المساعدة - البحث - الأعضاء - التقويم
لعبة المفردات أم مفردات اللعبة ؟
منتدى الناقد الإعلامي > الإنتاج الإعلامي > الدراسات الإعلامية
أم سلمة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،

هذه الدراسة مقدمة من الجمعية الدولية للعلاقات العامة و التي مقرها في لندن .. توجد تعريفات كثيرة هنا تخالف واقع و دور عمل الإعلامي عند نقل الخبر أو الحدث .. فكيف يكون الإعلامي بدون رأي و بدون موقف ؟

هل هذا طبيعي ؟

لكن على أي أساس كتب هذا الشرح ، أليس هناك أهداف تحدد هذه الأطر و هذه المفرات و هذه اللعبة ، فلا ننسى أن الموقع بريطاني و الإعلام يعني التلاعب بالعقول لتحقيق أهداف و مصالح ! أترككم للمتابعة و المشاركة بارك الله فيكم .

لعبة المفردات أم مفردات اللعبة : الكلمات المفتاحية لصياغة الأخبار ودورها في تأطير المعنى 1 من 2

رغم أن الخبر مجرد سرد للوقائع لا يحق للمحرر إبراز أي رأي مباشر فيتفاصيله وأحداثه، كي لا يخرج هذا النوع الإعلامي من ردائه، فيتحول إلى نوعآخر هجين، إلا أن الخبر يبقى ابن بيئته، مما يجعل أسلحة الصياغة الخبريةهنا تنحو نحو أدوات أخرى للتعبير عن سياسة الوسيلة، وخلفية كاتبه، وثقافةالمؤسسة الاجتماعية التي تعكسه، وتقف ورائه، ومن هذه الأسلحة، ترتيبالوقائع، واختيار نوع الاقتباسات، وحجمها، والأهم المفردات والكلماتالمفتاحية التي يخرج بها الحدث إلى نور المشاهد، وتضع كثيراً من الخطوطالتي تؤطر معاني الخبر، وتوجه مضامينه.
وطالما أن للغة الإخبارية المختارة قوة مستقلة تحدد إطار عمل وتفكيرالمرسل، فإن شبكة الألفاظ وطريقة التقديم التي يحتوي عليها أي نص إعلاميتعكس رؤية القضية، كما تعكس الإطار الفكري الذي تلتزم به سياسة الوسيلةالإعلامية للتعبير عن هذه القضية، ولهذا تنطلق النظريات الحديثة الخاصةبالتلقي وتمثيل المعلومات لدى الجمهور من منظور التأثير المعرفي إلى اختبارآلية إدراك الأخبار استناداً لأهداف المحرر، أو نوايا المرسل، بمعنى مدىالتواؤم بين المعنى المدرك والمسترجع من قبل جمهور المشاهدين، وإطار المعنىالذي تم صياغة الخبر من خلاله، حيث أن هدف الجمهور من التعرض للأخباراستخلاص الأفكار المقدمة واختزالها ضمن أطر المعنى العام.
وبالتالي فإن القدرة البشرية على اكتشاف المعاني المقصودة للنص تتم وفقالأطر المعرفية التي تستثيرها كلمات هذا النص وفقراته، وهذه المعاني هيالتي تعطيه الاستمرارية في الفهم، وإلا غدا النص مبهماً، وناقص المعنى،وهذا ما يتعارض مع طبيعة الخبر كنص جماهيري متداول المعاني، خاصة أن نتيجةالتعرض المكثف لفيضان المعلومات أظهر ما يسمى بالاقتصاديات المعرفية أثناءالتعرض لهذه المعلومات، والتي تتمثل في استخدام المتلقي مخططات وأطر ذهنيةمعينة لاسترجاعها.

أطر الأخبار وصراع المعاني:
إذا كانت الأطر هي التي تمنح الأخبار معناها، فقد لاقى مدخل الاتصال كعمليةخاصة بتوليد المعاني الذي قدمه “رونالد بارسيس، Ronald Barthes”، انتقاداتعدة من خلال الصراع بين المعنى الذي يقدم به إطار الخبر، والمعنى الذي يتممن خلاله إدراك المعنى من خلال إطار المتلقي، ولهذا اقترح “دينس ماكويل، Deins Mequail” إلى أن محتوى الاتصال يفسر من خلال تلقيه أكثر من تفسيره منخلال إنتاجه، فالمعاني ليست في الكلمات بقدر ما هي لدى الجمهور المتلقي.
وانطلاقاً من تعريف الإطار الإخباري بأنه الطريقة التي يركب فيها المخبرونالقصة لجعلها أكثر كمالاً ويسراً وسهولة منال، عبر إتباعه أسلوباً محدداًلبناء القصة الخبرية يرسم معالمها بالاعتماد على انتقاء مظاهر وإهمال أخرىلجعلها أكثر بروزاً في سياق الاتصال، وأكثر كمالاً ويسراً وسهولة لمنالجمهورها، يشير “مورت روزنبلوم، Mort Rosenblum” في كتابه الشهير: “من سرقالأخبار”، إلى أن ثمة جهود غير عادية تبذل لقولبة الأخبار وتحجيمهاوتأطيرها وتعليبها، ثم تصديرها بالفكر الذي تمثله تحت عناوين براقة، طالماأن الوقائع لا تنطوي بحد ذاتها على مغزى أو معنى وإنما تكتسب ذلك من خلالوضعها في إطار يحددها وينظمها ويضفي عليها قدراً من الاتساق، وهذا الشكل ماتفعله محطة “CNN” من تغطية موجزة أشبه بالعينات جعلت الأبعاد الخفيةللأحداث تتلاشى في زوايا العتمة، ولعل هذا ما يدفع كل مؤسسة إعلامية مثلوكالة “أسيوشيتدبرس، ووكالة “رويترز”، وصحيفة “الواشنطن بوست”، وغيرها إلىنشر دليل أسلوبي يتدرب صحفيوها عليه لإتقان صنعة الأخبار وفق تعاليم لغويةوطرائق معتمدة للتعامل مع الأخبار من منظور سياساتها العامة، وهذه التوجهاتتجعلنا نصف إطار الخبر بأنه زاوية القصة التي تشبه بوتد الخيمة الرئيسي،يمارس المحرر من خلالها سلطته.

من جهة أخرى قدم علماء الاجتماع تعريفهم لمفهوم الإطار الذي يكسبالصياغة معناها من خلال تركيزهم على مبدأين، هما: كيفية تقديم الأخبار،والكيفية التي تفهم بها هذه الأخبار، فعلى سبيل المثال تصبح الأخبارالمصاغة بشكل “ممسرح” قريبة من إطار الاهتمام الإنساني، مما يوفر لها فرصاًأكبر للإدراك الشخصي، خاصة أن الوقائع لا تنطوي بحد ذاتها على مغزى أومعنى، وإنما تكتسب مغزاها لدى جمهورها من خلال وضعها في إطار يحددهاوينظمها ويضفي عليها قدراً من الاتساق، وهذه الزيادة في بروز جوانب علىحساب أخرى هو الذي يعزز احتمالية تميز المعلومات، فالإطار الإعلامي هو تلكالفكرة المحورية التي تنتظم حولها الأحداث الخاصة بقضية معينة، وتنسجمالعلاقات بينها، مما يجعل الخبر يبدو صحيحاً ولكنه في الحقيقة الأمر ليسكاملاً، ذلك أن الأطر هي انعكاس ليس للواقع الوارد في الرسالة، وإنماللواقع المفترض في البيئة التي يتم التلقي فيها، ولعل هذا ما دفع “توشمان، Tuchman” إلى الاعتقاد أن الإطار هو النافذة التي يطل من خلالها المحررونعلى الواقع الاجتماعي، مما يجعله ينطوي على رؤية خاصة للحدث الإخباري، وهونفسه ما خلص إليه “جامسون وطلابه، Gamson” من أن القصص الخبرية باحتوائهاعلى أطر الصراع ليست مجرد محددات تؤثر في بناء القصة الخبرية الكاملة،لكنها عناصر تظهر داخل هذه القصص، فهي جزء لا يتجزأ من الخبر.
إن صياغة الخبر وفق إطار محدد لا تؤدي مجرد دور ثانوي فحسب في عمليةالاتصال، بل تشكل هذه الصياغة مجموعة قرارات استراتيجية يتخذها المحرر،تخرج بالصياغة من معناها الضيق كعملية ميكانيكية بسيطة تقوم على استدعاءالوحدات اللغوية من مخزن وعي المحرر لملء أبنية النص الخبري، ليصبح حالةخاصة من التصرف الخلاق، وعملية اختيار دقيق بهدف تقديم الخبر بالإطارالمتصور ضمن الصيغة اللغوية المختارة، والتي تجعل التحقيق الناجح للمقصد هوالهدف الأساسي للمرسل، مع مراعاة أن محرر النص لا يكون في حرية كاملة عندصياغة نصه، ولا يكفي على ما يبدو مراعاة القيود الدلالية-القواعدية، حيثيقوده معيار نموذجي للصياغة، يتبلور عند تحديده لإطار بناء النص.
إن جنوح المحررين نحو اختيار مفردات خاصة وتشخيص أحداثهم، والتركيز علىالدراما، والتشويق، والصراع، خاصة في أخبار السياسة العامة التي يتم فيهاإبراز ما تكسبه الشخصيات السياسية وما تخسره يمكن اعتباره حسب “لاورنس، Lawrence” عملية لعب في الإطار، كما يمكن إطلاق على هذا النوع من الأطرالمستخدمة في هكذا أسلوب تحريري يزداد انتشاره بين المهنيين مع مرور الوقتلقب “إطار اللعبة”، وهذا يتوافق مع التعريف النظري للأطر على أنها بناءاتاتصالية يقيمها المحرر لتحديد الأدوار المتصارع عليها في الخبر، مما يجعلالإطار بصمة القوى للمتنافسين من أجل السيطرة على الأخبار.

لعبة المفردات:
تتجلى أهمية الأطر وتأثير أساليب الصياغة عند تعريف الإطار إجرائياً، فإطارقضية ما يتحدد إجرائياً من خلال الكلمات الرئيسية، والمصطلحات والجملوالعبارات والصور فضلاً عن توظيف المصادر الإخبارية التي تبرز بدورها حقائقمعينة، وتوجه أو تقود المتلقي إلى اسـتخلاصات وأحكام بعينها حول القضيةذاتها، وهذه هي أدوات الصياغة التي حددها “ماكلويد (2002) على أنها تشكلالأطر الخبرية ولا تخرج عن: الكلمات الرئيسية والاستعارات والوصف المجازيوالرموز والصور المرئية التي يتم تدعيمها كتأكيد على سرد الأخبار، فمن خلالتقديم وتكرار بعض الصياغات اللفظية والصور المرئية يمكن عبر الوقت من خلالثباتها ترسيخ بعض الأفكار دون سواها، والتي تقدم تفسيراً واحداً رئيسياًأكثر حضوراً وتميزاً، وأكثر قابلية للفهم والإدراك من التفسيرات الأخرى،رغم ظهور معه بعض التفسيرات المتناقضة الثانوية الأقل بروزاً وثباتاً، معمراعاة أن الكلمات والمفردات وأدوات الصياغة السابقة لا تعرض في النصالخبري بشكل فردي، لكن في محمولات أو حزم لبناءات داخلية محددة، وكل حزمةتفسيرية مقدمة تحتوي على مجموعة الصور الذهنية، والعبارات الجذابة،والاستعارات الملائمة، مما يساعد على دغم الجمهور في إطار الخبر، بالمقابلوجد “بان وكوسيكي،Pan & Kosicki” أن المحررين يناقشون قضايا أخبارهم منخلال أطر تعكس في الغالب ثقافة سردية واسعة تمد الجمهور بالأدوات الأساسيةالمستخدمة للتعامل والتفكير ومناقشة الأحداث السياسية، وهذا ما دعاهالباحثان بتأثير الإطار، وانطلاقاً من ذلك اقترحا نموذجاً لتحليل الأطريركز على: خصائص النص الخبري، والاستراتيجيات التي يتبعها المحرر في بناءحدثه الإخباري، ومن ثم تمثيل الجمهور لمعلومات هذه القصة، وعليه تم التركيزعلى البناء التركيبي للقصة الخبرية وفق تسلسل فقراتها، والاستراتيجية التييتبعها محررها، وكيفية توظيف مصادر استشهاداتها، إضافة إلى بناء عناقيدالفكرة المحورية، وما يمكن أن يثيره ذلك من استخلاصات ضمنية، ومن هنا أشارالنموذج إلى أن أطر وسائل الإعلام تشتمل على أربعة أنظمة هي:
1) تركيب واستعمال الكلمات داخل الجملة، والجمل داخل الفقرات، وهو ما يدعى بالبناء اللغوي.
2) النص المكتوب، بحيث يشير إلى كفاءة الأخبار بالنسبة للحدث، ونقلهللجمهور بما يتجاوز خبراته الحسية المحدودة، وهو مايدعى ببناء النص.
3) النظام المتعلق بعرض الأفكار الرئيسية، وفرض فكرة محددة في القصةالإخبارية، سواء عن طريق عبارات محددة أو ربط واضح بالمصدر المباشر، وهو مايدعى بالبناء الفكري.
4) بيان وبلاغة النص،¬ وهو ما يدعى بالبناء الخطابي الذي يرجع إلى الأسلوب المقصود الذي يختره المحرر لتحقيق الأثر المقصود.¬
من جهته أكد “Hartley” على أن انتقاء كلمات بعينها في صياغة النص الإخباريواستبعاد كلمات أخرى يمثل أدوات رئيسية لخلق المعنى المتضمن للنص، وهذاالانتقاء كل من: تحديد هيئة الجملة الواردة في النص الخبري واختيارالمكونات والمفردات التي تتركب منها الجملة، إضافة إلى الانتقاء المعجميللمفردات والكلمات المفتاحية؛ إذ أن اختيار كلمات بعينها من بين الكلماتالمتاحة التي يمكن استخدامها في صياغة الجملة يمثل اللبنات المستخدمة فيبناء المعنى، فهو يحمل في طياته دلالات مختلفة للنص الخبري، ولهذا يعتقد “ولسفيلد، Wolfsfeld” أن أكثر العوامل تأثير وتحكماً في أداء متغير الإطارهي: أساليب الممارسة التحريرية للوسيلة الإعلامية، إضافة لاستقلاليتهاالسياسية، ونوع مصادر أخبارها، والمعتقدات الفكرية والثقافية للمحررينوالقائمين بالاتصال فيها، وطبيعة الأحداث نفسها.

مفردات اللعبة :
يطلق على المعاني المشتركة التي يقدمها المحررون عبر بعض الكلمات والجملذات التعقيد اللغوي الإطار الدلالي “Frame Reference”، فمفردات اللغة تؤسسالمعنى الفعلي للأخبار من خلال تركيزها على حدوث أفعال محددة كدافع لشرعيةالأحداث، وكمؤثر في عملية الاتفاق حولها.
وبالتالي تعد الكلمات الأدوات الخام التي نتلمس بها الطريق أثناء التواصلمع الآخرين، فالكلمة أصغر وحدة ذات معنى في الكلام المتصل، أو كما يصفها “بلومفيلد” أصغر صيغة حرة، أو أصغر وحدة كلامية قادرة على القيام بدور نطقتام، كما يرى “ل.ر. بالمار”، أضف إلى ذلك أن الكلمات هي أسماء الأشياءوالأشخاص والأمكنة، ولهذا تتمتع بذاتية ومكانة مستقلة في المعجم، كما يخضعاستخدامها لعدد لا يحصى من القيود والعادات، كونها لفظ ومدلول ومعنى( )،فاللفظ جسد روحه المعنى( )، وبالتالي ليس غريباً أن يبدأ العهد القديمبالقول: “في البدء كان الكلمة”.
وطالما كانت دقة الكلمة هي الحاسم لأي وسيلة إعلامية، فإن لغة الأخبار تفرضاختيار أفعال دقيقة، تتضمن الحركة لضمان سير الحدث وتطوره( )، ومن المعروفأن كلمات الخبر سواء أفعاله أو مفرداته يجب أن تكون نشيطة ومؤثرة، وتصقللدرجة التوهج والإشراق في القصة المصاغة، وهذا ما أسماه “كلارك، Clark” الكلمات الرابحة” أي الأفعال والمفردات القوية التي تبقى( )، والتي لابد أنتكون معبرة وكذلك شائعة لأنها تجعل الاستماع أسهل، مما جعل “رودولف فليس” ينصح في دليل الكتابة في “الأسيوشيتدبرس” عدم استخدام المفردات التي لاتستخدم في الأحاديث اليومية، لأن الوكالة ليست مهتمة بزيادة الحصيلةاللغوية للجمهور( ).
وعلى الرغم من أن الاهتمام باللغة اللفظية للأخبار يهدف أولاً إلى تماسكبناء الخبر على اعتبار أنها تدعم الصور الملزمة للعقل، إلا أن ذلك الهدف تمتجاوزه إلى التأثير على المعنى الضمني والاستدلالي الذي لم يكن ظاهراً علىالسطح، حيث بدأت المحطات باستخدام قواميس لفظية خاصة بها لتقدم الخبر ضمنوجهة نظر أطر تفسيرية غير ظاهرة بانحيازها العلني( )، فعلى سبيل المثالانتشر في أخبار المحطات العربية مصطلحات لفظية (كالجدار الأمني بدل جدارالفصل العنصري، وحائط المبكى بدل من حائط البراق وجبل الهيكل بدل الحرمالمقدسي، والمستوطنات بدل المستعمرات، والإرهابيين بدل المقاومين، وأعمالالمقاومة بدل أعمال العنف، والجرائم الإسرائيلية بدل العنف المضاد،والعناصر الإسلامية بدل الجماعات المتطرفة والأصوليين، حتى أن كثير منالأخبار العربية وصفت رابين بشهيد السلام) ولعل كل ذلك دفع رئيس أخبارالإذاعة المصرية المرئية لإصدار قائمة بهذه المصطلحات لمنع تداولها فيأخبار الانتفاضة(*)، فسيادة هذه المصطلحات ستؤدي إلى استدلالات ضمنيةللأخبار، ومعاني مخالفة للمعاني الأصلية للكلمات، ضمن أطر مخالفة للمصالحقد يقود لتهويد الذاكرة على المدى التراكمي، فعدم معرفة مدلول الكلمة يؤديإلى تغيير معناها لأسباب لغوية وتاريخية واجتماعية، وربما ترسيخ معنى جديدمغاير لما كانت تستخدم عليه من قبل، وهذا يتوافق مع نظريات المعنى التيتفسر دور وسائل الإعلام الجماهيرية في مفردات اللغة ومعانيها، إذ تقوموسائل الإعلام أما بإنشاء معان جديدة لكمات قديمة لدى الجمهور، أو خلقكلمات جديدة بمعان مغايرة، تستبدل فيها معان قديمة بأخرى مختلفة، أو تدعيمكلمات سابقة بمعانيها الحالية، مما يجعل “ديلفير وبلاكس، Defleur & Plax” يصفان تعرض الجمهور لوسائل الإعلام بالدرس اليومي للغة ومفرداتها( )،وهذا يتفق مع ما يراه “أستيفن أولمان” في أن الكلمات تؤثر في الأفكاروتساعد على إدراك المعنى بشكل عميق وربما مخالف لحالته العادية”( )، ولهذاينصح “ستين” محرري الأخبار باستخدام الكلمات المناسبة التي تصيب الهدف فقط،بدلاً من استعمال الكلمات العامة التي تصيب أشياء أخرى مع الهدف، وهذايقضي إلى استخدام الكلمات في المكان الذي يناسب الغرض منها( )
أم سلمة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،

لعبة المفردات أم مفردات اللعبة- 2 من 2

لعبة المفردات أم مفردات اللعبة : الكلمات المفتاحية لصياغة الأخبار ودورها في تأطير المعنى

2 من 2



من تاريخ صراع المفردة ونماذجها:
من الأمثلة البارزة على تأثير المفردات اللغوية التي يختارها المحررون، ماحدث في فجر يوم الاثنين 22 مارس 2004 لحظة اغتيال مؤسس حماس الشيخ الشهيدأحمد ياسين وتسعة من مرافقيه على أيادي ثلاثة صواريخ انطلقت من طائراتأباتشي للاحتلال الإسرائيلي الآثم، وقد وفقت قناة العربية تقنياً وزمنياًعندما أذاعت الخبر قبل الجزيرة بسبع دقائق كاملة، -وعليه نال مراسل العربيةفي غزة “وائل دحدوح”، الذي انفرد بالخبر مكافأة ضخمة من مسئولي القناة-،إلا أن التوفيق الأبرز كان على المستوى اللفظي، عندما وفقت في صياغة الخبر،باستخدام لفظ “استشهاد” في خبرها الأول، بينما فضلت الجزيرةتعبير”اغتيال”، ووصف أحد مصادر الجزيرة أن سبق العربية ببث الخبر طيلة هذهالمدة أصاب العاملين في الجزيرة بالارتباك، وأن هذا هو السبب المباشر فياختيارهم لفظ “اغتيال” عند بث الخبر( )، وأيضاً من الأمثلة البارزة ما تمأثناء حرب فيتنام من تلطيف للعبارات المستخدمة للتعبير عن العنف والمذابح،فالتقارير العسكرية أضحت تستخدم مفردات “التهدئة” بدل “التخريب”،و”الإنقاذ” بدل “التدمير”( )، وعموماً يقف وراء ترويج بعض المصطلحات لأشخاصأو أحداث أو أمكنة، دوائر السياسة الإعلامية، التي تسعى للتمويه وتحسينالقبيح، وجعل الحقيقة السيئة مقبولة لغوياً، كوصف الإبادة الجماعية لمسلميالبوسنة “بالتطهير العرقي”، فالأخبار كثيراً ما تستخدم بعض المفرداتبدلالات تخفي المعاني الحقيقية للوقائع والأحداث، وذلك كنوع من الإخفاءالأيدلوجي الذي يؤدي بالنهاية إلى نوع من التستر على حقيقة الواقع المعاش،وليس أدل على ذلك من استخدام مفردة “النكسة” للتعبير عن هزيمة يونيو “حزيران” 1967( ).
وهكذا تظهر مشكلة السلوك اللغوي، التي تستخدم فيها الكلمات دون ضوابطأخلاقية، مثل كيفية استعمال الكلمات، ذلك أن هذا الاستعمال قد تكمن وراءهبواعث انفعالية لا شعورية، وهذه الألفاظ حينما نضعها تحت مجهر التحليلالعلمي سنجدها تقع ضمن أساليب الدعاية النفسية التي تدعى بالعنونة( )،فللسلطة قاموس مفرداتها اللغوية، وللمعارضة قاموسها، وللمحتل مفرداته،وللمقاومة تعبيراتها، ومن هنا كان الفيلسوف الفرنسي “فولتير” محقاً حينماقال: قبل أن أبحث معك أي شيء، لا بد أن تحدد معاني كلماتك( )، وهذا لا يخرجعن ما وجده “فندريس” من أن الكتاب يصنعون بالكلمات ما كان يصنعه الملوكالقدماء بالنقود، يفرضون القيمة التي يريدونها، ويحددون لها السعر الذي علىكل فرد أن يقبله، وبذلك ينفذ فينا شيء من عقليتهم( )، ولهذا تأتي المفاهيمفي صورة مفردات أو تركيب لغوية مركزة يتم تطويعها في سياقات ذات صلة بمايعبر عن الموقف من الوقائع المقدمة( ).
إن علاقة المحرر بالألفاظ المفردة –كما يشبه الجرجاني” هي علاقة الصانعبمادته الخام، لذلك تكون القصة الإخبارية أكثر قوة وفعالية عندما يختارالمحرر الكلمات التي تتداخل وتتشابك فيها المعاني المتضمنة أو الإضافية “Connotative”، مع المعاني الدلالية أو الإشارية “Denotative”، أي المعانيالواضحة الجلية “Explicit”، مع المعاني المضمرة أو المتضمنة “Implicit”،ومن هنا ترى “ريتش” أن على المحرر أن يستخدم في صياغته الإخبارية أفعالاًقوية تفيض بالحيوية، فبدل القول “كان هناك ألاف الناس يريدون مشاهدةالبابا” قل: “اصطف آلاف الناس لرؤية البابا”، فالجمل التي تبدأ بمكان “There”، تجبر على استخدام فعل ضعيف، كفعل الكينونة “To be”، فالمصطلحاتالمهنية “Jargon”، والكلمات والعبارات المتكلفة والمستهلكة غير المفهومة “Clichés” مثل: “جدل ساخن، منافسة حامية الوطيس، تأثير لاذع”، إضافة لمايطلق عليه مدربي الكتابة من لغة مصطنعة “كلام جرايد” كلها تشبه الإصابةبنوبات قلبية صغيرة( )، وعليه تدعى الأفعال الضعيفة غير ذات الخصوصية “بالأفعال الجوفاء، Washy”، مثل: “وقع، حدث، تم”، فالحريق لا يقع بل يحرق،والانفجار لا يحدث بل يدوي ..”، وبالتالي فالابتعاد عن هذه الأفعالوالكليشهات الجاهزة المستهلكة سوف يؤدي بالمتلقي إلى اقتصاد ذهني ينعكسإيجاباً على مجمل إدراك الخبر وفهمه واسترجاعه.
ونظراً إلى حقيقة أن الجملة تتحرك على فعلها وفاعلها، فإن مسألة اختيارالأسماء والأفعال تعد جوهرية لجعلها قابلة للإدراك، وجعل مفرداتها قابلةللرؤية والتذوق والإحساس وحتى الشم( )، بالمقابل فإن اللغة هي التي تصنعالقواميس وليس العكس، وهذا يعني ضرورة عدم استخدام الكلمات الرنانة ذاتالوقع إلا بحكمة تتسم يحسن التمييز، فاستخدام مفردات مثل “كارثة، مصيبة،إخفاق تام، الذروة، الأوج الانهيار” بكثرة سوف يفقدها الحياة، ويصبح ذلكتماماً مثل “الصراخ طلباً للنجدة من الذئب حينما لا يكون هناك ذئب”( )،وبالتالي فعند دراسة مدلولات الكلمات وتغير معانيها لا بد أولاً من مراعاةالوسيلة التي تقدم بها المعلومات، فالكلمات الحية تدوي على شاشةالتليفزيون، وتقوم بوظيفة مختلفة عن تلك التي تقوم بها في الصحافة أوالراديو( )، ولا بد ثانياً من مراعاة السياق المحيط بها وموقعها من النص؛إذ تكتسب ألفاظاً معينة أهميتها بسبب موقعها السياقي، أو ترجع قيمتها إلىأهميتها النصية، البالغة بدرجة أكبر من معناها المعجمي، وكما يقول “باسكال، Pascal”، أن الألفاظ ذات الموقع والترتيب المختلف لها معان مختلفة،والمعاني ذات الترتيب المختلف لها تأثيرات مختلفة( )، ولأجل هذا يرى “برتراند سيل” أنه قبل النظر في معاني الكلمات، يجب تفحصها على أنها أحداثفي العالم المحسوس، لكن دون أن يجعلنا ذلك ننسى ما يعتبره “جون لاينز” منأنه لا يمكن فهم أية كلمة على نحو تام بمعنى عن الكلمات الأخرى ذات الصلةبها، والتي تحدد معناها( ).
لقد قام مؤسسا نظرية الأفعال الكلامية “سيرل وأوستن،Austin & Searle” بالتعليق على فرضية شهيرة وضعها “فيتجنشتاين، Wittgenstein” تحدد أن: “معنىالكلمة هو استخدامها”، أي أن العوامل الذرعية هي في النهاية التي تحددالمعنى الحقيقي للكلمات، والوحدات اللغوية الأخرى، وعليه عرف “سيرل وأوستن” التلفظ بحد ذاته على أنه: “فعل أو ممارسة أو تصرف، ويتوقف عليه بشكل أساسيبناء ما يمكن تحقيقه من العمل اللغووي، بمعنى: “كيف تؤدي الأشياءبالكلمات، How to do Things With Words”، حيث أنه بنطق كل جملة مفردة يتمجزء من الأحداث (الأفعال) المختلفة لرسالة النص( ).
ويعرف “إيزنبرج، Isenberg” الوظيفة الاتصالية لفظياً بأنها مجموع كل الصفاتفي الجملة الهامة لبناء النص، التي لا يمكن تلخيصها لبناء دلالي أو معجميأو نحوي أو فونولوجي، فهي تضم كل هذه الوحدات المركزية، وبالتالي تصبحالمفردات والألفاظ التي تستخدم في الأخبار الاتصالية من أهم أبنية النصوتسمى “أبنية المقاصد”، مثلها مثل بناء الخبر ككل، وتضمين معلومات دون سوهافيه، لأنها تحدد مقصد المرسل ونيته، وبالتالي تقسم هذه المفردات إلى ألفاظالأحداث التالية:
- أحداث القول: مثل أفعال ومصطلحات: “التصريح والادعاء والقول والتبيينأو إظهار البيان، والتأكيد ..”، فاللغة تتضمن عشرات المفردات التي تشير إلىالقول، ولكل منها معنى يحدده التزام المحرر بالدقة، فكلمة “كشف” تشير إلىالقول عن ما كان سراً، وكلمة “أدعى” تشير إلى محاولة تصحيح انطباع خاطئ،كما تشير مع كلمة “زعم” إلى التشكيك بقول القائل، لذلك يرى “كورتيسماكدوغال” أستاذ الصحافة بجامعة “نورث ويسترن”، أن على المحرر أن يترددكثيراً في استخدام أفعال “غير محايدة” مثل: “أكد، أوضح، صرح، أشار، بيّن،أدعى، اعترف، استكشف، أهان، اعترض، زأر، حاول، صرخ، هدد، همس، لاحظ، طالبأنكر”( ).
- الأحداث اللغوية المقننة اجتماعياً: مثل أفعال ومصطلحات: “الشكروالتهنئة والاعتذار والتأسف والتفويض والتهديد والوعيد والوعد والرفضوالتصحيح والنفي والإقرار .. ..”.
- الأحداث اللغوية ذات النتائج الاجتماعية: مثل أفعال ومصطلحات: “الاستقالة والإهداء والافتتاح والإعلان والرثاء والمدح والتسبب والرجاءوالأمر .. ..”.
- أحداث النداء: مثل أفعال ومصطلحات: “الطلب الملح الموجه لإتباع معايير معينة”.
- أحداث رد الفعل: مثل أفعال ومصطلحات: “الجواب والنقض وحل التعقيدات .. ..” ( ).
- أحداث القول المرافقة للظروف: مثل ما يأتي بعد فعل القول: “قالمتهكماً، متجهماً، متعمداً، بغضب، بهدوء، بعدم اكتراث، بضيق، باستفزازية.. ..”.
ولا تخرج طبيعة هذه الأفعال عما وجدته نظرية الكلام التي قسمت الفعل إلىثلاثة أنواع، هي: فعل التكلم، بمعنى إنتاج بينة من الكلمات، وفعل الحديثلخلق جوا تفاعلياً بين المتحدث والمتلقي، كالوعد والتحية، والتفاخر، وفعلأفعال الكلام المؤثر الذي ينتج تأثيرات مقصودة في السامع الخوف والإقناع( )، وبالتالي تحدد هذه الأحداث “صيغة الاتصال” من خلال “صيغة المعلومة” فيالأخبار، والتي ترجع إلى أبنية النظائر في النصوص، مثل صيغة الإقراروالإبلاغ، أو التوضيح، أو الربط، وغيرها من الصيغ المكملة( ).
إن إدراك المعلومات يتم عبر نماذج ذهنية أكثر مما يتم عن طريق التفكيكالمعنوي للمفردات، لكن هذا لا يمنع أن بعض المفردات لها تأثير أكبر علىالإدراك والاسترجاع، كون أن مفردة دون سواها تسهم في تكوين النموذج الذهنيللمستقبل، فقد وجد “أندرسون، Anderson” وزملاؤه أن كلمة “قرش” تسهم فيإدراك خبر عن رجل تعرض لهجوم في البحر أكثر من كلمة “سمكة” تهاجمه، كون أنهذه المفردة تساعد المستقبل على تكوين نموذج ذهني يكون فيه الحدث والعناصرذات العلاقة ممثلة( ).
وعادة يقوم بإنجاز الأفعال اللغوية فرد أو جماعة، كما يمكن أن توجه إلى فردأو جماعة أو مؤسسة، وهذا ما يمكن من طرح مسألة : الاستيعاب الاجتماعيللمعلومات”، فمثلاً حدد “إدجار دال وجين شال، J. Chall & E. Dale” قائمة تتضمن ثلاثة آلاف كلمة إنجليزية تحدد مستوى صعوبة وقوة الكلمة( ).
إن الحركة الفكرية الداخلية للمرسل لا تتجلى إلا من خلال صياغة لغويةخارجية، وهذه الصياغة تعتمد المفردات ركيزتها الأولى، ثم يتم دفعها إلىالسياق لتأخذ طبيعة جملية، ثم تندفع من هذا السياق الأصغر إلى السياقالأكبر لتشكيل معنى الرسالة( )، ومن هنا يتحدد دور المفردات “المفتاحية” فيالكشف عن توجه المحرر عندما يشكل رموز رسالته الخبرية، سواء الكلماتالمتعمدة أو اللاشعورية التي تتشكل تلقائياً في رسالة مفترض أن وظيفتهاإخبارية بحتة، وليس توجيهية أو تحليلية.
نهاية المقال
أم سلمة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،

يبدو أن الكاتب قد تجاهل تماما أن تغيير المفردات بحسب " اللعبة " ، و هذا هو واقع القضية و ليس العكس ، هو تلاعب بالعقول و تأثير على رأي عام ، و توجيه له في مسار محدد ، ليخدم مصلحة القائمون على الوسائل الإعلامية المختلفة التي تقوم بما يمليه عليها النظام الحاكم الذي أنشأها لخدمته ! و هذا يدل على خبث كبير في التعامل مع المتلقي و في التناول الإعلامي للقضايا ، مما يُفقد الإعلام مصداقيته و جعل تعامله مع المتلقي في شكل سياسة إستغبائية .

و نهاية كون هذا المقال كُتب ونُشر ليكون دراسة يتخذها الإعلاميون في المجال ، يفضح أن دور الإعلامي عند كاتب المقال و المركز الذي ينتمي إليه ، يفضح أن دور الإعلامي هو أن يكون مجرد ببغاء لا عقل له !
عبدالرزاق بن محمد
الدراسة النظرية وباطن الكتب شيء واعلام المصالح وتوجه الانظار والتحكم بالعقول شيء اخر
.
Invision Power Board © 2001-2024 Invision Power Services, Inc.