حسن الظن في تناول الأحداث السياسية هذه الأيام نوع من الغباء السياسي
===================
عندما يقوم المحلل السياسي بتحليل خبر معين فإنه لا يحلله إلا بناء على ما ورد إليه من أخبار وتصريحات وأفعال وما عنده من معلومات سابقة عن الحدث وبناء على القاعدة الفكرية التي يزن الأحداث بها الأحداث وهي عندنا كمسلمين يجب أن تكون زاوية العقيدة الإسلامية، ولا يعتمد نهائيا على موضوع حسن الظن بالقول: ((أن هذا الرئيس الذي يصرح بالعلمانية ويحكم بالعلمانية ويدعم العلمانية ويحارب من يحارب العلمانية)) لا أظن المحلل السياسي الواعي يقول أن هذا يريد تطبيق الإسلام لأننا يجب أن نحسن الظن بهذا الإنسان المسلم لأن الإسلام يأمرنا بحسن الظن بالمسلمين والسبب لإحسان الظن به أننا رأيناه سابقا يصلي ويصوم ويقرأ القرآن.
حسن الظن مكانه التعامل مع الأفراد، أو عند عدم وجود أي أخبار عن الحدث أو وجود أخبار قليلة اتجاه أمر معين أو أن الأخبار التي وصلت مشكوك فيها.
فالأصل أن تكون العلاقة بين المسلم وأخيه المسلم علاقة فيها حسن ظن، وهنا أتكلم عن الأفراد، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: ((إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلاَ تَحَسَّسُوا ، وَلاَ تَجَسَّسُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا.((
أخرجه أحمد 2/312(8103) و\"البُخاري\" 6064 وفي \"الأدب المفرد\" 410.
أما إن ثبت الخبر حتى عن الفرد فيمكن اتهامه، فمثلا لو أن شخصا يسكر علنا في الشارع وقلت أن فلان يسكر، فهذا ليس سوء ظن به لأنه مجاهر بالمعصية، أما إن سمعت أخبارا غير أكيدة أو غير موثوقة عنه وبدأت بتردادها فهذا هو سوء الظن المنهي عنه.
أما فيما يتعلق بالحكام فموضوع حسن الظن يختلف، فنحن نعاملهم على ما يصدر منهم، فلو أن رئيسا يصرح بالعلمانية ويحكم بالعلمانية ويدعم العلمانية ويحارب من يحارب العلمانية، فالموضوع ظاهر انه معادي للإسلام وبلا خلاف، ويصبح التشكيك بأعماله التي فيها خير لصالح الإسلام هو الأصل، وهذا نوع من المحاسبة المفروضة على المسلمين، فان أراه يمدح الخلافة العثمانية أو يمدح المجاهدين والمقاومين ... وكل أعماله وتصريحاته معادية للإسلام فالأصل أن أكذب تصريحاته بحبه للخلافة وتصريحاته بحبه للجهاد والمجاهدين.
أما إن كان هناك خليفة للمسلمين يحكم بالإسلام ويدعو للإسلام ويجاهد الكفار ويحارب من يحارب الإسلام، ثم سمعت عنه خبرا غير مؤكد انه فعل حراما، فالأصل هنا أن أحسن الظن به ولا أصدق الخبر حتى أتأكد منه، فإن ثبت وجب محاسبته على الفور على هذا المنكر، بالنصيحة إن كان خفيا وبالعلن إن كان علنيا أو يمس الأمة بشكل عام.
ولذلك من يطلب منا أن نحسن الظن بأردوغان أو ببعض الحركات المقاتلة التي نراها مرتمية في أحضان المجرمين فهذا نوع من الغباء السياسي أو الجهل عند العامة من الناس، وكل خبر خير عنهم الأصل أن أشكك فيه، إلا إن حصل تغيير جذري عندهم، فعندها لكل حادثة حديث.
وهذا لا يعني إلصاق كل حادث بهم لأنهم يحكمون بالعلمانية، فان يقال مثلا أن احد الحكام قتل مئة داخل السجون... فأصدق الخبر فورا عنهم لأنهم مجرمين، فهذا أيضا لا يجوز، بل يجب التروي في قبول كل خبر والتأكد منه وإن كان لا يستبعد عنهم ذلك، ولكن الأكيد وبدون تردد أن يقال أنهم أعداء لدين الله لحكمهم بالعلمانية أو أنهم خونة لارتمائهم في أحضان المجرمين، فهذا يمكن إطلاقه في كل وقت لأننا نصف واقعهم ولا نظلمهم، وكشف أمرهم فرض علينا، ولا مكان هنا لموضوع إحسان الظن بهم، فهذا هو واقعهم، بل إن السكوت عنهم إثم ولا يجوز لنا كمسلمين السكوت عن المجرمين.
https://www.facebook.com/permalink.php?stor...145478009128046