خبر وتعليق يسلط الضوء على الواقع المأساوي للتعليم العام في دول الخليج وتنامي"سوق التعليم" الأجنبي في المنطقة









الخبر:



تحت عنوان "السلطنة الثانية خليجيا في إنشاء المدارس الخاصة"، أوردت جريدة عُمان تقرير صناعة التعليم في دول مجلس التعاون الخليجي التي نشرتها ألبن كابيتال يفيد بأن: من المتوقع أن يفوق عدد المدارس المنتشرة في جميع أنحاء منطقة الخليج ال 50 ألف مدرسة بحلول عام 2020 حيث يسعى كل من أصحاب المصلحة العامة والخاصة إلى الاستفادة من "سوق التعليم" المتنامي في جميع أنحاء المنطقة. وفي حين يتوقع التقرير أن ينمو الطلب على المدارس الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل سنوي 2.6%، فإنه من المتوقع أن يزيد عدد المدارس الخاصة في منطقة الخليج بنسبة 5.4% لتتجاوز معدل نمو نظيراتها في القطاع العام.



التعليق:



إن المتدبر لواقع التعليم في سلطنة عُمان ودول الخليج بشكل عام يدرك الأزمة الكبيرة في المجال التربوي التي تعاني منها هذه الدول رغم ما تخصصه من نسب عالية في الميزانية لقطاع التعليم مقارنة بالدول الأخرى. حيث جاء في التقرير المذكور أعلاه أن السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان خصصت أكثر من 20% من ميزانيتها الإجمالية هذا العام لقطاع التعليم، وهي نسبة أعلى من تلك التي تخصصها معظم الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا. ورغم ذلك تُبيّن عمليات التقويم الدولية أنَّ مخرجات التعلُّم في عُمان أقل من مثيلاتها في العديد من الدول التي تُعد اقتصادياتها منافسة للاقتصاد العُماني. وتصف المؤشرات التعليم في عُمان بالمتأخر، كما ويعتبر الطالب العماني متأخرا عن أقرانه في الدول الأخرى بسنتين. والحال ليس أفضل من ذلك بكثير في بقية دول المنطقة حيث جاءت معظمها في المراتب المتأخرة في تصنيف منظمة الاقتصاد والتعاون والتنمية الدولية العام الماضي رغم المليارات التي تنفقها تلك الحكومات في قطاع التعليم.



وفي المقابل تسعى حكومات هذه الدول إلى فتح الأبواب على مصاريعها لإنشاء المدارس الخاصة والدولية التي تقدم التعليم وفق مناهج ومعايير دولية تحت مبرر تخفيف العبء عن التعليم الحكومي. فقد كشف تقرير نشر في 2014 أن المدارس الدولية في منطقة الخليج سجلت ثاني أسرع معدل نمو في العالم، إذ تضم المنطقة 982 مدرسة دولية يرتادها مليون طالب يسددون رسوماً تبلغ 6 مليارات دولار. وبالطبع فإن رداءة التعليم الحكومي وفشلها في تقديم التعليم الذي يحقق رغبات أولياء الأمور ويتناسب مع الاحتياجات المستقبلية لأبنائهم هي التي تدفع أولياء الأمور إلى بذل مبالغ باهظة نظير تعليم أبنائهم، ونتج عنها تنامي "سوق التعليم" بمعدل قياسي وتحويل التعليم في المنطقة إلى مشاريع تجارية رابحة يتسابق إليها أصحاب رؤوس الأموال لجني الأموال من جيوب الرعايا.



إن هذا الواقع المأساوي للتعليم العام في بلادنا سببه فقدان الرعاية الحقيقية التي توظف أموال الأمة بوعي وإخلاص نحو الجوانب التي تخدم العملية التعليمية، وهي نتيجة مباشرة لاتباع سياسة تعليمية فاشلة قائمة على إملاءات الغرب.



وفي الواقع فإن هذه الدول، بدعم ومساندة من دول الغرب الكافر ومنظماتها الدولية، تتعمد تجهيل أبنائها في المدارس الحكومية من خلال مناهج تقتل الإبداع وتحرم الطالب من التجربة العملية والتفكير النقدي وإعمال العقل، ومن خلال عمليات تقويم تركّز على الحفظ المجرد للمعلومات دون ربطها بالواقع أو تحليلها أو فهمها. في حين إنها حصرت التعليم الجيد والإبداع في "التعليم الأجنبي" أو المدارس الدولية التي تعتمد على مناهج تقطع الصلة بين المسلمين وعقيدتهم وثقافتهم الإسلامية، وتغرس فيهم مفاهيم العلمانية الليبرالية والديمقراطية وغيرها من المفاهيم التي تفرض سيادة الأيديولوجية الغربية. متعمدة من خلال هذه المدارس خلق جيل من أبناء المسلمين يحمل قيم الغرب وفكره وثقافته ويبغض القيم الإسلامية وثقافتها، وكذلك من خلال مشاريع المنظمات الدولية كمنظمة اليونسكو التي تستهدف المدارس الحكومية والتي تصول وتجول فيها دون حسيب ناشرة شعارات المبدأ الرأسمالي بين الطلاب والمعلمين تحت غطاء تحسين نوعية التعليم.



وحدها دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة هي التي ستحمل مسؤولية تعليم أبناء وبنات الأمة على نحو يرضي الله سبحانه وتعالى من خلال وضع سياسة للتعليم منسجمة مع ثقافة الأمة تقوم على أساس العقيدة الإسلامية، وغايتها إيجاد الشخصيات الإسلامية في النشء وتزويد الناس بالعلوم والمعارف المتعلقة بشؤون الحياة. سياسة تحفظ هوية الأمة وثقافتها دون أن تمنع المدارس الخاصة ما دامت مقيدة بمنهاج الدولة، قائمة على أساس خطة التعليم، متحققاً فيها سياسة التعليم وغايته وملتزمة بأحكام الإسلام.







كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير



فاطمة بنت محمد