د. أحمد إبراهيم خضر
تنبه المراقبون والباحثون الغربيون مؤخراً إلـى أن تغلغل النفوذ الإسلامي بين فئات الشعب المختلفة ليس أمراً اعتباطياً أو مجرد تحركـــات تحـكـمـهـا العاطفة نحو الدين، وإنما هو محصلة استراتيجية جديدة أطلق عليها (أوليفيه روا) عــدة مـسـمـيات منها: استراتيجية قرض المجتمع في العمق أو في الداخل، أو السيطرة مجدداً على المـجـتـمــــع عـبـر العمل الاجتماعي أو سياسة تثمير العمل الاجتماعي على صعيد العادات والممارسات وعلى صعيد الاقتصاد، وأخيراً استراتيجية (النطاقات المؤسلمة) على غرار المناطق المحررة، كـمـــا كان الحال لدى حركات التحرر في الماضي(1).
لاحظ (روا)، وغيره من الباحثين الراصدين لتطورات الحركة الإسلامية أن هذه الحركة في جمـلـتـهـــــا، باستثناء بعض فصائلها ومجموعاتها المتشددة، قد غيرت من استراتيجيتها واتخذت تعبيراً جديداً محافظاً متلوناً أعادت فيه ترتيب الأولويات؛ ليصبح (الاجتماعي) أولاً يتلوه (الـسـيـاسي) أو يصحبه أو يتباعد عنه مؤقتاً، مع عدم اللجوء إلى أي تشكيك في الدولة، فالهدف هو عودة الناس إلى ممارسة الإسلام على أن يرافق ذلك حركة اجتماعية من (تحت)، دون الـمـرور بالدولة والسلطة، أي أسلمة المجتمع من جديد عبر (القاعدة)، وليس عبر (القمة)، وبمـعـنـــى آخر: أن الحركة الإسلامية قد حولت خطابها من خطاب حول (الدولة) إلى خطاب حول (المجتمع).
خالد زروان
إن "حرب الأفكار" ضد الإسلام كمبدأٍ ونظام للحياة والتي أفصح الغرب بقيادة أمريكا عنها منذ عشريات من الزمن عن طريق زعمائها ومفكريها، لم يكن لمبدأٍ مهتريء قد أسس على جفا جرف هار، الذي هو الحل الوسط، أن يقوم بها ذاتياً. فلقد سارت الرأسمالية بقيادة أمريكا، بسبب العجز الفكري الذاتي، في احتوائها لصعود الإسلام عن طريق الاستباق السياسي- العسكري، ثم تراأى عجز ذلك الخيار خصوصاً بعد إحتلال أفغانستان ثم العراق عسكرياً، فتم تطوير خيارات جديدة أهمها "حرب القيم". فما الفرق بين "حرب الأفكار" التي حسمت بخسارة فادحة للرأسمالية أمام أفكار الإسلام، والخيار الجديد الذي هو "حرب القيم"؟
إن المبدأ الرأسمالي قد بني على عقيدة الحل الوسط بين الكنيسة والإقطاع. فهو لم يكن نتيجة حسم عقلي في اسئلة العقدة الكبرى كما حسم الإسلام بطريقة عقلية. وإنما كان نتيجة للإلتواء أيضاً على ذلك البحث العقلي وذلك بتجاهل أي دور للخالق في الحياة -رغم إعترافه به- فصلاً للصراع بين الكنيسة والإقطاع.
د. أحمد إبراهيم خضر
الإلحاد كما يقول (القرطبي): هو التكذيب. وأصل الإلحاد في لغة العرب هو العدول عن القصد، والجوْر عنه والإعراض، ويستعمل للإشارة إلى كل معوج غير مستقيم، وقيل: إنه الكفر والشرك.
الإلحاد نتيجة لازمة لحالة النفس التي استنفدت كل إمكانياتها الدينية، فلم يعد في وسعها أن تؤمن. والإلحاد في الغرب كما يقول (عبد الرحمن بدوي) يتجه مباشرة إلـى «الله» وينكر الدين. وعلى هذا الأساس نجد أن المفاهيم الغربية: كالتنوير، والعقلانية، والنفعية، والعلمانية، والوضعية: التجريبية والمنطقية والإمبيريقية والبراجماتية والحداثة وما بعد الحداثة...إلخ: كلها مفاهيم أساسها إلحادي، ومن ثم فهي غير محايدة.وهي شديدة التداخل بعضها مع بعض، وفدت إلينا من الغرب، وانفعل وتفاعل معها بعض باحثينا، رغم أنها جميعاً وبلا استثناء تصب في نهر واحد: هو معاداة الدين، ومحاولة فصل الأخلاق عنه.
خالد إبراهيم العمراوي
إن انهيار الدول، أو هدمها ومحوها من الوجود، وشطب اسمها من قائمة الدول، أمر ممكن. إذا ما تراكمت على دولة ما جملة من المشاكل، وظهرت عليها الأعراض التي تنبئ بقرب انهيارها وزوالها. من مثل التخلف الفكري، والانحطاط الخلقي، والفساد السياسي في الحكم والإدارة ورعاية الشؤون، وسوء التصرف في الثروات والخيرات، والفساد في العلاقات، وانعدام الأمن والاستقرار، وتفكك أواصر الوحدة بين أطياف المجتمع، وترادف الأزمات الداخلية والخارجية. فهذه كلها علامات تدل على بداية انهيارها التدريجي إلى أن تسقط وتندثر.
إقرأ المزيد: حتمية فشل حكام هذا الزمان في طمس نور الإسلام، وثني العاملين عن إقامة الخلافة
سيف الـدّيـن عـابـد
مذ خلق الله سبحانه وتعالى الخلق وهو يختار للناس خيارهم ليكونوا قوّامين عليهم، هداة لهم بعد أن صقلهم ربّهم بأحسن الصفات، وأرفع الأخلاق، وأنشأهم على عين بصيرة، ليكونوا مهديين ثمّ للعالمين هداة.
صنع آدم عليه السلام على عينه، فكان أول البشر الّداعين إلى الله، ثمّ توالت الأيام وانقلبت السنون، وتلاحقت القرون، فلم يخلُ قرنُ ُ من الهداة المهديين، الداعين إلى الله على عين بصيرة، الذين يُصلحون ما أفسد الناس، يقوّمون المعتقد، ويحيون الموات من القيم الرفيعة، والشيم الحميدة، والأخلاق الكريمة.
كما لم يخلُ زمانُ ُ من أراذل الناس، الوضيعين فكراً ومعتقداً وأخلاقاً
إقرأ المزيد: لا ينزلنّ الذليلُ بأرضنا ولا يقعدنّ الوضيعُ مقاعد الكرام
المزيد من المقالات...
الصفحة 26 من 28