جريدة الراية وعاء يفيض بالخير العميم



بكل جرأة وتحدٍ وعلى النهج نفسه الذي انتهجه حزب التحرير في الأعداد الأربعة عشر التي أصدرها في بداية دعوته عام 1954م قبل أن يعطل صدورها النظام الأردني الحاقد الظالم، ها هو يصدر العدد 100 من جريدة الراية الأسبوعية - راية الإسلام والمسلمين، راية العز والكرامة، راية لا إله إلا الله محمد رسول الله - الراية التي ما انفك الحزب يعمل على رفعها عالية خفاقة عندما يبزغ فجر دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، قريبا إن شاء الله.
مع طول أمد الانقطاع عن صدورها رأى أمير الحزب العالم الجليل الشيخ عطاء بن خليل أبو الرشتة حفظه الله وجعل النصر على يديه، رأى أن أفكار الدعوة انتشرت في العالم كله وأن الخلافة صارت رأيا عاما صارخا وصار لها أعداد هائلة من المطالبين بها، وأن الوقت مناسب لإعادة إصدارها.
ففي ظل الثورات السياسية والعسكرية على الأرض هناك ثورات إعلامية متنوعة وهائلة تجعل الحليم المتابع لها حيران في أيها الحق وأيها الزائغ عنه نحو الباطل، فكان لا بد من وجود إعلام رائد صادق لا يكذب أهله، يصدره حزب يحمل صفته (رائد لا يكذب أهله)، مرجعيته والزاوية التي ينظر من خلالها هي المرجعية الإسلامية بعقيدتها وأحكامها الشرعية، يعمل لنصرة الدين وإعلاء كلمة الله.
عادت جريدة الراية بفضل الله ثم بعزم الرجال المخلصين، رجال لا يكلون ولا يملون وهم ينقبون عن الحقائق، عادت لتكون منبرا إعلاميا متميزا لجمهور الناطقين باللغة العربية (على أمل أن يتمكن الحزب لاحقا من إصدارها بلغات أخرى)، عادت واستمرت بفكرها الرزين ومواضيعها الساخنة تكشف حقائق الأحداث وما لحقها من دجل وتشويه، فكانت بحق منارة تنير الدرب وتمهد الطريق أمام العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية إلى أن يكرم الله الأمة الإسلامية وتزف إليهم الجريدة من على صفحاتها بشرى إعلان الخلافة على منهاج النبوة وما ذلك على الله بعزيز.
جريدة الراية جريدة سياسية تهتم بشؤون الأمة الإسلامية وما ينهضها ويعيدها إلى مجدها وعزها الذي فقدته بعد سقوط دولتها، وهي وإن كانت سياسية إلا أنها لا تنقل الخبر من باب العمل الصحفي، ورغم أن صفحاتها الأربع تعتبر قليلة قياسا مع صفحات الصحف الأخرى والتي تتجاوز أحيانا العشرين صفحة إلا أنها تحتوي على زخم هائل من المعلومات والحقائق والمواضيع المهمة، فهي تخلو مما لا فائدة منه للمسلمين ولا طائل.
وتحتوي الجريدة في طيات صفحاتها على أطروحات جريئة صادقة تخص قضايا الأمة الإسلامية وتحليلات سياسية عميقة ومستنيرة تتناولها بصدق وأمانة، وهذا ما تفتقده غالبية وسائل الإعلام المنحازة وغير الموضوعية، حيث يغلب عليها الكيد والتملق وفبركة المعلومة للتلاعب في عقول المتلقّين ومفاهيمهم ومعتقداتهم، تبث سمومها ليل نهار تحقيقا لأهداف وغايات مرسومة لها من قبل الممولين والدول التابعة لها، فلا إعلام نزيهاً بل جلهم يأخذون أخبارهم من وكالات الأنباء العالمية الغربية التي تحتكر معظم الإعلام السياسي، أو مما تسمح به سلطاتهم المحلية.
وما "الراية" إلا وسيلة ضمن جملة من المنابر الإعلامية لحزبالتحرير (مكاتبه ومواقعه الإعلامية والإذاعة والبث المتلفز ومجلة الوعي) لا ترتبط بدولة ولا بجهة، تتصف بالمصداقية والموضوعية في نقل الخبر، سلاحها كلمة الحق، تلقي الضوء على آخر المستجدات في قضايا المسلمين.
وباستعراض ما ورد على صفحات أعدادها المئة نرى أنها:
اعتنت بالشأن السياسي العام وأيضا بالمواضيع الفكرية حيث تناولت الصراع الأمريكي والأوروبي في المشهد المصري والسوري والليبي واليمني والتونسي... واستخدام أمريكا لروسيا وما يسمى بالتحالف العربي ضد مناطق ثورات الربيع العربي، كما تناولت (الاتفاق النووي مع إيران).
ويكاد لا يخلو عدد منها من ذكر ما وصلت إليه الثورة في الشام والأعمال السياسية والعسكرية التي تقوم بها الدول الغربية الماكرة لتكيد لأهل الشام الذين أجمعوا تقريبا على أن يستمروا فيها ثابتين حتى تحقيق هدفهم بإزالة النظام السوري وإحلال نظام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة محله ليكون منطلقا نحو تحقيق وعد الرسول e: «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا».
كما أنها لم تنس أن توجه النصائح للفصائل في سوريا، التي انحرفت عن بوصلة الثورة واستجابت لنداءات الحكومات التي تمدها بالمال السياسي القذر، فكانت سببا في عرقلة عمل المخلصين من فصائل وحملة دعوة وقاعدة شعبية واعية.
وما يحدث لحملة الدعوة في أوزبيكستان وطاجيكستان وبنغلاديش وغيرها من بلاد المسلمين من مضايقات واعتقالات وتعذيب يفضي في كثير من الأحيان إلى الموت.
ما يتعلق بالأحداث السياسية العالمية مثل الأزمة الاقتصادية الدولية وأن حلها لا يكون إلا بالنظام الاقتصادي الإسلامي فقط.
فعاليات الحزب المحلية والعالمية مثل مؤتمر الخلافة في إسطنبول وأنقرة والمؤتمرات التي يعقدها القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي.
الرد على بعض الكتّاب الذين يشوهون الأحكام الإسلامية سواء فيما يتعلق بالخلافة أو في غيرها من الشؤون، فبينت مقومات دولة الخلافة وأنها لا تنطبق على تنظيم الدولة وادعائه إعلان الخلافة، وغيرها الكثير والمتنوع مما يسلط الضوء على المفاهيم الإسلامية والعمل لوضعها موضع التطبيق.
والغرب الكافر الذي يمكر بهذه الدعوة الطاهرة في محاولة منه لعرقلة عودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة قام من خلال بعض أجهزة مخابراته بحملته المسعورة لإسكات صوت الحق والصدق ولكن هيهات هيهات، ‏فأنى له أن يطفئ نور الله، وأنى له أن يكتم صوت الحق؟! فالله متم نوره ومظهر دينه على الدين كله ولو كره الكافرون والمشركون والحاقدون...
نسأل الله تعالى أن تكون هذه الجريدة قد غيرت مسار تفكير الأمة نحو الإسلام السياسي الصحيح وكسبت قلوب أبنائها وأعادت صياغة عقولهم وحددت سلوكياتهم. وأعان الله القائمين عليها في صدق توجههم وإخلاصهم في العمل حتى يبقوا مفاتيح خير مغاليق شر، عسى أن تهب الرياح المبشرة بمواسم الخير فتبشرنا بقيام دولة الخلافة على منهاج النبوة.


كتبه: راضية عبد الله