السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،
قضت المحكمة الإبتدائية قبل قليل في ملف ما صار يعرف بقضية حزب التحرير الإسلامي بعد 04 ساعات من المرافعات وتأمل دام 05 دقائق ببراءتهم جميعا من تهمة الدعوة إلى مؤامرة لم تقبل، وإذتة إثنين منهم من أجل تلقي أموال أجنبية للمس بسلامة الدولة الداخلية وحكمت عليهما من أجل ذلك ب 10 أشهر حبسا نافذا، ويتعلق الأمر بالسيدين نجيم التهامي و سعيد فؤايد، في حين سينعم السيد منير الدغوغي بالإفراج بعد لحظات لتبرئته
وإنه بالقدر الذي كان الحكم قاسيا، فهو لم يكن منسجما ومنطبقا لصريح فصول القانون وقواعد التجريم والعقاب، وسوف يجد محرر الحكم صعوبة بالغة في تعليل الإذانة التي كان من المفترض أن تكون براءة تامة ..... ومرة أخرى نقول بأننا فشلنا في امتحان التدليل على استقالية القضاء للأسباب التالية
أولها: الظرف الزمني الذي نشأ فيه هذا الملف إذ تم اعتقال المتهمين بتاريخ 03 فبراير 2012 الذي كان يطلق عليه الكثير من الحقوقيين والسياسيين أنه تاريخ المصالحة الجديدة للمخزن مع الإسلاميين، ذلك أنه التاريخ الذي بوشرت فيه إجراءات العفو على زعماء السلفية الجهادية بالمغرب على خلفية أحكام قضايا الإرهاب، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول من المستفيذ من استمرار توثر العلاقة بين النظام السياسي المغربي وتشكيلات المشهد الإسلامي بالمغرب، خصوصا وأن أعضاء حزب التحرير الإسلامي ينشطون منذ سنة 2002 وأن وزير العدل والحريات الحالي كان صرح أكثر من مرة بأن هذا الجسم الإسلامي لا يخشى منه شيء كونه لا يتبنى خيار العنف
ثانيا : أن ملف القضية خال من وسائل إثبات حقيقية تدعو إلى الإذانة، خصوصا وأنه ثبت من خلال التحقيق في الملف ودراسته والمناقشة العلنية أن أدبيات هذه الحركة تنبذ العنف، وأن المنشورات التي بوشر توزيعها تعبر عن موقف فكري وسياسي من فشل السياسات العامة بالمغرب، وعدم ترقب أي إصلاح مع حكومة بنكيران، وأن مستقبل الإصلاح مرهون بتبني الإسلام في كل الحياة العامة المغربية، وهو مايجعل جوهر القضية انتهاك السلطة المغربية لحرية الفكر والرأي كما هي منصوص عليها في الفصل 25 من الدستور الجديد والفصل 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، هذا فضلا على انتفاء أي قرينة تفيذ قيام أحد عناصر الفعل الجنائي المنصوص عليه في الفصل 206 من القانون الجنائي موضوع الإذانة
ثالتا: أن مواقف هذا التنظيم من السياسات العامة بالمغرب تتقاطع مع عدد من الأحزاب منها المشارك في البرلمان الحالي ومنها غير المشارك، فضلا عن تشكيلات وتنظيمات متعددة من النسيج السياسي والمدني المغربي، وهو ماتنهض معه هذه المتابعة والمحاكمة تمييزا سافرا ينطبق عليه مدلول المادة 02 من إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز... في حق هذه المجموعة البشرية بسبب خياراتهم الفكرية
رابعا: إن الحملة التي شنتها وزارة الداخلية على المتهمين فور إلقاء القبض عليهم وتعميم بلاغ تصدر أغلب الجرائد الوطنية ناعتا إياهم بالغالين والمتطرفين وأصحاب فكر تخريبي، وذلك قبل التحقيق معهم واستجلاء حقيقة الملف لحو أكبر تأثير على مسار القضية، ودعوة إلى كراهيتهم وتأجيج الحقد ضدهم خلافا لصريح المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه المغرب واعتبره الدستور الحالي قانونا أسمى من القانون الداخلي، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول حقيقة التزام المغرب بحقوق الإنسان وبالمواثيق التي صادق عليها والتزم دوليا باحترامها
ولنا عودة مع هذا الموضوع بعد أن يحرر حكم الإذانة، لنقول فيه قول.
المهم أن المغرب وهو يستثني جماعة من أبنائة من حرية التفكير والرأي السلميين يخلق استثناء فاضحا في التشبت بمنضومة حقوق الإنسان، ويظل سجين الدوران في الحلقة المفرغة التي تعوق حالة الانطلاق الحقيقي نحو مجتمع ديمقراطي حــــر
والمهم أيضا أن هذا الملف وهو ينطق بمتابعة مبنبة على تحريف قاضي التحقيق لبعض الوقائع ليبرر متابعة الأظناء، ونطق المحكمة بإذانة لم يظهر خلال مراحل القضية أي مبرر أو دليل لاعتبارها ليوحي أيضا بأن نتخلف يوما عن يوم بخصوص ولادة رجال أقوياء قادرين على فرض وضمان استقلال القضاء بالمغرب
سعيد بوزردة المحامي
عضو هيئة دفاع أعضاء حزب التحرير
http://www.facebook.com/notes/said-bouzerd...438902702795869