قاهرة الروس نيني خاتون.

نيني خاتون بطلة إسلامية تركية (1857 – 22 مايو 1955م) عُرفت ببسالتها في قتال الجيش الروسي في ساحة المعركة بعد الاستيلاء على حصن العزيزية في مقاطعة أرضروم من القوات الروسية في بداية الحرب الروسية العثمانية التي وقعت في الفترة ما بين (1877–1878م).

بطلتنا هذه ليست من أبطال القصص والروايات الخيالية ولا من نسيج الأفلام الهوليودية.. إنها امرأة مسلمة من أرض الخلافة العثمانية. امرأة يعرفها الروس جيدا ويذكرونها إلى يومنا هذا، إنها (نيني خاتون).

كانت نيني خاتون تعيش في حي من أحياء أرضروم يُعرف باسم العزيزية، وكان هذا الحي يقع بالقرب من أحد الحصون الهامة التي كانت تدافع عن المدينة. وفي ليلة السابع من نوفمبر عام (1877م)، قام الجيش الروسي بالاستيلاء على حصن العزيزية. وكان لدى نيني خاتون شقيق يُدعى حسن توفي متأثرًا بجراحٍ شديدة للغاية في مساء هذا اليوم. وفي الصباح عندما وصل إليها خبر استيلاء الروس على حصن العزيزية، قبِّلت شقيقها المتوفى وأقسمت أن تنتقم لموته. وتركت نيني وراءها في المنزل ابنتها الصغيرة ذات الأشهر الثلاثة وابنها الشاب، واصطحبت معها بندقية شقيقها المتوفى، بالإضافة إلى فأس صغيرة. وانضمت إلى الأهالي الذين قرروا لقاء العدو انتقاما للدين وللشباب من الجيش العثماني الذين قاتلوا حتى قتلوا. ونظمت المجموعة هجمات مضادة على الحصن المحتل وكانت الهجمات المضادة عبارة عن هجمات قام بها الأهالي ومعظمهم من النساء وكبار السن المسلحين بالفؤوس ومعدات الزراعة، إلا أنها كانت في أعين الجيش الروسي أقوى من الأسلحة التي في حوزتهم. تجهز الجيش الروسي وهو يرتجف لأنه يرى الجبال تزحف نحوه. فهو لا يواجه الأسلحة العسكرية الثقيلة وإنما يواجه بشرا غير عاديين قلوبهم من حديد. وزحف الأهالي بسلاحهم البسيط ليواجهوا الترسانة الروسية وفي مقدمتهم نيني خاتون التي أخذت تركض وبيدها الفأس والبندقية فقط، حتى سبقت الأهالي في الهجوم. لأنها كانت ترى أن الله معهم ضد الكفر والباطل. وقُتل في ذلك الهجوم مئات من المدنيين العثمانيين بالرصاص الروسي، ولكن غلبت الإرادة في النهاية، واستطاعوا دخول الحصون بعد تكسير أبوابها الحديدية. وأسفر القتال الذي دار بالأيدي عن مقتل نحو 2000 جندي روسي وهرب بقية الجنود (انظر: معركة أرضروم ـ 1877م). وعندما عُثر على نيني خاتون كانت فاقدة الوعي ومصابة، وكانت يداها المخضبتان بالدماء لا تزال تقبضان بشدة على فأسها. وكانت نيني خاتون باعتراف الجميع هي الأكثر بطولية، وأصبحت رمزًا للشجاعة.

ـ آراء الشخصيات الأخرى المعاصرة:
كانت تقارير الجهات الخارجية التي تحدثت عن أحداث معركة حصن العزيزية سلبية للغاية إذ تحدثت عن عمليات التشويه الرهيبة التي حدثت مع الجنود الروس. فقد سجَّل (سي بي نورمان)، مراسل صحيفة ـ دايلي نيوزـ ، أن
Nearly every Russian found lying on the ground was decapitated or otherwise mangled; and the dreadful crimes appear to have been perpetrated by women from the city who, when it was seen that the Russians were defeated, issued forth with knives, hatchets, and other household weapons, to dispatch the wounded who lay gasping on the ground.[1]

ـ أواخر حياتها.
دفنت نيني خاتون في حصن العزيزية في أرضروم
عاشت نيني خاتون بقية حياتها في العزيزية. وفي السنوات التالية، فقدت زوجها وابنها يوسف الذي قُتل في الحرب العالمية الأولى وتحديدًا في معركة جاليبولي. وبعد حرب الاستقلال التركية، عاشت نيني خاتون حياة صعبة، اعتمدت فيها على المساعدات التي كانت تقدمها لها البلدية المحلية، حتى أنها أرسلت خطابًا في عام (1943م) إلى الرئيس التركي (عصمت إينونو) تطلب منه إعادة إرسال البدل المخصص لها والذي يعادل رغيفًا واحدًا في اليوم.
وقد قام الجنرال الأمريكي (ريدجواي) بزيارتها في عام (1952م)، وعندما سألها عما إذا كان من الممكن أن تشارك في حرب جديدة، أجابته بقولها "بالتأكيد سأفعل". في عام (1954م)، كانت نيني خاتون هي آخر من تبقى على قيد الحياة من المشاركين في الحرب الروسية العثمانية التي وقعت في الفترة ما بين (1877–1878م) وقام بزيارتها قائد الجيش التركي الثالث، الجنرال (براناسيل)، ومنذ ذلك الوقت وحتى وفاتها، عُرفت نيني خاتون باسم "أم الجيش الثالث". وحصلت على لقب "أم الأمهات" في عيد الأم في عام (1955م). وتوفيت نيني خاتون نتيجة الإصابة بمرض الالتهاب الرئوي في الثاني والعشرين من مايو عام (1955م) عن عمر يناهز الثامنة والتسعين، ودُفنت في مقبرة الشهداء بحصن العزيزية.
ـ نيني خاتون في الأفلام.
تم تصوير شخصية نيني خاتون في الفيلم التركي الذي تم إنتاجه في عام (1973م) تحت عنوان "غازي كادين" (نيني خاتون) بطولة توركان شوراي وقادر اينانير. وكان هناك فيلم ثانِ بعنوان "نيني خاتون" صدر في عام (2010م).