمين للأسف أخذوا من المؤرخين الغربيين تاريخ الإسلام، وفوق هذا وذاك فإن أي نظام عند دراسته، لا يؤخذ من تطبيق الرجال له، ولا من تاريخ تطبيقه، وإنما يؤخذ من مصادره، ومصادر دولة الإسلام الخلافة هي كتاب الله؛ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم عليم، ومن سنة رسوله ﷺ وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة وقياس شرعي.


وحزب التحرير عندما يتحدث عن الخلافة، ويدعو إلى استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة، لا يدعو إلى خلافة أموية أو عباسية أو عثمانية، وإنما يعمل ويدعو إلى الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ تلك التي قال عنها الكاتب إن المدافعين عن الخلافة لا يجدون شيئاً يستندون عليه سوى الخلافة الراشدة وفترة حكم عمر بن عبد العزيز. وهنا نسأل الكاتب سؤالاً وهو مسلم يؤمن بأن الله أمرنا بتطبيق شرعه في الأرض، ووصف من ينكر الحكم بالإسلام بالكفر، ومن يطبق غيره خوفاً أو افتتاناً بالواقع فهو ظالم فاسق، حيث يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، ويقول تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، وسؤالنا للكاتب ما دام تطبيق الإسلام وأحكامه فرضاً، وما دام يعترف بأن فترة الراشدين هي المثال، فلماذا لا ينادي بمثل تلك الفترة، ويكون من العاملين لتحكيم شرع الله، بدلاً عن الدعوة لتطبيق أنظمة الكفر الديمقراطية؟!


ثانياً: تساءل الكاتب لماذا لم يبايع حزب التحرير الخليفة البغدادي؟ ثم يؤكد الكاتب فيقول: (لا يستطيع حزب التحرير أو غيره من الجماعات التي تدعو لعودة الخلافة القول بأن دولة داعش ليست الخلافة الصحيحة...)، وهذا يدل على جهل الكاتب بحقيقة الخلافة. ونقول مهما كان رأيك في الخلافة؛ راشدة أو غير راشدة، فإن تنظيم الدولة لم يقم دولة لا خلافة ولا غيرها، فهو مجرد فصيل يقاتل ويقاتَل، وليس الأمر مجرد إعلان دولة ومبايعة خليفة، فلو كان الأمر بهذه البساطة الساذجة لأعلن حزب التحرير الخلافة قبل ستين عاماً، والكاتب يعلم هذه الحقيقة، وغيره يعلم، ولكنه التشويه والتشويش المتعمد من قبل الغرب وأعوانه وعملائه السياسيين والفكريين لفكرة الخلافة التي فيها عز الأمة ورضا رب العالمين.


أما ما ساقه الكاتب من عجز الذين رفعوا شعار الإسلام هو الحل، وحكموا هذه البلاد عن التصدي للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها، فنقول له لأنهم رفعوا شعارات ولم يطبقوا إسلاماً ولا أقاموا خلافة، وإنما هم يقيمون دولة على النسق الغربي، جمهورية على رأسها رئيس جمهورية وبرلمان يشرع من دون الله، وبالجملة فالقضية ليست وصول الإسلاميين للسلطة، وإنما القضية هي وصول الإسلام بأحكامه وأنظمته للسلطة.


ثالثاً: يعترف الكاتب في ختام مقالته بأن مشاكل العالم المعاصر باتت في غاية التعقيد، ولا يكفي لمواجهتها طرح شعارات عامة وفضفاضة، بل تحتاج لتطوير برامج مفصلة، وتراكم خبرات كبيرة، وإعداد قيادات لها إلمام تام بما يدور في العالم، وأن يتم كل ذلك في إطار نظام تعددي للحكم يراعي الحريات ويسمح بتداول السلطة سلمياً ويحترم القوانين ويوفر الاستقرار السياسي، ذلك هو النظام الديمقراطي الذي يقول حزب التحرير إنه نظام غربي كافر. ونحن بدورنا نسأل الكاتب من الذي أوجد هذه المشاكل التي وصفها بأنها غاية في التعقيد، أليست هي الديمقراطية؟ هل كانت هذه المشاكل الغاية في التعقيد لأن الناس حُكِموا بالإسلام في ظل دولة الخلافة؟! كيف الحل في الديمقراطية وهي الداء التي أفرزت هذه المشاكل التي هي غاية في التعقيد؟! ما لكم كيف تحكمون؟!


ختاماً نؤكد للكاتب أنه لا مخرج للعالم الإسلامي إلا بالإسلام، في ظل دولته دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، بل لا مخرج للعالم كله إلا بها، لأنها أحكام رب العالمين، القائل سبحانه وتعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.







إبراهيم عثمان (أبو خليل)
الناطق الرسمي لحزب التحرير
في ولاية السودان


04 من محرم 1437
الموافق: 2015/10/17م