[color="#000000"][/color]
دعاء
سألتُكَ في ليالٍ حالكاتِ = إذا ما الناسُ راحوا في سُباتِ
رجوتُ رضاك لا مِنْ جَنْيِ عمري = ولكن أنت ربُّ المكرُماتِ
إلهي جُدْ عليَّ بفضلِ عَفوٍ = فما إلّاك يغفرُ سيئاتي
إلهي ما يكونُ القولُ مني = عَشيّةَ يحتوي رَمْسي رُفاتي؟
إلهي كيف أحيا مطمئناً = وأنّ حسابَ يومِ البعثِ آتِ؟
إلهي إنني أشكو اغتراباً = بعصرٍ قد تَفجّرَ بالعُصاةِ
فسَدِّد ربِّ وامنحني يقيناً = وعِلماً عاصماً حتى المماتِ
عبَدتُكَ ، ما أراك ، فطِبْتُ نفْساً = وأحسستُ السعادةَ في صلاتي
فكيف إذا رأيْتُكَ ربِّ نوراً = تجلَّى في الجنانِ الخالدات؟
نَظَمْتَ الأرضَ والأجْرامَ نظْماً = وجئتَ لنا بآيٍ باهراتِ
وأوْدعتَ العقولَ بنا فكنّا= بلا فخرٍ سَرَاةَ الكائناتِ
عبدتُكَ مُوقِناً بجزيلِ فضْلٍ = عَلَيَّ ورحتُ أَجْهدُ في ثباتِ
ولكنْ كيف أبلُغُ مِنكَ شُكراً ؟ = وهل تجزيكَ كلُّ الصالحاتِ؟
إلهي كُنْ على الأيّام عَوْناً = وَجَنِّبْني الوَبَى والموبِقاتِ
لقد ألزمتُ نفسي كلَّ قيْدٍ = وجُلُّ الناسِ في شَرِّ انفلاتِ
أكُفُّ هوايَ إلا عنْ حَلالٍ = وأُرْخِصُ في رضا ربي حياتي
وخِفْتُكَ ما أرى للخوْفِ دَفْعاً = وخوفُكَ فوْقَ خوْفي مِن عِداتي
أروحُ أجيءُ أمكُثُ لا أُبالي = وبي صَبْرٌ فلا تبدو شَكَاتي
إلهي رضِّني بقليلِ رزْقٍ = فلا أُدْعى لإخراجِ الزكاةِ
إلهي إنما الدنيا سَرابٌ = وَمَلْهاةٌ عن الماءِ الفُراتِ
فَزَهِّدْني بسوءِ الأرضِ حتّى = إلى الأُخرى أكونُ منَ السُّعاةِ
وأَبْقِ على حياتي دون قَطْعٍ = بقَتْلٍ في سبيلكَ في غَزَاةِ
رجوتُكَ ربِّ أنْ أحيا بسيطاً = مع المسكين لي أقوى الصِّلاتِ
وجَنِّبْني التكبُّرَ واهدِ قلبي = إلى حكم التفكّرِ والصُّماتِ
وضَعْ في الأرض لي ذِكراً ليبقى = ويُعْقِبُني بأحلى الذكرياتِ
رَجَوْتُكَ صحةً في الجسم حتى = أُحقّقَ فيه في الأخرى نجاتي
وإنْ حَطَّ السَّقامُ رَجوْتُ صبري = يُعوّضُني الثوابَ عن الفواتِ
أمَنّي النّفْسَ بالعُقبى ولكنْ = أرى العُقبى بعيْنِ الحادثاتِ
وإن لم تكْفِ أعمالي وخَفّتْ = لجأْتُ إلى شفيعاتي بناتي
وإن لم يُغْنني هذا وهذا = فأنْتَ الغَوْثُ عند المُغْلَقاتِ
جَلَلْتَ عن الإحاطةِ لستُ أقوى = عليها حيثُ ما أدركتُ ذاتي
أنا المخلوقُ دونكَ لمْ أَكُنْهُ = وأنت اللهُ ربُّ المُحْدَثاتِ
فكيف فكيف يَقْوَى قُرْمُطِيٌّ = وصُوفيٌّ وجمهورُ الغُلاةِ ...
على دعوى التّأَلُهِ ؟ هل تراهم = يُعيدون الحياةَ لجلدِ شاةِ؟
أمَا أكلوا الطّعامَ وأخرجوه ؟ = ألَيْسوا مِنْ وِلادةِ أُمّهاتِ؟
فسبحان العَلِيِّ وجَلَّ ربي = عن التشبيهِ أو تلكَ الصّفاتِ
إلهي كُفَّ عَنّي شَرَّ شرٍّ = وجَنِّبْني فسادَ الفلسفاتِ
عَكَفْتُ على كتابكَ مُستمدّاً = من الآياتِ أقوى البَيّناتِ
بإنّك لا إله سواكَ حقّاً = وأنّ سِواكَ أحلاسُ الهَنَاتِ
وإنّ دعاء عبدٍ مُستغيثٍ = يُجَابُ لدى مُجاوَزَةِ اللَّهَاةِ
فأكْرمني بمثلِ دُعاءِ سَعْدٍ = دعا فأصابَ سَهْمٌ مِن رُماةِ
دعوْتُ إلى الخلافة مُستجيباً = لأمْرِكَ وانضممتُ إلى الدُّعاةِ
وقد عانيْتُ حَبْساً بعد حَبْسٍ = وتعذيباً على أيْدي عُتاةِ
تَحَمّلْتُ الأذِيّةَ صابراً ، ما = وَهَنْتُ أنا وما لانَتْ قَناتي
إلهي ساءتِ الأحوالُ حتى = ابْتُلِينا بالعديدِ من الفئاتِ
شُيوعيٌّ وبَعْثيٌّ وبانٍ = وقَوْميٌّ وسلّةُ مهملاتِ
وراح الشّرُ يصفعُ كلَّ خيْرٍ = ورُحْتَ تَرَى جميعَ المُنكراتِ
وليس سوى الدُّعاةِ يُراد منهم = مُجاهدَةً على كلّ الجهاتِ
إلهي طالَ مَسْرانا فَأرْسِلْ = إماماً بالشُّموعِ الهادياتِ
أرانا – المسلمين – وقد هُزِمْنا = وصِرْنا كالفِراخِ مع البُزَاةِ
فأكْرمْنا بِنصْرٍ منك وابْعَثْ = إلينا عاجلاً خَيْرَ الوُلاةِ
السبت في 16 من رمضان 1406
24 | 5 | 1986
شعر أبي إياس ـ محمود بن عبد اللطيف بن محمود ( عويضة ) .
منقول عن : منتدى الزاهد