خبر وتعليق بقلم م. أسامة الثويني رؤية إسلامية ناضجة تكشف وتفضح طريقة الرأسمالية في العيش ونمطها في الحياة




الخبر:


استعرضت الحكومة الكويتية أمام اللجان المختصة في مجلس الأمة مرئياتها بشأن آليات تمويل عجز الموازنة. وأكد وزير المالية أنس الصالح أن الوضع المالي للدولة ممتاز ومتين، مشيراً إلى أن ميزانية الدولة للسنة الحالية والسنوات الخمس المقبلة ستشهد عجزاً ما لم ترتفع أسعار النفط ولم يتم التعامل مع الأمر بحصافة. ووضعت دراسة الحكومة تنويع مصادر الدخل عن طريق فرض الضرائب على أرباح الأعمال كما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي، ضمن الآليات المقترحة لسد عجز الموازنة. (صحيفة القبس الكويتية 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015)


التعليق:


لافتةٌ للنظر التصريحاتُ الحكومية في الآونة الأخيرة حول التوجه نحو فرض الضريبة، كما كان لافتاً للنظر قبيل أيام دعوة مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد لزيادة الإيرادات غير النفطية بفرض ضرائب على أرباح الشركات، وضريبة القيمة المضافة على المبيعات.


ولتناول الموضوع من زاوية مبدئية، نقول على عجالة، إن مفهوم الضريبة يعتبر جزءا مهماً من طريقة الرأسمالية في العيش ونمطها في الحياة في شقيها الاقتصادي والمالي. فهل ثمة شيء من هذا القبيل في شرعنا الحنيف؟ وتحديداً هل يجوز للدولة في الإسلام فرض ضرائب على الناس لإدارة شؤونهم؟ وما هي السياسة التي يجب على الدولة الإسلامية اتباعها عند استيفائها للضريبة؟


إن الشرع قد حدد واردات بيت المال وجعلها لإدارة شؤون الرعية ولم يشرع ضرائب لذلك. والرسول صلى الله عليه وآله وسلم حينما كان يدير شؤون الرعية بهذه الواردات (كالفيء والجزية والخراج وخمس الركاز والزكاة) لم يرو عنه مطلقاً أنه فرض ضريبة على الناس، بل إنه عليه الصلاة والسلام حين علم أن من على الحدود يأخذون العشور (الضرائب الجمركية) على البضائع التي تدخل البلاد نهى عن ذلك وقال: «لا يدخل الجنة صاحب مكس».


إلا أنه قد توجد شؤون تحتاج إلى الرعاية وتكون واردات الدولة غير كافية لتغطيتها، فهل يجوز في هذه الحالة فرض ضرائب أم لا؟


ولمعرفة الجواب على ذلك، وغير ذلك من تفصيلات، نحيل القارئ إلى كتاب الأموال في دولة الخلافة (من إصدارات حزب التحرير) http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/index....ntents/entry_71


وفي الإحالة يتبين لنا أن الضرائب الدائمة لا أصل لها في الإسلام وإنما تفرض ضرائب مؤقتة (حالة الطوارئ) وبشروط (لسد العجز في عدم كفاية المال للإنفاق على ما يكون واجباً على المسلمين ولا يحتمل التأجيل، وأن تؤخذ من الأغنياء فقط وليس من كل شرائح المجتمع، وأن تكون بقدر العجز والحاجة في بيت المال، ولا تزيد عن ذلك مطلقاً).


إن استعراض السياسة المالية للدولة في الإسلام يبين لنا ماهية الحياة الإسلامية التي يجب أن تكون، والتي تحوي من المفردات ما تعتبر شديدة الغرابة على واقعنا اليوم، من مثل بيت المال والفيء والجزية والخراج والركاز والمكس والجهاد...الخ. كما إن التصور الصحيح للحياة الإسلامية لا بد وأن تُستحضر معه جميع العناصر والمفردات الشرعية، وأن تكون في سياقه، فلا يمكن بحال تصور تطبيق الضرائب المؤقتة في حال أن الدولة ليست دولة رعاية كدولة الخلافة الراشدة بل دولة جباية كالدول القائمة في العالم الإسلامي اليوم، وفي حال أن الحكومات صارت تنافس الناس في تجارتهم!


كما ونؤكد أن الضريبة الدائمة على الدخل لا يمكن أن تكون عنصراً في الإصلاح الاقتصادي المنشود، بل وحتى سياسة الإسلام في الضريبة لن تُصلح - وحدها - ما أفسدته الرأسمالية، ولكن العلاج الناجع لمشاكل الاقتصاد الهيكلية يكمن في تغيير هذا الواقع المتردي وفقا لكتاب الله وسنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وذلك بإنفاذ جميع أحكام الإسلام المتعلقة بالحكم والاقتصاد والاجتماع والعقوبات وغيرها من الأحكام في ظل دولة الإسلام؛ خلافة على منهاج النبوة.






كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. أسامة الثويني - دائرة الإعلام/ الكويت


05 من صـفر 1437
الموافق 2015/11/17م